القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة مريم - الآية 33
فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا [مريم:24] بأن قال لها: أَلَّا تَحْزَنِي [مريم:24]، والحزن: الألم النفسي، وكانت تألم وتحزن وتكرب، لولا أن الله عز وجل نجاها من هذا؛ لما بين لها ولدها: أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا [مريم:24]، والسري: النهر العذب والماء الطيب. فمن قال: إنه جبريل، فالجواب: لا، إنما هو عيسى عليه السلام، وهذا الذي رجحه ابن جرير. تفسير قوله تعالى: (وهزي إليك بجذع النخلة... والسلام عليك يوم ولدت ويوم تموت ويوم تبعث حيا. )
تفسير قوله تعالى: (فكلي واشربي وقري عيناً... )
تفسير قوله تعالى: (فأتت به قومها تحمله... )
تفسير قوله تعالى: (يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغياً)
قال تعالى: يَا أُخْتَ هَارُونَ [مريم:28] وهارون عبد صالح يمثلون به الصلحاء، وليس هارون أخو موسى، فبينهما أكثر من ألفي سنة أو أكثر من ثلاثة آلاف سنة، وإنما هذا عبد صالح في ديارهم يقال له: هارون. أي: يا أخت العبد الصالح! مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا [مريم:28]، أي: ما كان أبوك إنساناً فاسداً فاسقاً فاجراً، ولا كانت أمك زانية، فكيف أنت تفعلين هذا؟! وهذا كلام العقلاء فلما تبين لهم الواقع استسلموا وانقادوا.
والسلام عليك يوم ولدت ويوم تموت ويوم تبعث حيا
جملة (تحمله) حال من فاعل (أتت). جملة (يا مريمُ لقد جئت) مقول القول، وجملة القسم وجوابه جواب النداء استئنافية، وجملة (لقد جئت) جواب القسم.. إعراب الآية رقم (29): {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا}. (كيف) اسم استفهام حال، الجار (في المهد) متعلق بحال من (صبيا).. إعراب الآية رقم (30): {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا}. جملة (آتاني) حالية من اسم (إن)، (نبيًا) مفعول ثان.. إعراب الآية رقم (31): {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا}. (أينما): اسم شرط ظرف مكان متعلق بالشرط كنت، (ما) زائدة، (كنت) فعل ماض تام وفاعله. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة مريم - الآية 33. (ما دمت): (ما) مصدرية ظرفية، والمصدر ظرف زمان متعلق بـ (أوصاني)، وجملة (أين ما كنت) اعتراضية بين المتعاطفين، وجملة (وَأَوْصَانِي) معطوفة على جملة (جعلني). وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله.. إعراب الآية رقم (32): {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا}. (برا) معطوف على (مُبَارَكًا)، والجارّ (بوالدتي) متعلق بـ (برًّا)، جملة (لم يجعلني) معطوفة على جملة (جعلني) المتقدمة.. إعراب الآية رقم (33): {وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا}.
سورة مريم:. إعراب الآية رقم (2): {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا}. قوله (ذكر رحمة ربك عبده زكريا): خبر لمبتدأ محذوف أي: هذا، (عبده) مفعول به للمصدر (رحمة)، (زكريا) بدل من (عبده).. إعراب الآية رقم (3): {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا}. (إذ نادى): اسم ظرفي بدل اشتمال، وجملة (نادى) مضاف إليه.. إعراب الآية رقم (4): {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا}. (ربِّ): منادى مضاف منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء المحذوفة، الجار (مني) متعلق بحال من (العظم)، (شيبًا) تمييز محول من فاعل، أي: واشتعل شيبُ الرأس، الجار (بدعائك) متعلق بالخبر، وجملة (ربِّ) معترضة بين اسم كان وخبرها، والجار (بدعائك) متعلق بـ (شقيا).. إعراب الآية رقم (5): {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا}. الجار (من ورائي) متعلق بحال من (الموالي)، وجملة (وكانت) حالية من التاء في (خفت)، وجملة (فهب) معطوفة على جملة (إني خفت).. إعراب الآية رقم (6): {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا}.
