كما أن صوت الحمار ينشأ عن الشهيق، بينما ينشأ صوت بقية الكائنات الحية عن الزفير، ونتيجة لهذا ينشأ تردد معين مضر بالأذن البشرية ( [6]). وهذا ما جاءت به الآية الكريمة وأكَّده العلم الحديث. 3) وجه الإعجاز:
لقد أثبت القرآن الكريم من خلال قوله تعالى:) واقصدْ في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير (19) ( (لقمان) أن الضوضاء صورة من صور تلوث البيئة، وأن هناك علاقة وثيقة بين الاستقرار البدني للكائن الحي، وبين مستوى الضجيج في ذلك الوسط. وهذا ما أكدته الدراسات العلمية الحديثة، كما أشارت الآية إلى أن صوت الحمار يعرِّض الإنسان للإصابة بالعديد من الأمراض، "فالإشارة القرآنية التي تقول:) إن أنكر الأصوات لصوت الحمير(19) ( (لقمان) فيها من السبق العلمي ما لم يكن معروفًا في زمن الوحي بالقرآن الكريم، ولا لقرون متطاولة من بعده، وورودها في كتاب أُنزل على نبي أُمِّيٍّ، وفي أمة غالبيتها الساحقة من الأميين من قبل أربعة عشر قرنًا، وإلماحاتها إلى أخطار التلوث البيئي بالضجيج على صحة الإنسان- هي حقائق لم تُعرف إلا في أواخر القرن العشرين" ( [7]). ( *) منتدى: الملحدين العرب. الشبهة الخامسة دعوى أن استنكار القرآن لصوت الحمار يتنافى مع منهج العلم. [1]. تفسير الآيات الكونية في القرآن الكريم، د.
الإعجاز في قوله واقصد في مشيك واغضض من صوتك - مجلة رجيم
فعلى كل إنسان يدعو أو يصلي بصوت عالي هو في عداء مع الله دون أن يدرك، يقول تعالى:
((..... واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير. وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً)) سورة الإسراء آية 110. لأنك تدعو السميع البصير، الذي هو أقرب إليك من حبل الوريد، فلماذا الصوت العالي يا مسلمين في الدعاء وفي كل صلاة؟!.. وقد نهانا الله عن ذلك، معتبره عز وجل عداء له، وكما تعلمون أن المسلمون منذ أن تركوا شرع الله وما أمر به أن يتبع، يقول تعالى:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) سورة المائدة آية 35.
ان انكر الاصوات - الطير الأبابيل
الشبهة الخامسة
دعوى أن استنكار القرآن لصوت الحمار يتنافى مع منهج العلم ( *)
مضمون الشبهة:
يسخر بعض المغرضين من قوله تعالى:) واقصدْ في مشيك واغضضْ من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير(19) ( (لقمان)، زاعمين أن الآية الكريمة تعبر عن نظرة الإنسان القديم إلى الكائنات حوله، فحين استنكرت صوت الحمار لم تستقصِ سائر المخلوقات على سطح الأرض، فأين المنهج العلمي للقرآن؟! وجه إبطال الشبهة:
تؤكد الدراسات الحديثة أن الضوضاء صورة من صور تلوث البيئة، وأن هناك علاقة وثيقة بين الاستقرار البدني والنفسي للكائن الحي- بل والجمادات- في وسط ما، وبين مستوى الضجيج السائد في ذلك الوسط، كما ثبت بالقياس أن شدة صوت نهيق الحمار تتجاوز المئة ديسيبل، وأن كثرة التعرض لهذا الصوت قد تصيب الإنسان بالعديد من الأمراض، كما أن صوت الحمار ينشأ عن الشهيق، فينشأ نتيجة ذلك تردد معين مُضِرّ بالأذن البشرية، كما يزيد صوته قبحًا؛ لذا استنكره القرآن الكريم. التفصيل:
1) الحقائق العلمية:
ثبت علميًّا أن شدة صوت نهيق الحمار تتجاوز المئة ديسيبل، وأن كثرة التعرض لهذا الصوت قد يصيب الإنسان بالعديد من الأمراض، كما أن صوت الحمار ينشأ عن الشهيق، فينشأ نتيجة لهذا تردد معين مُضِرّ بالأذن البشرية.
