Details
Category: القرآن الكريم
قال الله تعالى: { وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ}
يخطئ البعضُ في تفسيرِ الفتنةِ المذكورةِ في هذه الآيةِ فيُفسرونها بالنميمةِ أو الغيبةِ وهذا باطلٌ ليسَ صحيحًا. لأن النميمةَ والغيبةَ وإن كانتا محرمتينِ فإنهما ليستا أشدَّ إثمًا من القتل، بل معنى الفتنةِ في هذه الآية هو: الفتنةُ في الدينِ أي الكفرُ والشِّركُ أشدُّ منَ القتلِ. قال ابن المنظور الإفريقي في لسان العرب، المجلد الثالث عشر، حرف النون، فصل الفاء: وقوله تعالى: { وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 191] معنى الفِتْنة ههنا: الكفر، كذلك قال أَهل التفسير. الفتنه اشد من القتل الاية. قال ابن سِيدَه: والفِتْنةُ الكُفْر. اهـ
ابن سيده: هو علي بن إسماعيل، أبو الحسن، اللغوي الأندلسيّ، المعروف بابن سيده، إمام من أئمة اللغة. وقد اختلف المؤرخون في اسم أبيه، فقال ابن بشكوال في (الصلة) إنه: إسماعيل، وقال الفتح بن خاقان في (مطمح الأنفس): إنه أحمد، ومثل ذلك قال الحُمَيْدي، كما ذكر ياقوت في (معجم الأدباء)، وتوفي سنة 458 هـ، ثمان وخمسين وأربعمائة. اهـ
وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
فالمقصودة بالفتنة الردة والشرك، وحمل المسلم على ذلك أشد من قتله، وللمزيد انظر الفتوى رقم: 39851. وعليه؛ فليس المعنى ستر المسلم في خطئه وإن كان ستره محمودا فقد ندب إليه الشارع إلا فيما استثني من ذلك؛ كأن يترتب على ستره ضياع حق الغير ونحو ذلك، كما بينا في الفتويين رقم: 48259 ، ورقم: 192045. والله أعلم.
* * * وقد ذكرنا بعضَ قول من قال هي منسوخة، وسنذكر قول من حضرنا ذكرُه ممن لم يُذكر. 3110 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: " ولا تُقاتلوهم عندَ المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه " قال: نسخها قوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ. 3111- حدثني يونس، قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يُقاتلوكم فيه " قال: حتى يبدأوكم، كان هذا قد حُرِّم فأحل الله ذلك له، فلم يزل ثابتا حتى أمره الله بقتالهم بعدُ. تفسير الفتنة اشد من القتل. -------------------- الهوامش: (1) هذا مصدر لم أجده في كتب اللغة ، وكأنه كما ضبطته بكسر الثاء على وزن "حكمة ونشدة". والذي ذكروه: "ثقف الشيء ثقفا وثقافا وثقوفة". (2) انظر ما سلف 2: 444. (3) الخبر: 3109- عبد الرحمن بن أبي حماد سكين الكوفي: ترجمه ابن الجزري في طبقات القراء 1: 369-370 ، وذكر أنه أخذ القراءة عن حمزة الزيات ، "وهو أحد الذين خلفوه في القيام بالقراءة".
قال: وفي الآية دليل على أن الرجل إذا فعل الكفر ولم يعلم أنه كفر لا يُعذر بذلك بل يَكفر، وعلى أن السابَّ كافر بطريقِ الأَوْلى. وقوله: أرغب بطونا، أي: أوسع، يريد كثرة الأكل، فكثرة الأكل وإن كانت مذمومة لكن هذا ذكروه في معرِض الاستهزاء. وقد كذب هذا الرجل، فإن الصحابة رضي الله عنهم أحسن الناس اقتصادا في الأكل وغيره، بل المنافقون والكفار -من أضراب هذا- أوسع بطونا وأكثر أكلا -كما صحت بذلك الأحاديث-، وهم أيضا أشد الناس جبنا، وأكذب خَلْقِ الله حديثا كما وصفهم الله بذلك في كتابه، ولهذا قال له عوف: كذبت، ولكنك منافق. وفي قوله تعالى: { أَبِالله وءَايَاتِهِ ورَسُولِهِ... } الآية، اعتبار المقاصد؛ لأنهم لم يذكروا الله ولا رسوله ولا كتابه بشيء، وإنما فُهم هذا من مقصدهم الخبيث، فإن قيل: كيف لم يقتلهم؟ قيل: مخافةَ أن يتحدث الناس أن محمدا يقتلُ أصحابَه، كما علّل بذلك صلى الله عليه وسلم. ويُلحق بذلك: الاستهزاءُ بالأفعال والإشارات، مثل مد الشفة، أو الشفتين، وإخراج اللسان ، والرمز بالعين بإغضائها، وغير ذلك من كل ما عده الناس احتقارا واستهزاء. ماهية الاستهزاء بالدين - إسلام ويب - مركز الفتوى. من هذا يتبين أن بعض الاعتذارات لا ينبغي أن تقبل؛ لأن هذه الأشياء لا تأتي إلا ممن انشرح صدره لها، ولو كان الإيمان قد وقر في قلبه لمنعه من التفوه بذلك لدى الناس، ولكفه عما يضادّه ويخالفه، فإيمانُ القلب يستلزم العملَ الظاهر بمقتضاه؛ ولهذا قال تعالى في الآية الأخرى: { وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِالله وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} (5)، فنفى سبحانه وتعالى الإيمان عمن يتولى عن طاعة الرسول... إلى آخر كلامه رحمه الله.
