قالوا ما جاءنا أحد! وإذا بهم لم يمنعوا الزكاة وليس عندهم مشكلة ولم يأتهم أحد وجاؤوا مستفسرين يا رسول الله نحن نريد أن ندفع الزكاة فنزلت هذه الآية. وكادت تقع فتنة بسبب هذا الموقف الذي فعله الوليد بن عقبة وكادت تحدث فتنة. والذي يُخاطَب بهذا هو النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كادت أن تقع فتنة وكاد النبي صلى الله عليه وسلم أن يرسل إليهم من يقاتلهم ويقتلهم دون أن يتثبت من حقيقة ما قاله الوليد سامحه الله. فالله سبحانه وتعالى قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) وهذه الآيات التي تبدأ بهذا الوصف تنادي في الإنسان وصف الإيمان وتستحث في نفسك أفضل ما فيك من معاني الرجولة والانقياد والاستسلام لأوامر الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) يا من اتصفتم بصفة الإيمان بالله وآمنتم بالله ورسوله (إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا). قال (فاسق) والفاسق يطلق على من يرتكب الصغائر من الذنوب ويطلق على الكافر بالله سبحانه وتعالى فاسق. ولذلك الفسق في اللغة هو الخروج أخذته العرب من قولهم "فسقت الرطبة" إذا خرجت الرطبة من قشرها. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الحجرات - الآية 6. ويقولون فسقت الفأرة إذا خرجت من جحرها للإفساد. فالفسق في اللغة هو الخروج لكن قد يكون الخروج بمعصية يسيرة فيكون خروجاً يسيراً ليس مكفِّراً وقد يكون خروجاً تاماً من الدين فيكون كفراً ولذلك وصف الله الكافرين بالفاسقين ووصف الذين يرتكبون المعاصي بالفاسقين وينطبق على هؤلاء أنهم خرجوا وعلى هؤلاء أنهم خرجوا.
- القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الحجرات - الآية 6
- حديث من سلك طريقا يطلب فيه علما
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الحجرات - الآية 6
فيكون الحكم في تلك الحالة ناتج عن الجهل، وعدم التفكير في الأمر جيداً. أما النتيجة التي ستترتب على إصدار حكم بدون التمعن، فستكون الندم الشديد، والندم هو تمنى رجوع الوقت مرة أخرى، حتى لا يُكرر الإنسان نفس الخطأ مرتين. يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ "فتثبتوا" أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين
من الأمور التي لا يمكن أن نختلف عليها هي آيات القرآن الكريم. وتلك الآية السادسة من سورة الحجرات جاءت في كتاب الله عز وجل "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا". إلا أنه وُرِد عن الكسائي وحمزة أنهما تليا تلك الآية على هذا النحو "إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فتَثَبَّتُوا". والمراد من كلمة فتثبتوا، أي الثبات وعدم إصدار أي حكم على الآخرين قبل الوصول إلى الحقيقة. والثبات هو مرحلة أولية من التفكير، ينتج عنه مرحلة أكبر وهي التبين، أي أن التبيُن متوقف عليه، ولا يتم من دونه. وقفات في إن جاءكم فاسق بنبأ
يوجه الله في تلك الآية حديثه إلى المؤمنين، ليكونوا على حذر من تلك الأنباء التي ترد إليهم. ومن الضروري أن يتيقنوا منها جيداً قبل أن يتخذوا قراراتهم، الناتجة عن هذا النبأ لأنه قد لا يكون صحيح من الأساس.
الشيخ محمد الخضيري: ليس كل كلام يصح أن ينقل ويشاع، وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ [النساء:83]، فقد يبلغك عن رجل من أهل الفضل خطيئة أو سيئة أو زلة من الزلات، ويثبت لديك ذلك ثبوتاً قطعياً، لكن هل يحسن بك، ويجمل منك أن تتحدث عن أخيك الفاضل الصالح الطيب، الذي قد سبقت له حسنات في أهل الإيمان أن تشيع هذا الأمر المنكر عنه؟ فتسقط رجلاً من الصالحين من أعين المؤمنين؟ لا ليس صحيح هذا. وكذلك بعض هذه الأخبار التي يكون فيها إخافة للناس، أو فيها إشاعة للفاحشة، فتقول: قد شاع في بلدنا الزنا، والآن مومسات يمشين في الشوارع، وبإمكانك أن تمشي في شارع كذا فتمسك أي واحدة، فهذا الكلام يجرئ الناس على الفاحشة، ويدلهم على الفساد، نسأل الله العافية، إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النور:19]. الشيخ عبد الحي يوسف: هذه الآية المباركة حري بكل واحد منا أن يضعها نصب عينيه، إذا كان الله عز وجل قد ذم بعض أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم وهم أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها هدياً، وأقلها تكلفاً، وهم الذين عاصروا أنوار الوحي، واكتحلت أعينهم برؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لامهم الله عز وجل، وذمهم بنقل الأخبار، وعدم التثبت، فحري بنا نحن أن نتقي الله عز وجل فيما نقول.
