تهلّل وجه البكري، وهمّ يقبّل رأس العبد -الشبراوي لا الحلواني- وكأنما رددت عليه ضالته، وسألني: فما بال أقوامٍ يجمعونني والحطيئة في سلة واحدة؟ ومن هذا الحطيئة بالأساس؟ قلت سأوافيك بخبره وقصته معك في الجزء الموالي.
- ستبدي لك الأيام ماكنت جاهلا شرح
ستبدي لك الأيام ماكنت جاهلا شرح
ونزولًا على رغبته فعلت، إذ قال البغوي "وقال معمر عن قتادة: بلغني أن عائشة سئلت: هل كان النبي يتمثل بشيء من الشعر؟ قالت: كان الشعر أبغض الحديث إليه، ولم يتمثّل بشيءٍ من الشعر إلا ببيت أخي بَني قيسٍ طَرَفَة (ستُبدي لك الأيام ما كنت جاهلًا/ ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد)؛ فجعل يقول (ويأتيك من لم تزود بالأخبار)؛ فقال أبو بكر رضي الله عنه: ليس هكذا يا رسول الله؛ فقال "إني لست بشاعرٍ ولا ينبغي لي". استبد بالجاهلي الطرب، وقال ثمة جماعةٌ يقال لهم أهل البيان والبديع؛ فهل تعرضوا لهذا البيت بشيء من الدراسة والتحليل؟ أدري أنهم قتلوا معلقتي بحثًا وفحصًا ودرسًا، لكن يعنيني هذا البيت بالدرجة الأولى، إذ -وسأكشف لك سرًا وخذه خبرًا عاجلًا إن شئت- قلتُه وقد ترحّلت خولة عن الديار، وكنت عائدًا من الدوام تعبًا وغلبني النوم، ولعلني نمت طويلًا مثلما فعل كاظم الساهر ساعة قال (وصحيت من نومتي وأنت في بلد ثانٍ). تذكرت لحظتها صاحبي وحديثه عن غمازات محبوبته، وحيائها اللافت ووجهها الطفولي، وابتسمت وطرفة يستحثني القول، وأنا أستمهله وأعصر ذاكرتي علّها تسعفني بشيء يجبر خاطره ويطيل بشاشة وجهه. ستبدي لك الأيام ماكنت جاهلا. وددت لو حدثته عن ألوان البيان والبديع، لكنه استوقفني وأبدى اعتراضه على مناهج الاستطراد، يروقه القصد والاعتدال والمباشرة دون اللف والدوران، وبدا له أنني لم أفهم سؤاله فأعاده بعصبية، وشفعه بسؤال آخر: أعندك جواب سؤالي؟
قلت: لا تغضب يا فنان!
الاموال تتكدس أيضا لدى أصحاب المصالح المرتبطة بالخدمات الصحية التي يحتاجها المواطن في ظل انحسار نطاق تغطية التأمين الصحي الحكومي. ستبدي لك الايام امرا جهلته. الأموال أيضا سوف تتكدس بأيدي تلك الشركات الاستثمارية التي ستستثمر في البنية التحية لدرجة أن المتوجه الى مدن جنوب الضفة الغربية سوف يدفع لقاء استخدامه طريقا محدثا لطريق واد النار الذي سيشكل بداية الاستثمار والخصخصة لمرافق البنية التحتية حيث سنشهد لاحقا مشاريع استثمارية خاصة تجبر المواطن على دفع الرسوم اليها تتعلق بتدوير النفايات ومعالجتها وتكرير مياه الصرف الصحي لنصل ذات يوم الى أن يجد المواطن نفسه مضطرا الى شراء عبوات اوكسجين ليتنفس حيث سيتم حجب الهواء عنه. المواطن ينفق معظم دخله ليس على الأكل أو الملبس أو المشرب، وانما في تسديد الفواتير من ماء وكهرباء وهاتف وخطوط نفاذ وأجهزة محمولة، وفي العلاج. ويطل علينا مجموعة من المتخصصين في الاقتصاد والمال ليبرروا لنا ما الذي يحصل ويقومون باستخدام مصطلحات وعبارات لا يفمهما المواطن كأن يقول أحدهم أن الاتجاه هو نحو تخفيض الانفاق الحكومي الرسمي وذلك بالتركيز على فاتورة الرواتب وغيرها من العبارات المبهمة. إذ أن ما يهم المواطن هو أن تكون مصاريفه أقل من دخله على الأقل ويكون هناك فرصة لأخذ أطفاله للعب اسبوعيا ( وليس يوميا) في مركز للملاهي.