فبادر الحسن إليه وصالحه. عاش محمد مع أبيه وأخذ منه الزهد والعبادة والعلم والشجاعة والفصاحة والبلاغة ، وبلغ من شجاعته أنه كان يحمل الراية في معارك أبيه، سُئل يومًا: ما لأبيك يقحمك في المهالك دون أخويك الحسن والحسين؟، فقال: (ذلك أنّ أخوي ينزلا من أبي منزلة عينيه، وأنزل أنا منزلة يديه، فهو يحمي عينيه بيديه). محمد بن الحنفية في صفين شارك محمد بن الحنفية في الفتنة الكبرى بين علي ومعاوية في معركة صفين، وكان حامل لواء أبيه فيها يروي بنفسه فيقول: (رأيتنا في صفين وقد التقينا مع أصحاب معاوية فاقتتلنا حتى ظننت أنه لن يبقى منا ولا منهم أحدٌ، وما لبثت أن سمعت صائحًا من خلفي يصيح: يا معشر المسلمين، الله الله من للنساء والولدان؟ من للدين والأعراض؟ من للروم والديلم؟ يا معشر المسلمين الله الله والبقيا ، فعاهدت نفسي ألا يرفع لي سيف في وجه مسلم بعد ذلك اليوم). واستشهد سيدنا علي بصورة غادرة ، ثم تنازل الحسن الكريم بن الكريم لمعاوية رضي الله عنهما، والتأم أمر المسلمين في عام الجماعة، وبايعه محمد مع أخيه الحسن، وكانت علاقتهما حسنة وطيبة، وكان محمد يزور معاوية في الشام مرات متعددة ولأكثر من سبب.
- قصة محمد بن الحنفية وملك الروم - الدكتور طارق السويدان
- ’مهندس ثورة المختار’.. لماذا تخلّف محمد بن الحنفية عن نصرة الحسين (ع)؟ | الائمة الاثنا عشر
- محمد بن الحنفية (قصة قصيرة)
- انما يخشى الله من عباده العلماء تفسير
قصة محمد بن الحنفية وملك الروم - الدكتور طارق السويدان
ولعل الإمام الحسين (ع) أمرهم بالبقاء حفاظاً على البيت العلوي من الإندثار. خامساً: إنّ محمد بن الحنفية مهندس ثورة المختار الثقفي، وكان يحرّضه على التعجيل في تصفية قتلة الحسين (ع)، وببركة وجوده تمّ تصفية الساحة من قتلة الحسين (ع)، وكان هو المشرف على ثورة المختار. ولهذا أعفاه الإمام الحسين (ع) من الخروج معه، حتى يقوم بهذه الأدوار لاحقاً. وأفضل مَن يعينه في تحركاته تلك هم أبناؤه. قال ابن نما: وكان محمد بن الحنفية يعتب على المختار لمجالسة عمر بن سعد وتأخيره قتله، فحمل الرأسين إليه إلى مكة مع مسافر بن سعد الهمداني وظبيان بن عمارة التميمي، فبينا محمد بن الحنفية جالسا في نفر من الشيعة، وهو يعتب على المختار، فما تم كلامه الا والرأسان عنده، فخر ساجدا، وبسط كفيه، وقال: اللهم لا تنس هذا اليوم للمختار، وأجزه عن أهل بيت نبيك محمد صلى الله عليه وآله خير الجزاء، فوالله ما على المختار بعد هذا من عتب. (مثير الاحزان ص129). فمن الطبيعي أن ينشر قتلة الحسين (ع) أخباراً الغرض منها إدانة هذا المهندس العظيم، والمحرّض للأخذ بالثار. سادساً: شخص بهذا الثقل والأهمية والخطورة، من الطبيعي أن ترمى إليه سهام الأمويين والزبيريين، لغرض تصفيته سياسياً وتسقيطه دينياً، وإبعاده عن الساحة، ومن ثمّ تكميم أحد أفواه أهم المدافعين عن نهضة سيد الشهداء (ع)، والإنقضاض على ثورة المختار وإدانته في تصفية قتلة الحسين (ع)، وإدانة الحسين سلام الله عليه.