ولابد من الإخلاص فيه لأن العلم باب من أبواب الجنة، والجنة لا تصلح إلا لمن علم حق الله جل وعلا. شرح حديث من سلك طريقا يلتمس فيه علما. وفيه أن الجزاء من جنس العمل، فكما أن الإنسان سلك طريقاً للعلم فجزاؤه أنه يُسهل له طريق الجنة، والجزاء من جنس العمل، فالعمل هو: سلوك طريق يوصل إلى العلم، والجزاء هو: تسهيل وتيسير طريق يوصل إلى الجنة (انظر شرح الشيخ عبد المحسن العباد على سنن أبي داود)
ما المراد بالعلم الشرعي؟
قال فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد في شرح سنن أبي داود:
والعلم الشرعي هو: علم كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه سلف هذه الأمة اهـ. من سلك طريقا يلتمس فيه علما ما المقصود بالعلم
والمراد هنا تعلم الشريعة الإسلامية فيراد هنا ليس كل العلوم إنما الشرعي منه الذي يقرب إلى الله, وأما بقية العلوم الدنيوية فلو احتسب الأجر بأنه يريد ينفع الأمة ويساعد الناس وما شابه ذلك فله الأجر في ذلك لكنه لا يدخل في الحديث. في نهاية المقالة نتمنى ان نكون قد اجبنا على سؤال شرح حديث من سلك طريقا يلتمس فيه علما، ونرجو منكم ان تشتركوا في موقعنا عبر خاصية الإشعارات ليصلك كل جديد على جهازك مباشرة، كما ننصحكم بمتابعتنا على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك وتويتر وانستقرام.
حديث من سلك طريقا يطلب فيه علما
الفقرة الثانية من الحديث
(وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ، وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ)
في هذا الفقرة يشير النبي "صلى الله عليه وسلم " إلى أمر من الأمور المهمة جداً والتي لا يصلح المجتمع إلا بها وهي طلب العلم والدراسة بجد و اجتهاد فلا يمكن للأمة أن تتقدم إلا بالعلم وطلبه و الاهتمام به على أوسع المجالات. ويحث الرسول طلاب العلم في هذا الحديث على الاجتهاد في طلب العلم وأن كل شخص يحاول الوصول ألى مراتب عالية في العلم والمعرفة فأن الله سوف يرزقه سهولة الطريق والمرور إلى الجنة أن شاء الله. ثم يشير الرسول "صلى الله عليه وسلم" إلى أعظم أمر يمكن للإنسان تعلمه في حياته وهو دراسة وحفظ القرآن الكريم فأن لقارئ القرآن فقط منزلة عظيمة وكبيرة عند الله "عز وجل" فما بالك بحفظ القرآن والعمل على تدبره وقرأته قرأت صحيحة. شرح حديث / من سلك طريقا يبتغي فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة - فذكر. فأن الرسول "صلى الله عليه وسلم" قال الكثير من الأحاديث عن فضل حافظ القرآن ومتعلمه ومعلمه وليس هناك أمر من الأمور يمكن له حفظ من العين والحسد والسحر وشرور الأنس والجن كالقرآن الكريم وحفظه.
قال ابن حجر رحمه الله في الفتح:
قوله (طريقا) نكرها ونكر (علما) ليتناول أنواع الطرق الموصلة إلى تحصيل العلوم الدينية وليندرج فيه القليل والكثير قوله (سهل الله له طريقا) أي في الآخرة أو في الدنيا بأن يوفقه للأعمال الصالحة الموصلة إلى الجنة اهـ. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح:
وفيه بشارة بتسهيل العلم على طالبه لأن طلبه من الطرق الموصلة إلى الجنة اهـ. قال العلامة عبد المحسن العباد وفقه الله في شرحه على الأربعين النووية:
فيه الحثُّ على طلب العلم الشرعيِّ وسلوك الطرق الموصلة إلى تحصيله، سواء كان ذلك بالسفر لطلبه؛ أو بالأخذ بأسباب تحصيله، من اقتناء الكتب المفيدة وقراءتها والاستفادة منها، وملازمة العلماء والأخذ عنهم وغير ذلك، والجزاء على ذلك من الله تسهيل الطريق التي يصل بها طالب العلم إلى الجنَّة، وذلك يكون بإعانته على تحصيل ما قصد، فيكون بذلك محصِّلاً للعلم، ويكون أيضاً بإعانته على العمل بما علمه من أحكام الشريعة، وذلك يفضي به إلى دخول الجنَّة اهـ. حديث من سلك طريقا يلتمس فيه علما. بعض الفوائد المستفادة من سلك طريقا يلتمس فيه علما
وفيه ترغيب في الرحلة في طلب العلم, والاجتهاد في تحصيله, ونجد السلف في رحلتهم لطلب العلم قد ضربوا أروع الصور، فـأبو أيوب الأنصاري يرحل إلى الفسطاط في مصر لطلب حديث، و جابر بن عبد الله يرحل إلى دمشق في طلب حديث، حتى ألف العلماء: الرحلة في طلب العلم.