اتفقت المذاهب الأربعة على عدم جواز صلاة الفريضة على الدابة أو الراحلة إلا عند الضرورة [1] ؛ لحديث جابر رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته نحو المشرق ، فإذا أراد أن يصلي المكتوبة، نزل فاستقبل القِبْلة" [2] ، بل نقل ابن بطال الإجماع على ذلك، فقال: "أجمع العلماء على اشتراط ذلك، وأنه لا يجوز لأحد أن يصلي الفريضة على الدابة من غير عذرٍ" [3]. وصلاة الفريضة في الطائرة عند الضرورة - كخشية فوات وقتها ولو بجمعها - أجمع العلماء المعاصرون على جوازه بقدر الاستطاعة ركوعًا وسجودًا واستقبالًا للقبلة، ومن أبرز أدلتهم على ذلك ما يلي:
1- قول الله تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16]. 2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " [4]. ص261 - كتاب جامع تراث العلامة الألباني في الفقه - التزين في الصلاة - المكتبة الشاملة. 3- قياسًا على صلاة الفريضة على الدابة، أو الراحلة عند الضرورة. وإنما اختلفوا على قولين في صحة صلاة الفريضة في الطائرة عند عدم الضرورة - كمن غَلَب على ظنه أنها ستهبط قبل خروج وقت الصلاة بقدر يكفي لأدائها، أو إذا كانت الصلاة الحاضرة مما تجمع مع غيرها كصلاة الظهر مع العصر - بشرط أن يتمكن من الإتيان بأركانها:
القول الأول: جواز الصلاة في الطائرة، وبه قال أغلب العلماء.
ص261 - كتاب جامع تراث العلامة الألباني في الفقه - التزين في الصلاة - المكتبة الشاملة
[١٥]
أهمية المحافظة على الصلاة
إنّ للمُحافظةِ على الصلاةِ أهميةً عظيمةً، وفضلاً كبيراً، وفيما يأتي بيان ذلك: [١٦]
الصلاة تنهى صاحبَها عن الفحشاءِ والمُنكر، لِقولهِ -تعالى-: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) ، [١٧] كما أنّها أفضلُ الأعمال بعد الشهادتين، وتكونُ نوراً لِصاحبها في الدُنيا والآخِرة، وتُدخلهُ الجنة. الصلاة تُزيل الخطايا، وترفعُ الدّرجات، وتُكفِّر السيِّئات، ويغفرُ اللهُ -تعالى- الذنوبَ التي تكون بين الصّلاتين، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ). [١٨]
المشي إليها يُكفِّر السيئات، ويَكتب الحسنات، ويرفع الدرجات، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (مَن تَطَهَّرَ في بَيْتِهِ، ثُمَّ مَشَى إلى بَيْتٍ مَن بُيُوتِ اللهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِن فَرَائِضِ اللهِ، كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إحْدَاهُما تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً) ، [١٩] كما أنَّ المشي إليها سببٌ للضيافةِ في الجنّة.
وقد يشق ملاحظة القبلة في الطائرة في حال التهجد بالليل ونحو ذلك قد يشق عليه ذلك، فلعله إذا صلى إلى جهة سيره في النافلة خاصة لعله يعفى عنه إن شاء الله إلحاقًا للطائرة بالبعير ونحوه الذي كان يصلي عليه النبي ﷺ إلى جهة سيره، لكن إذا أمكنه أن يستقبل ويدور في النافلة فعل ذلك خروجًا من الخلاف وعملًا بما قاله بعض أهل العلم في هذا الباب. أما الفريضة فلابد من الدوران فيها إذا لم يتيسر له أن يصليها في الأرض قبل السفر أو بعد السفر بأن كانت الرحلة طويلة ولا يتمكن من صلاتها في الأرض فإنه يصليها في القطار وفي الطائرة لكن يدور مع القبلة في الفريضة. نعم. المقدم: هذا بالنسبة للانحراف يمينًا وشمالًا، أما الاهتزاز ففي إمكانه أن يصلي جالسًا؟
الشيخ: نعم. يصلي حسب حاله، إن قدر قائمًا صلى قائمًا، وإلا صلى جالسًا. نعم فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]. نعم. المقدم: جزاكم الله خيرًا. فتاوى ذات صلة