ج - إصلاح الشخص نفسه:
أي الالتزام الكامل بتطبيق الأحكام الشرعية في سائر العلاقات والمعاملات والعبادات. د - الصبر على المحن والبلاء:
حيث أن عصر الغيبة الكبرى يتميز بتعاظم الجور والظلم والفساد بشكل ملحوظ. لذلك جاء الكثير من الأحاديث التي تؤكد على مبدأ الصبر وتحث عليه وخصوصاً في زمن الغيبة وتتحدث عن عظم أجر الصابرين كما في الأحاديث التالية. عن الرسول (ص) قال: ( إن من ورائكم أيام الصبر ، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر ، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم). وعن الإمام الصادق (ع) قال: ( وانتظار الفرج بالصبر). وعن الرضا (ع) قال: ( ما أحسن الصبر وانتظار الفرج ، أما سمعت قول الله عز وجل) وارتقبوا إني معكم رقيب ( وقوله) فانتظروا إني معكم من المنتظرين ( فعليكم بالصبر فإنما يجيء الفرج على اليأس). فالمؤمن المترقب لفرج إمامه المنتظر (ع) يلاقي صعوبات كثيرة لتكذيب الناس له بوجود هذا الإمام المغيب ، كما يلاقي صعوبات كثيرة لقيامه بواجباته الرسالية بعكس ذلك الشخص الجالس في بيته يتفرج وكأن الأمر لا يعنيه بشيء. الصبر على البلاء وانتظار الفرج القريب. ولذلك حينما سمع الإمام الصادق (ع) بعض أصحابه يتذاكرون جماعة منهم وقد ماتوا ولم يدركوا زمان القائم وهم يتحسرون على ذلك قال لهم: ( من مات منكم وهو منتظرا لهذا الأمر كان كمن هو مع القائم في فسطاطه ، ثم قال: لا بل كان كالضارب بين يدي رسول الله (ص) بالسيف - وفي رواية أخرى كمن استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله -).
الصبر على البلاء وانتظار الفرج القريب
وبقي يوسف في البئر، حتى أتى ذلك اليوم الذي مرت به قافلةٌ متجهةٌ إلى مصر، فأرسلت القافلة واحدًا منهم لجلب الماء لهم من البئر، فلما ألقى بالدلو في البئر تعلق به يوسف، فلما رأى الرجل يوسف فرح كثيرًا واستبشر به. ثم أخذت القافلة يوسف معهم إلى مصر كي يعرضوه للبيع، وبينما هو في السوق معروضًا للبيع، أتى عزيز مصر ليشتري غلامًا له؛ فوقعت عينه على يوسف وقرر أن يشتريه، فاشتراه ببضع دراهم. الصبر على البلاء وانتظار الفرج المستجاب. ثم عاد به إلى البيت وطلب من زوجته أن تهتم بيوسف وتحسن معاملته فقد يصبح ولدًا لهما. كبر يوسف وترعرع وتعلم في بيت عزيز مصر ، حتى أن امرأة العزيز بدأت تُعجب به وتهتم بأمره كثيرًا، وأخذ بها إعجابها بيوسف أن تفكر بإغرائه، وفي أحد الأيام كان العزيز خارج بيته، وبدأ الشيطان يغوي لامرأة العزيز كي تدعو يوسف لفعل الفاحشة فتزينت وأغلقت الأبواب، وأدخلت يوسف حجرتها؛ فرفض يوسف بنبل أخلاقه وحُسن تربيته، فهو لا يخون أمانة من رباه، وامتنع عنها ، فكان جزاؤه السجن. ثم جاء بعد ذلك الفرج، حينما رأى الملك في منامه سبع بقراتٍ سمانٍ يأكلهن سبعٌ نحيفات، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات، فطلب من حاشيته ومستشاريه أن يفسّروا هذا المنام، لكنهم يجيبونه بأنه لا معنى له؛ فهو مجرد أضغاث أحلامٍ (قالوا أضغَاثُ أحلامٍ وما نحنُ بتأويلِ الأحلامِ بعالمينَ).
فصل
قال: الدرجة الثالثة: الصبر في البلاء ، بملاحظة حسن الجزاء ، وانتظار روح الفرج. وتهوين البلية بعد أيادي المنن. وبذكر سوالف النعم. [ ص: 166] هذه ثلاثة أشياء تبعث المتلبس بها على الصبر في البلاء. إحداها: ملاحظة حسن الجزاء. وعلى حسب ملاحظته والوثوق به ومطالعته يخفف حمل البلاء ، لشهود العوض ، وهذا كما يخف على كل متحمل مشقة عظيمة حملها ، لما يلاحظه من لذة عاقبتها وظفره بها. ولولا ذلك لتعطلت مصالح الدنيا والآخرة. وما أقدم أحد على تحمل مشقة عاجلة إلا لثمرة مؤجلة ، فالنفس مولعة بحب العاجل. وإنما خاصة العقل: تلمح العواقب ، ومطالعة الغايات. وأجمع عقلاء كل أمة على أن النعيم لا يدرك بالنعيم. وأن من رافق الراحة فارق الراحة. وحصل على المشقة وقت الراحة في دار الراحة ، فإن قدر التعب تكون الراحة. على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكريم الكرائم ويكبر في عين الصغير صغيرها وتصغر في عين العظيم العظائم والقصد: أن ملاحظة حسن العاقبة تعين على الصبر فيما تتحمله باختيارك وغير اختيارك. الصبر في البلاء | الشيخ خالد الحبشي. والثاني انتظار روح الفرج
يعني راحته ونسيمه ولذته. فإن انتظاره ومطالعته وترقبه يخفف حمل المشقة. ولا سيما عند قوة الرجاء.