ماهية الاستهزاء بالدين - إسلام ويب - مركز الفتوى
تاريخ النشر: الثلاثاء 10 صفر 1436 هـ - 2-12-2014 م
التقييم:
رقم الفتوى: 276430
9031
0
154
السؤال
حصلت لي بعض المواقف ولا أعرف إذا كان فيها استهزاء بالدين أم وساوس؟ في مرة في المدرسة كان هناك جماعة إسلامية فكان أحد الطلاب يريد الانضمام لهم فقال أحد الطلاب لي: تخيل أنه يروح يجاهد ها ها ها ها ها، فقالها وتصرف بطريقة مضحكة فضحكت. والموقف الثاني أن مرة أحد أصدقائي قتل عضارا فقلنا له لماذا قتلته ما استفدت؟ فقال لنا إنه يتحرش بالرسول فضحكنا، ومرة كان أحد الأساتذة الشيوخ يحكي قصة، وأثناء تلك القصة اقتبس آية قرآنية فضحك أكثرية الفصل، وأتوقع أنه الفصل كله ضحك، لكن ضحكنا في صوته وإلقائه، وآخر موقف أن أحد أصدقائي كان يحكي لنا يومه فقال أصلي وأصحابي كلهم مطاوعة لكن يدخنون، وأتذكر أنه في كلامه قال المهم ما أطاوع مطوعا فاسدا، طيب الله يجزيكم خيرا هل يجوز قول إن المطاوعة مرعبون أو مخيفون؟. وفي مرة ذهب أحد أصدقائي للبحر فوجد رجلا وزوجته وفي اليوم الذي خرجت معه حكى لي ما رأى في ذلك اليوم فقال: إذا أتت الهيئة سيمسكونهم ويؤدونهم السجن فضحكنا، فهل في كل ما كتبته استهزاء بالدين أو فيه شيء ناقض للإسلام؟ أم أمور عادية ومزح؟.
حكم الاستهزاء بأمور الدين وأهل العلم والصالحين - عبد الله بن عبد العزيز العقيل - طريق الإسلام
وعن بلالِ بنِ الحارِثِ المُزَنِي صاحِبِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يقول: سَمِعْتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنَّ أحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن رِضْوَانِ اللهِ ما يَظُنُّ أنْ تَبْلُغَ ما بَلَغَتْ، فَيَكْتُبَ اللهُ لَهُ بها رِضْوَانَهُ إلى يَوْم يَلْقَاهُ، وَإنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ ما يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، فَيَكْتُبَ اللهُ عَلَيْهِ بها سَخَطَهُ إلى يَوْمِ يَلْقَاهُ»[2]. وإذا كان هذا الوعيد المذكور في مجرَّد كلمة، فكيف بمَنْ يستهزئ بكلمات الله تعالى؟! حكم الاستهزاء بالقرآن - طريق الإسلام. الإجماع على كفر الاستهزاء بالقرآن: وقد أجمعت الأمَّة على كفر مَنْ استهزأ بالقرآن العظيم، أو بشيء منه، ولو كانت آية واحدة، وممَّن صرَّح بحكاية الإجماع: القاضي عياض، والإمام النَّووي، والقاضي ابن فرحون المالكي - رحمهم الله تعالى - وفيما يلي نقل أقوال العلماء في ذلك: 1- القاضي عياض - رحمه الله - يحكي إجماع المسلمين على كفر من استهزأ بالقرآن العظيم، أو بشيء منه، فيقول: «اعلم أنَّ مَنْ استخفَّ بالقرآن أو بالمصحف، أو بشيء منه، أو سبَّهما... فهو كافِرٌ بإجماع المسلمين»[3].
ما الاثار السيئة المترتبة على الاستهزاء بالدين واهلة اجابة السؤال - تعلم
وجزاكم الله خيرا. الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر لنا أن السائل يعاني من الوسوسة في مسألة الاستهزاء، فإن كان كذلك فعليه أن يطرح هذه الأفكار عن نفسه، فإن الوسوسة مرض شديد، وداء عضال، والاسترسال معها يوقع المرء في الحيرة والشك المرضي، والضيق والحرج الشرعي، فكما يجب على العبد أن يخاف من الوقوع في الكفر وأن يبتعد عنه أشد البعد، فكذلك ينبغي أن لا يكون موسوسا كلما حصل منه شيء اتهم نفسه أو غيره بالكفر، وراجع في ذلك الفتويين التالية أرقامهما: 78602 ، 126529. ثم إنه لا يظهر لنا في الحوادث المذكورة في السؤال استهزاء صريح بالدين وأحكامه. ثم اعلم ـ يرحمك الله ـ أن الاستهزاء بالدين منبعه السخرية والاستخفاف، قال البيضاوي: الاستهزاء: السخرية والاستخفاف، يقال: هزئت واستهزأت بمعنى، كأجبت واستجبت، وأصله الخفة من الهزء وهو القتل السريع. هـ. ولا يخفى أن خوف السائل ـ الذي وصل إلى حد الوسوسة ـ قاطع بأنه ليس عنده أي استخفاف بالدين وأحكامه، فعليه بعلاج حاله بالإعراض التام عن الوسوسة، وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 136381. والله أعلم.
