ملخص المقال
عظمة أخلاق النبي حيث.. مقال بقلم الدكتور راغب السرجاني يشير فيه ألى بعض جوانب العظمة في خلق النبي محمد صلى الله عليه وسلم
تسمو أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم سموًّا لا يدانيه سموٌّ، فكان بحقٍّ إنسانًا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ وظلال، فالله سبحانه وتعالى يصطفى لنبوَّتِه ورسالاته خير البشر، وأكملهم عقلاً، وأقواهم نفسًا، وأنورهم قلبًا، وأقدرهم على تحمُّل المسئولية؛ لأنهم -صلوات الله وسلامه عليهم جميعًا- قدوة لبني البشر، ورسولنا صلى الله عليه وسلم كان المنارة التي يهتدي بها السائرون في ظلمات الجهل، فكانت أخلاقه قمَّة سامية، ومعاملاته نبعًا صافيًا. وإنَّ المتأمِّل في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم يجدها نبعًا سخيًّا، ومصدرًا ثريًّا لكل أنواع العظمة الإنسانيَّة، وكيف لا يكون كذلك وقد اصطفاه الله على بني آدم، وختم به أنبياءه ورسله، فكانت حياته أنصع حياة عرفتها الإنسانيَّة منذ نشأتها، فاستحقَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفَ الله تبارك وتعالى له بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]. أخلاق الرسول محمد صلى الله عليه وسلم | مناهج عربية. وكان كمال أخلاقه دليلاً على نبوَّته صلى الله عليه وسلم؛ لذلك آمن الكثير بنُبُوَّته بعد أن شاهدوا هذه الأخلاق بأعينهم، أو قرءوا عنها بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أخلاق عملية ظهرت في أروع صورها في كل باب من أبواب الأخلاق المعروفة.
- اخلاق النبي محمد صلي الله عليه وسلم زخرفه
- اخلاق النبي محمد صلي الله عليه وسلم مزخرفه
- اخلاق النبي محمد صلي الله عليه وسلم في الوورد
- معاذ بن جبل رضي الله عنه مزخرفه حروف
اخلاق النبي محمد صلي الله عليه وسلم زخرفه
إن الله سبحانه اصطفى محمداً صلى الله عليه وسلم، وأمر الخلق باتباعه والاقتداء به، فإنه المعصوم والمسدد بالوحي من السماء، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة في الصبر والرحمة والرفق والمعاملة حتى مع الأعداء، بل لقد كان قدوة في كل شيء. صبر النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته بأمته
رفق النبي صلى الله عليه وسلم بالإنسان والحيوان والجماد
وضوح حياة النبي صلى الله عليه وسلم واطلاع الناس عليها
يطيب لنا الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام؛ فقد عاش كثير من العظماء، ومن رجالات التاريخ والديانات، ونقلت أخبارهم، ودونت الكتب أوصافهم، وسجلت المدونات أحوالهم، غير أنه لا يوجد أحد من هؤلاء العظماء، ولا أحد من هؤلاء الرجال من نقلت لنا أخباره، ودونت صفاته، وحفظت سيرته، كما حفظت سيرة الحبيب عليه الصلاة والسلام. إن سيرة محمد صلى الله عليه وسلم أصح سيرة على وجه التاريخ، حتى قال أحد أعداء الدين من المستشرقين: إن محمداً فقط هو النبي الوحيد الذي ولد تحت ضوء الشمس، وهي إشارة من هذا المستشرق إلى دقة رواية سيرة الحبيب عليه الصلاة والسلام.
اخلاق النبي محمد صلي الله عليه وسلم مزخرفه
كما كانت أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم عظيمة في بيته، وفي تعامله مع غير المسلمين في مجتمعه، بل وتميز -أيضًا- صلى الله عليه وسلم بمعامله أعدائه ومبغضيه بكل رفق وأناة، وقد شهد بحسن خلقه أبو سفيان قبل أن يُسلم وهو زعيم المشركين، فقال عند إسلامه: "والله إنك لكريم، ولقد حاربتك فنعم محاربي كنت، ثم سالمتك فنعم المسالم أنت، فجزاك الله خيرًا"(12).
