توجه الثعلب الماكر إلى مالك الحزين وهو متبختر بجناحيه ومشيته على شاطئ النهر ، فوجّه إليه أسئلة في المنطق واختبره. هنا أخذ الغرور مأخذه من مالك الحزين فأعماه عن كل حذر وتريّث ، فكانت سذاجته أشد من صاحبته الحمامة ، فجنى على نفسه وأضحى وجبة دسمة عوّض بها الثعلب فراخ الحمامة. الناصح المغفل
لقب استحقه مالك الحزين بجدارة ، فقد قدم النصيحة للحمامة وأعطاها سبل النجاة وحيلة التخلص من مكر الثعلب ، في حين نسي نفسه ولم يعمل بنصيحته ، فكان ناصحا مغفلا وبشرف. وكأني بالكاتب تعمد هذه النهاية البائسة لمالك الحزين ، وذلك لأخذ العبرة لكل من ينصح غيره ، ولا يرى ذلك لنفسه. أما الحمامة في مثال لكل مستضعف يؤمن بأن الظلم قدر محتوم ولا يكلف نفسه عناء محاربته أو على الأقل مواجهته.
قصّة حمامة قلبها ينزف. أما الثعلب الماكر فهو مثال لمن أغواهم الجشع ، فاستغلوا كل الطرق من أجل النهب والسرقة ، والدوس على القيم والمبادئ في سبيل تحقيق أهدافهم. رسالة عميقة تحملها قصة الحمامة والثعلب ومالك الحزين ، ووجب أخذ العبرة منها والتفكر في حكمها ، وإلا كنا حمائم وثعالب.. أو بالأحرى مالك الحزين! مصادر:
– كليلة ودمنة ( ابن المقفع).