إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) قوله تعالى: إن الإنسان لفي خسر هذا جواب القسم. والمراد به الكافر; قاله ابن عباس في رواية أبي صالح. وروى الضحاك عنه قال: يريد جماعة من المشركين: الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، والأسود بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العزى ، والأسود بن عبد يغوث. وقيل: يعني بالإنسان جنس الناس. لفي خسر لفي غبن. وقال الأخفش: هلكة. الفراء: عقوبة; ومنه قوله تعالى: وكان عاقبة أمرها خسرا. ابن زيد: لفي شر. وقيل: لفي نقص; المعنى متقارب. وروي عن سلام والعصر بكسر الصاد. وقرأ الأعرج وطلحة وعيسى الثقفي خسر بضم السين. وروى ذلك هارون عن أبي بكر عن عاصم. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة العصر - الآية 2. والوجه فيهما الإتباع. ويقال: خسر وخسر; مثل عسر وعسر. وكان علي يقرؤها ( والعصر ونوائب الدهر إن الإنسان لفي خسر وإنه فيه إلى آخر الدهر). وقال إبراهيم: إن الإنسان إذا عمر في الدنيا وهرم ، لفي نقص وضعف وتراجع; إلا المؤمنين ، فإنهم تكتب لهم أجورهم التي كانوا يعملونها في حال شبابهم; نظيره قوله تعالى: لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين. قال: وقراءتنا ( والعصر إن الإنسان لفي خسر وإنه في آخر الدهر). والصحيح ما عليه الأمة والمصاحف.
تفسير والعصر ان الانسان لفي خسر
ثم ذكر لنا تعالى أن السحب إنما تسير في وجهة معيَّنة لا تجاوزها ولا تعدوها، فقال:
{فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً}:
والفاء الواردة في أول كلمة (السَّابِقَات) في هذه الآية إنما تبيِّن لنا أن هذه السحب في سبحها وضمن هذا السبح يجري السباق بينها إلى أمكنتها. والسَّابِقَات: جمع سابقة مأخوذة من سبق بمعنى: تقدَّم غيره، تقول: سبق فلان فلاناً، أي: تقدَّمه وخلَّفه وراءه. والمراد بـ (السَّابِقَاتِ) هنا قطع السحاب من حيث جريها بنظام وفي اتجاهات معيَّنة، فترى طلائعها تجري متقدِّمة، وتتبعها السحابات الأخرى متلاحقة متسارعة، حتى تبلغ هدفها وتصل إلى البلدة المعيَّنة لها، فإذا هي بلَغَتْها خيَّمتْ في سمائها واتصلت ببعضها. العصر ان الانسان لفي خسر. أما كلمة (سبقاً): فإنما تبيِّن نوع السبق من حيث كونه متتالياً ومبنياً على نظام. وبعد أن بيَّن لنا تعالى ما بيَّن، وبعد أن عرَّفنا بذلك النظام الذي بموجبه تنزل الأمطار، والتي تتوقف عليها حياة الكون أراد تعالى أن يعرِّفنا بأن هناك يداً عظيمة هي التي تدير الحركة وتؤمِّن السير وتقوم بهذه الأعمال التي تتوقف عليها الحياة، فقال تعالى:
{فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً}:
والْمُدَبِّرَات: جمع مدبِّرة وهي مأخوذة من دبَّر، تقول: دبَّر القائد الخطة، أي: حضَّرها وهيأها.
والعصر ان الانسان لفي خسر
وقد مضى الرد في مقدمة الكتاب على من خالف مصحف عثمان ، وأن ذلك ليس بقرآن يتلى; فتأمله هناك.
العصر ان الانسان لفي خسر
هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features
ويكون ما نفهمه من كلمة (وَالنَّاشِطَاتِ) الواردة في هذه الآية: أنها بمعنى الرياح التي تحمل تلك الأبخرة من سطح البحر مارَّة بها في طبقات الجو بخفّة ونشاط حتى تصل بها إلى الطبقة المعيَّنة لها في السماء، أما كلمة (نَشْطاً): فإنما تشير إلى أن عمل هذه الرياح إنما هو مبني على أنظمة، وفي أوقات محدودة، وبسرعة معينة، وبصورة لطيفة، إلى غير ذلك مما تتَّسع له كلمة (نَشْطاً) التي جاءت مطلقة غير مقيَّدة بوصف من الأوصاف، ثم لفت تعالى نظرنا إلى السحب فقال تعالى:
{وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً}:
والسابحات: جمع سابحة، مأخوذة من سبح بمعنى: عامَ وانبسطَ وتنقَّل تقول: سبح الرجل في الماء. والطير في الهواء. والمراد بالسابحات هنا قِطَعُ السحاب التي تسبح في السماء عائمة على متن الهواء ؛ وكلمة (وَالسَّابِحَاتِ) إنما تُلفت نظرنا إلى التدقيق في الكيفية التي تجمَّعت بها ذرَّات الأبخرة المتفرِّقة فأصبحت سحابةً ذات كتلة مؤتلفة متجاذبة. {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً، وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً} - موقع العلامة الإنساني محمد أمين شيخو قدس سره. لنتساءل من الذي ألَّف بين هذه الذرَّات فجعل منها غيوماً سابحات. أما كلمة (سبحاً): فإنما تشير إلى أنواع هذا السبح من حيث كونه لطيفاً، إذ القطعة الواحدة من السحاب قد تحمل بين طياتها قناطير مقنطرة من الماء، ومع ذلك فهي تجري بيسر وخفة، فلا يُسمع لها صوت، ولا تزعج في سيرها أحداً ؛ ومن حيث كونه مترابطاً فترى السحابة تأتي ومن ورائها سحابة وسحابة كأنها قطعات من جيش ارتبطت كل وحدة من وحداته ببعضها بعضاً تمام الارتباط، وهكذا إذا أنت تتبَّعت هذه الكلمة وجدتها جامعة لمعانٍ عديدة لا يعلمها إلا الله.