اخلاق النبي محمد صلي الله عليه وسلم في الوورد
ويكون إرضاء الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يكون من خلال طاعته ومن خلال موافقة أوامره والقيام بإيفاء جميع حقوقه عليه الصلاة والسلام وذلك في باب الإجلال وأيضاً الإعظام حضوراً وغيبة، وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد جعل إرضاء رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إرضاء له عز وجل وجعل طاعة النبي هي طاعة له فهذا دليل كبير وواضح على كمال رضاه عنه في الدنيا قبل أن يكون الآخرة.
صور من الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في التعامل
فهذا هو الحبيب عليه الصلاة والسلام، وهذا بعض خلقه، وبعض شمائله، ومن أراد أن تنجح دعوته، وتستقيم سيرته، فعليه أن يقتدي بالمعلم الأول، وبالقدوة العظمى، لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]، وأن الحي كما يقول ابن مسعود: لا تؤمن عليه الفتنة. والنبي عليه الصلاة والسلام هو المعصوم من كل خطأ، فهو -بأبي وأمي- أسوة في أخلاقه، وفي تعاملاته مع الخلق، وإن الأخوة لا تفرض بقوانين ولا بمراسيم، ولا بأحلام الحكماء، ولا بأقوال الشعراء، وإنما هي أثر من تخلص النفس من نوازع الأثرة والشح والأنانية، وحب الذات والرفاهية. والأخلاق الحسنة لا تنبع إلا من نفوس طيبة، وطبائع كريمة تميز بين الأدب والملق، والصدق والكذب، ولقد جاءت رسالات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بنصيب وافر من الاهتمام بالأخلاق وحسن التعامل. اخلاق النبي | كل ما يتعلق بالرسول صلى الله علية وسلم. في رفقه ورحمته بالخلق
في تعامله مع أزواجه
في صدقه
في عبادته
في تعامله مع مخالفيه وأعدائه
كانت أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم عظيمة في بيته، وفي تعامله مع غير
المسلمين في مجتمعه، بل وتميز -أيضًا- صلى الله عليه وسلم بمعامله أعدائه
ومبغضيه بكل رفق وأناة، وقد شهد بحسن خلقه أبو سفيان قبل أن يُسلم وهو زعيم
المشركين، فقال عند إسلامه: "والله إنك لكريم، ولقد حاربتك فنعم محاربي
كنت، ثم سالمتك فنعم المسالم أنت، فجزاك الله خيرًا"(12).
نبذة من ورعه:
عن يحيى بن سعيد قال: كانت تحت معاذ بن جبل امرأتان فإذا كان عند إحداهما لم يشرب في بيت الأخرى الماء. وعن يحيى بن سعيد أن معاذ بن جبل كانت له امرأتان فإذا كان يوم إحداهما لم يتوضأ في بيت الأخرى ثم توفيتا في السقم الذي بالشام والناس في شغل فدفنتا في حفرة فأسهم بينهما أيتهما تقدم في القبر. نبذة من تعبده و اجتهاده:
عن ثور بن يزيد قال: كان معاذ بن جبل إذا تهجد من الليل قال: اللهم قد نامت العيون وغارت النجوم وأنت حي قيوم: اللهم طلبي للجنة بطيء، وهربي من النار ضعيف، اللهم اجعل لي عندك هدى ترده إلي يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد. جوده و كرمه:
عن ابن كعب بن مالك قال: كان معاذ بن جبل شابًّا جميلا سمحًا من خير شباب قومه لا يسأل شيئا إلا أعطاه حتى أدان دينا أغلق ماله فكلم رسول الله أن يكلم غرماءه أن يضعوا له شيئا ففعل فلم يضعوا له شيئا، فدعاه النبي فلم يبرح حتى باع ماله فقسمه بين غرمائه فقام معاذ لا مال له قال الشيخ رحمه الله: كان غرماؤه من اليهود فلهذا لم يضعوا له شيئًا. مرضه و وفاته:
عن طارق بن عبد الرحمن قال: وقع الطاعون بالشام فاستغرقها فقال الناس ما هذا إلا الطوفان إلا أنه ليس بماء، فبلغ معاذ بن جبل فقام خطيباً فقال: إنه قد بلغني ما تقولون وإنما هذه رحمة ربكم ودعوة نبيكم، وكموت الصالحين قبلكم، ولكن خافوا ما هو أشد من ذلك أن يغدو الرجل منكم من منزله لا يدري أمؤمن هو أو منافق، وخافوا إمارة الصبيان.