الشبهة الخامسة دعوى أن استنكار القرآن لصوت الحمار يتنافى مع منهج العلم
والحمار مثل في الذم البليغ والشتيمة ، وكذلك نهاقه; ومن استفحاشهم لذكره مجردا أنهم يكنون عنه ويرغبون عن التصريح فيقولون: الطويل الأذنين; كما يكنى عن الأشياء المستقذرة. وقد عد في مساوئ الآداب أن يجري ذكر الحمار في مجلس قوم من أولي المروءة. ومن العرب من لا يركب الحمار استنكافا وإن بلغت منه الرجلة. وكان عليه الصلاة والسلام يركبه تواضعا وتذللا لله تبارك وتعالى. الرابعة: في الآية دليل على تعريف قبح رفع الصوت في المخاطبة والملاحاة بقبح أصوات الحمير; لأنها عالية. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانا. وقد روي: أنه ما صاح حمار ولا نبح كلب إلا أن يرى شيطانا. الإعجاز في قوله واقصد في مشيك واغضض من صوتك - مجلة رجيم. وقال سفيان الثوري: صياح كل شيء تسبيح إلا نهيق الحمير. ، وقال عطاء: نهيق الحمير دعاء على الظلمة. الخامسة: وهذه الآية أدب من الله تعالى بترك الصياح في وجوه الناس تهاونا بهم ، أو بترك الصياح جملة; وكانت العرب تفخر بجهارة الصوت الجهير وغير ذلك ، فمن كان منهم أشد صوتا كان أعز ، ومن كان أخفض كان أذل ، حتى قال شاعرهم: جهير الكلام جهير العطاس جهير الرواء جهير النعم ويعدو على الأين عدوى الظليم ويعلو الرجال بخلق عمم فنهى الله سبحانه وتعالى عن هذه الخلق الجاهلية بقوله: إن أنكر الأصوات لصوت الحمير أي لو أن شيئا يهاب لصوته لكان الحمار; فجعلهم في المثل سواء.
فإذا ما اقترن قبح الصوت مع ارتفاعه- كما أشرنا- يتأكد أن القرآن كان معجزًا عندما أخبر أن أنكر الأصوات صوت الحمير) إن أنكر الأصوات لصوت الحمير (19) ( (لقمان). 2) التطابق بين الحقائق العلمية والآية الكريمة:
يقول الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى:) واغضضْ من صوتك ( (لقمان:19): "أي: انقص منه؛ أي: لا تتكلف رفع الصوت وخذ منه ما تحتاج إليه، فإن الجهر بأكثر من الحاجة تكلف يؤذي. وقوله تعالى:) إن أنكر الأصوات لصوت الحمير (19) ( (لقمان) ؛ أي: أقبحها وأوحشها" ( [4]). وجاء في تفسير ابن كثير: "وقوله:) إن أنكر الأصوات لصوت الحمير (19) ( (لقمان) قال مجاهد وغير واحد: إن أقبح الأصوات لصوت الحمير؛ أي: غاية من رفع صوته أنه يشبه بالحمير في علو صوته ورفعه" ( [5]). وبمناقشة موضوع الآية مناقشة علمية لا بد من معرفة ماهية الصوت؛ فالصوت كما يعرفه الفيزيائيون: هو ظاهرة طبيعية تنشأ عن اهتزاز الأجسام ندركها بحاسة السمع، وينقسم إدراكنا إياها إلى قسمين: شدة الصوت وحدته، أما شدة الصوت فهي الطاقة الصوتية التي تعبر وحدة المساحة في وحدة الزمن، وتُقاس بالديسيبل، وأما حدته فهي تردد الموجات الصوتية، وتُقاس بالهيرتز. وبالرجوع للآية الكريمة) إن أنكر الأصوات لصوت الحمير(19) ( (لقمان) فقد قال العلماء فيها: إن أنكر بمعنى أقبح وأوحش، وهذا يعتمد على معنى القبح في المناظير المختلفة.