تذكر علي بن أبي طالب أن الرسول صلّ الله عليه وسلم أخبره: إذا ما رزق بولد بعد وفاته ، أن يسميه محمدًا ، فأذن له الرسول الكريم بأن يسمى باسمه ويكنى بكنيته ، وهكذا أصبح اسم المولود محمد بن علي بن أبي طالب ، والذي عُرف فيما بعد باسم محمد بن الحنفية. رجل نسب إلى أمه أكثر مما نسب إلى أبيه في كتب التاريخ ، تمييزًا له عن الحسن والحسين ابني السيدة فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، فأمه خولة بنت جعفر الحنفية. نشأة الإمام محمد بن الحنفية:
نشأ على يد أبيه الإمام عليّ كرم الله وجهه ، فورث منه صفات كثيرة عرف بها بين العرب ، فكان شجاعًا ، قويًا ، فصيحًا ، ذكيًا ، وبليغًا ، كان علي رضي الله عنه يرميه بالمهالك ، ويلقيه في متون الحروب ، فقد واجه محمدًا الكثير من الأهوال في حياته ، ولكن هذه الأهوال زادته خبرة حكمة وتعقل ، سألوه ذات مرة: لما يلقي بك أباك في المهالك ، ويضن بالحسن والحسين ؟ فيرد بفصاحة: الحسن والحسين عيناه ، وأنا يداه فهو يتقي عينيه بيديه. تصرف محمد عندما وقعت خصومة بينه وبين أخيه الحسن:
وذات يوم وقعت خصومة بينه وبين الحسن بن علي رضي الله عنهما ، ففضله على نفسه ، وبعث إليه برسالة يطلب منها أن يصالحه ، فكتب إليه قائلًا: فيا حسن أنت خير مني ، أنت سيد شباب أهل الجنة ، وأمك خير من أمي ، فأنت ابن فاطمة بنت محمد ، وأنا ابن امرأة من بني حنيفة ، وجدك محمد خاتم الأنبياء صلّ الله عليه وسلم ، وجدي جعفر بن قيس ، فابعث إلي لتصالحني لتكون أنت الأفضل في كل شيء ، وبمجرد وصول الخطاب إلى الحسن بعث إليه وسامحه.
’مهندس ثورة المختار’.. لماذا تخلّف محمد بن الحنفية عن نصرة الحسين (ع)؟ | الائمة الاثنا عشر
أما ابن الحنفية الذي جعله المختار واجهة له... فهو محمد بن علي بن أبي طالب، وأمه خولة، قيل: بنت جعفر، وقيل: بنت أياس الحنفية، وهي من سبي اليمامة في حروب الردة، صارت إلى علي. وقيل: إنها سندية وكانت أمة لبني حنيفة فنسبت إليهم. ولد ابن الحنفية سنة 16هـ في عهد عمر بن الخطاب، ونشأ شجاعاً فاضلاً عالماً، دفع إليه أبوه الراية يوم الجمل وعمره 21سنة، وقد تنقل بعد وفاة والده فرجع إلى المدينة ثم انتقل إلى مكة ثم منى في عهد ابن الزبير ثم إلى الطائف، ثم قصد عبد الملك بن مروان بالشام وتوفي سنة 81هـ قيل بالطائف، وقيل بأيلة من فلسطين، وقيل لم يمت بل حبسه الله في جبل رضوى القريب من ينبع، وهذا من تحريف الشيعة. وبعد وفاته اختلف الشيعة فيما بينهم: فذهب بعضهم إلى أنه مات وسيرجع. وذهب آخرون إلى أنه لا زال حياً بجبل رضوى قرب المدينة عنده عينان نضاختان، إحداهما تفيض عسلاً، والأخرى تفيض ماءً، عن يمينه أسد يحرسه، وعن يساره نمرٌ يحرسه، والملائكة تراجعه الكلام، وأنه المهدي المنتظر، وأن الله حبسه هناك إلى أن يؤذن له في الخروج، فيخرج ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً. وفي هذه الخرافات يقول السيد الحميري أو كثيرعزة على رواية في قصيدة له:
ألا حي المقيم بشعـب رضوى
واهد له بمنزله السـلاما
وقل ياابن الوصـي فدتك نفسي
أطلتَ بذلك الجبل المقاما
وما ذاق ابن خـولة طعم موت
ولا وارت له أرض عظاما
لقد أمسى بجانب شعب رضوى
تراجعه الملائكة الكـلاما
وإن له لــــرزقاً كل يوم
وأشربه يعل بها الطعـاما
أضـر بمعشـر وآلوك مــنا
وسموك الخليفة والإمـاما
وعادوا فيك أهل الأرض طـرا
مقامك عنهم سبعين عاما وقد اختلف الكيسانية في سبب حبس ابن الحنفية بجبل رضوى: ذهب بعضهم - وأراد أن يقطع التساؤل- إلى القول بأن سبب حبسه سر الله، لا يعلمه أحد غيره، وهو تخلص من هذه الكذبة التي زعموها في حبسه.