حكم الاستهزاء بالقرآن - طريق الإسلام
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ۗ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ (13) القول في تأويل قول الله جل ثناؤه: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قال أبو جعفر: وتأويل قوله: (وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس) يعني: وإذا قيل لهؤلاء الذين وَصَفهم الله ونعتَهم بأنهم يقولون: آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ صَدِّقوا بمحمد وبما جاء به من عند الله، كما صدق به الناس. ويعني بـِ " الناس ": المؤمنين الذين آمنوا بمحمد ونبوته وما جاء به من عند الله. كما-: 343- حدثنا أبو كُريب, قال: حدثنا عثمان بن سعيد, عن بشر بن عُمارة, عن أبي رَوْق, عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله: ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ) ، يقول: وإذا قيل لهم صدِّقوا كما صدَّق أصحاب محمد, قولوا: إنَّه نبيٌّ ورسول, وإنّ ما أنـزل عليه حقّ, وصدِّقوا بالآخرة, وأنَّكم مبعوثون من بعد الموت (81). وإنما أدخِلت الألف واللام في " الناس " ، وهم بعضُ الناس لا جميعُهم، لأنهم كانوا معروفين عند الذين خُوطبوا بهذه الآية بأعيانهم، وإنما معناه: آمِنُوا كما آمَن الناس الذين تعرفونهم من أهل اليقين والتصديق بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به من عند الله وباليوم الآخر.
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ (13) قال أبو جعفر: وهذا خبرٌ من الله تعالى عن المنافقين الذين تقدم نعتُه لهم، ووصفُه إياهم بما وصفهم به من الشك والتكذيب - أنَّهم هُم الجُهَّال في أديانهم, ص [ 1-295] الضعفاء الآراء في اعتقاداتهم واختياراتهم التي اختاروها لأنفسهم، من الشكّ والريْب في أمر الله وأمر رسوله وأمر نبوته, وفيما جاء به من عند الله, وأمر البعث, لإساءَتهم إلى أنفسهم بما أتَوْا من ذلك وهم يحسبون أنَّهم إليها يُحْسِنون. وذلك هو عَيْنُ السَّفه, لأن السفيه إنما يُفسد من حيث يرى أنه يُصلحُ، ويُضيع من حيث يَرى أنه يحفظ، فكذلك المنافق: يَعصي رَبَّه من حيث يرى أنه يطيعُه, ويكفرُ به من حيث يرى أنه يُؤمن به, ويسيء إلى نفسه من حيث يحسب أنه يُحسن إليها, كما وصفهم به ربنا جلّ ذكره، فقال: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ ، وقال: (ألا إنهم هم السفهاء) - دون المؤمنين المصدّقين بالله وبكتابه، وبرسوله وثوابه وعقابه - (ولكن لا يعلمون). وكذلك كان ابن عباس يتأول هذه الآية. 348- حدثنا أبو كُريب, قال: حدثنا عثمان بن سعيد, عن بشر بن عُمارة, عن أبي رَوْق, عن الضحاك, عن ابن عباس يقول الله جل ثناؤه: ( أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ) ، يقول: الجهال, (ولكن لا يعلمون) ، يقول: ولكن لا يعقلون (85).
وفي هذا دليل على أن الإنسان قد يكفر بكلمة يتكلم بها، أو عمل يسيرٍ يعمله، وهو لا يشعر، كما قال تعالى في آية آخرى: {... أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} (6)، وفي الحديث: " إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار سبعين خريفا " (7)، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، ومن أشد ذلك خطرا إرادات القلوب ، فهي كالبحر الذي لا ساحل له. وفي هذا دليل على الخوف من النفاق الأكبر، فإن الله تعالى أثبت لهؤلاء إيمانا قبل أن يقولوا ما قالوه، كما قال ابن أبي مُلَيْكَة: أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه. نسأل الله العفو والعافية. فعلى الإنسانِ الحذر من هذه الأقوال والأفعال القبيحة، ولْيكفَّ نفسَه ولسانَه عن الانطلاق في هذا الميدان، فقد ورد في الحديث: " وهل يَكُبُّ الناسَ على مناخرهم في النار إلا حصائدُ ألسنتهم " (8)، اللهم عفوا وغَفْرا، ربنا لا تُحملنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنا، واغفر لنا، وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. ___________________________________________
1 - سورة المطففين: الآيتان (29، 30).