معاذ بن جبل رضي الله عنه مزخرفه حروف
وعن عبد الله بن سلمة قال: قال رجل لمعاذ بن جبل: علمني، قال وهل أنت مطيعي قال: إني على طاعتك لحريص قال: صم وأفطر، وصل ونم، واكتسب ولا تأثم، ولا تموتن إلا وأنت مسلم، وإياك ودعوة المظلوم. وعن معاوية بن قرة قال: قال معاذ بن جبل لابنه: يا بني، إذا صليت فصل صلاة مودع لا تظن أنك تعود إليها أبدًا واعلم يا بني أن المؤمن يموت بين حسنتين: حسنة قدمها وحسنة أخرها. وعن أبي إدريس الخولاني قال: قال معاذ: إنك تجالس قومًا لا محالة يخوضون في الحديث، فإذا رأيتهم غفلوا فارغب إلى ربك عند ذلك رغبات. رواهما الإمام أحمد. وعن محمد بن سيرين قال: أتى رجل معاذ بن جبل ومعه أصحابه يسلمون عليه ويودعونه فقال: إني موصيك بأمرين إن حفظتهما حُفِظْتَ إنه لا غنى بك عن نصيبك من الدنيا وأنت إلى نصيبك من الآخرة أفقر، فآثر من الآخرة على نصيبك من الدنيا حتى ينتظمه لك انتظاما فتزول به معك أينما زلت. وعن الأسود بن هلال قال: كنا نمشي مع معاذ فقال: اجلسوا بنا نؤمن ساعة. وعن أشعث بن سليم قال: سمعت رجاء بن حيوة عن معاذ بن جبل قال: ابتليتم بفتنة الضراء فصبرتم، وستبتلون بفتنة السراء، وأخوف ما أخاف عليكم فتنة النساء إذا تسورن الذهب ولبسن رياط الشام وعصب اليمن فأتعبن الغني وكلفن الفقير ما لا يجد.
وعن أبي مسلم الخولاني قال: أتيت مسجد دمشق فإذا حلقة فيها كهول من أصحاب محمد، وإذا شاب فيهم، أكحل العين براق الثنايا، كلما اختلفوا في شيء ردوه إلى الفتى قال: قلت لجليس لي من هذا؟ قال: هذا معاذ بن جبل. ثناء رسول الله على معاذ: لقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على معاذ في عدة مواطن كلها تدل على عظمة معاذ ومكانه في الدين وفي قلب النبي الأمين.. فعن أنس قال: قال رسول الله: [أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل] رواه الإمام أحمد. وفي كتاب أسد الغابة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نعم الرجل معاذ بن جبل". وعن عاصم بن حميد عن معاذ بن جبل قال: لما بعثه رسول الله إلى اليمن خرج معه رسول الله يوصيه ومعاذ راكب ورسول الله يمشي تحت راحلته، فلما فرغ قال: يا معاذ، إنك عسى ألا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك تمر بمسجدي هذا وقبري، فبكى معاذ خشعًا لفراق رسول الله، ثم التفت فأقبل بوجهه نحو المدينة فقال: إن أولى الناس بي المتقون من كانوا وحيث كانوا. ولم يكن بكاء معاذ هذا غريبا فقد كان يحب رسول الله ككل الصحابة وزاد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبه كما جاء في الترغيب والترهيب بسند صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده يوما ثم قال يا معاذ والله إني لأحبك.