فأرسل معاوية إلى قيس بن سعد وإلى محمد بن الحنفية وانعقد المجلس: وفيه ظهر طول قيس على الرومي ؛ ولكن قيس جاء ببنطال له وقاسه على نفسه، ثم رماه للرومي فوصل إلى صدره فضحك الناس. وأما محمد بن الحنفية فقال للترجمان: قل له إن شاء يجلس وأكون قائمًا ثم أعطيه يدي، فإما أن يجلسني وإما أن أقيمه، فاختار الرومي أن يكون هو جالسًا -فهذا أسهل له-، وفعلًا أخذ محمد بن الحنفية بيد الرومي فأقامه وعجز هو عن إجلاسه ، ثم غضب الرومي وطلب المبادلة، وكذلك غلبه محمد فأجلسه ، فعاد الرجلين إلى ملكهما مغلوبين. محمد بن الحنفية وعبد الله بن الزبير دارت الأيام وكان أمر بني أمية إلى عبد الملك بن مروان ، ولكن أهل الحجاز بايعوا عبد الله بن الزبير، فأرسل عبد الله إلى محمد بن الحنفية يدعوه إلى البيعة، ولكن كلمات صفين لم تغب عنه، فقال لابن الزبير: (إنك لتعلم علم اليقين أني ليس لي في هذا الأمر مطلب، إنما أنا رجل من المسلمين، فإذا اجتمعت كلمتهم عليك أو على عبد الملك بايعت). فأخذه ابن الزبير باللين ثم بالجفاء فما أفلح ، ثم انضم إليه ممنْ رغبوا باعتزال الفتنة قوم بلغ عددهم 7 آلاف، وهنا أشيع أن ابن الزبير يريد احراق هؤلاء الذين خرجوا مع ابن الحنفية، فطلب أصحابه منه قتال ابن الزبير فرفض وقال: (إنما خرجنا حتى لا نخوض في دماء المسلمين).
محمد بن الحنفية (قصة قصيرة)
أما في مكانته وعلاقته في داخل البيت العلوي، فقد أوصى به علي بن أبي طالب عليه السلام الحسن والحسين قائلاً: " أوصيكما به، فإنه أخوكما وابن أبيكما، وقد كان أبوكما يحبه ". كما أوصاه عليه السلام بقوله: " أوصيك بتوقير أخويك لعِظم حقهما عليه، ولا توثق أمراً دونهما ". كما أوصى الحسن عليه السلام لما حضرته الوفاة أخاه الحسين قائلاً: " أوصيك بمحمد أخيك خيراً، فإنه جِلدةُ ما بين العينين "، كما أوصى محمداً بقوله: " يا محمد، وأنا أوصيك بالحسين، كانِفه ووازره ". وقد عايش محمد أخاه الإمام الحسين عليه السلام في جميع ما جرى بعد الإمام الحسن، وكان يقول: " إن الحسين أعلمنا علماً، وأثقلنا حلماً، وأقربنا من رسول الله صلى الله عليه وآله رحماً، وكان إماماً فقيهاً ". وكان طيلة تلك الفترة، أي من وفاة الإمام الحسن وانتقال الإمامة إلى أخيه الحسين عليهما السلام، يترقب الوقائع وينتظر الخروج تحت راية الإمام الحسين عليه. فلما زاد طغيان بني أمية قصده البعض طالبين منه الخروج بعد أن قصدوا الحسين عليه السلام فأبى عليهم ذلك، فرفض محمد أن يتحرك إلا بأمر إمامه الحسين عليه السلام، وكتب إلى الحسين يخبره بما عرضوا عليه، فأجبه (ع): " إن القوم إنما يريدون أن يأكلوا مِنَّا ويُشيطوا دماءنا ".
وبعضهم قال: إنه عقاب من الله له بسبب خروجه بعد قتل الحسين إلى يزيد بن معاوية، و طلبه الأمان له، وأخذه عطاءه. بعضهم قال: إنه بسبب خروجه من مكة قاصداً عبد الملك بن مروان هارباً من ابن الزبير ولم يقاتله أوردها القمي في "مقالاته" ( ص21-32) ، والنوبختي في "فرقه" ( ص51) باختصار. والحقيقة أنك لا تدري كيف تبلدت عقول هؤلاء إلى حد أن يعتقدوا هذا الاعتقاد الغريب في أن الله غضب على ابن الحنفية من مجرد زيارته لهؤلاء الحكام من المسلمين، والذين لهم يد مشكورة في انتشار رقعة الإسلام، فأوصل الله –بزعمهم- عقابه إلى هذا الحد من السنين الطويلة التي شكى منها الحميري سبعين عاماً، وقد بقي الكثير جداً والتي ستمتد إلى أن يغير هؤلاء الحمقى عقيدتهم هذه. فرق معاصرة لغالب عواجي 1/332
انظر أيضا:
المطلب الأول: كيف صارت الكيسانية مختارية؟. المطلب الثاني: مؤسس المختارية (المختار بن أبي عبيد الثقفي).
الحمد لله. قال الله تعالى: ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ
الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) فاطر/28. فالفاعل هنا: (العلماءُ) فهم أهل الخشية والخوف من الله. واسم الجلالة (الله): مفعول مقدم. وفائدة تقديم المفعول هنا: حصر الفاعلية ، أي أن الله تعالى لا
يخشاه إلا العلماءُ ، ولو قُدم الفاعل لاختلف المعنى ولصار: لا يخشى العلماءُ إلا
اللهَ ، وهذا غير صحيح فقد وُجد من العلماء من يخشون غير الله. ولهذا قال شيخ الإسلام عن الآية:
" وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ خَشِيَ اللَّهَ فَهُوَ
عَالِمٌ. وَهُوَ حَقٌّ ، وَلا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ عَالِمٍ يَخْشَاهُ "
انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/539). وانظر: "تفسير البيضاوي" (4/418) ، و "فتح القدير" (4/494). وأفادت الآية الكريمة أن العلماء هم أهل الخشية ، وأن من لم يخف
من ربه فليس بعالم. قال ابن كثير رحمه الله:
" إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به ، لأنه كلما كانت
المعرفة للعظيم القدير أتم والعلم به أكمل ، كانت الخشية له أعظم وأكثر. تفسير اية انما يخشى الله من عباده العلماء. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: (إنما يخشى
الله من عباده العلماء) قال: الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير... وقال سعيد
بن جبير: الخشية هي التي تحول بينك وبين معصية الله عز وجل.
انما يخشى الله من عباده العلماء تفسير
ولمزيد تفصيل في بيان هذه الآية ومعانيها؛ ينظر:
• الكَشَّاف؛ للزمخشري، وحاشية الطِّيبي عليه. • مفاتيح الغيب؛ للرازي. • روح المعاني؛ للآلوسي. • التحرير والتنوير؛ لابن عاشور. • وغيرها من التفاسير.
وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) وقوله تعالى: ( ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك) أي: [ و] كذلك الحيوانات من الأناسي والدواب - وهو: كل ما دب على قوائم - والأنعام ، من باب عطف الخاص على العام. معنى قوله تعالى إنما يخشى الله من عباده العلماء – كنوز التراث الإسلامي. كذلك هي مختلفة أيضا ، فالناس منهم بربر وحبوش وطماطم في غاية السواد ، وصقالبة وروم في غاية البياض ، والعرب بين ذلك ، والهنود دون ذلك; ولهذا قال تعالى في الآية الأخرى: ( واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين) [ الروم: 22]. وكذلك الدواب والأنعام مختلفة الألوان ، حتى في الجنس الواحد ، بل النوع الواحد منهن مختلف الألوان ، بل الحيوان الواحد يكون أبلق ، فيه من هذا اللون وهذا اللون ، فتبارك الله أحسن الخالقين. وقد قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده: حدثنا الفضل بن سهل ، حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان بن صالح ، حدثنا زياد بن عبد الله ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أيصبغ ربك ؟ قال: " نعم صبغا لا ينفض ، أحمر وأصفر وأبيض ".