وقال ابن جريرٍ: حدّثنا يعقوب، حدّثنا هشيمٌ، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم ومجاهدٍ أنّهما تذاكرا هذه الآية: {فلا أقسم بالخنّس الجوار الكنّس}. فقال إبراهيم لمجاهدٍ: قل فيها بما سمعت. قال: فقال مجاهدٌ: كنّا نسمع فيها شيئاً، وناسٌ يقولون: إنّها النّجوم. قال: فقال إبراهيم: قل فيها بما سمعت. قال: فقال مجاهدٌ: كنّا نسمع أنّها بقر الوحش حين تكنس في جحرتها. قال: فقال إبراهيم: إنّهم يكذبون على عليٍّ. هذا كما رووا عن عليٍّ أنّه ضمّن الأسفل الأعلى والأعلى الأسفل، وتوقّف ابن جريرٍ في المراد بقوله: {الخنّس الجوار الكنّس}. هل هو النّجوم أوالظّباء وبقر الوحش؟ قال: ويحتمل أن يكون الجميع مراداً. « وَلَقَدْ رَآهُ بِالأفُقِ الْمُبِينِ » بسبع قراءات ,, تلاوة إعجازية للشيخ عبد الباسط رحمه الله - YouTube. وقوله: {واللّيل إذا عسعس} فيه قولان: أحدهما: إقباله بظلامه، قال مجاهدٌ: أظلم. وقال سعيد بن جبيرٍ: إذا نشأ. وقال الحسن البصريّ: إذا غشي النّاس. وكذا قال عطيّة العوفيّ. وقال عليّ بن أبي طلحة والعوفيّ عن ابن عبّاسٍ: {إذا عسعس}: إذا أدبر. وكذا قال مجاهدٌ وقتادة والضّحّاك. وكذا قال زيد بن أسلم وابنه عبد الرّحمن: {إذا عسعس}. أي: إذا ذهب فتولّى. وقال أبو داود الطّيالسيّ: حدّثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، عن أبي البختريّ سمع أبا عبد الرّحمن السلميّ قال: خرج علينا عليٌّ رضي اللّه عنه حين ثوّب المثوّب بصلاة الصّبح فقال: أين السّائلون عن الوتر: {واللّيل إذا عسعس والصّبح إذا تنفّس}.
وما صاحبكم بمجنون - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
فإذا كان ذلك كذلك، فأولى التأويلين بالصواب في ذلك: تأويل من تأوّله، وما محمد على ما علَّمه الله من وحيه وتنزيله ببخيل بتعليمكموه أيها الناس، بل هو حريص على أن تؤمنوا به وتتعلَّموه. وقوله: ﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ﴾
يقول تعالى ذكره: وما هذا القرآن بقول شيطان ملعون مطرود، ولكنه كلام الله ووحيه. وقوله: ﴿فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ﴾ ؟
يقول تعالى ذكره: فأين تذهبون عن هذا القرآن وتعدلون عنه. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ﴾ يقول: فأين تعدلون عن كتابي وطاعتي. وما صاحبكم بمجنون - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. وقيل: ﴿فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ﴾ ولم يقل: فإلى أين تذهبون، كما يقال: ذهبت الشأم وذهبت السوق. وحُكي عن العرب سماعا: انطلق به الغَوْرَ، على معنى إلغاء الصفة، وقد ينشد لبعض بني عُقَيل:
تَصِيحُ بِنا حَنِيفةُ إذْ رأتْنا... وأيَّ الأرْضِ تَذْهَبُ للصَّياح [[في المخطوطة: "الملك على الملك"، وهما سواء. ]] بمعنى: إلى أيّ الأرض تذهب واستجيز إلغاء الصفة في ذلك للاستعمال.
إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة التكوير - قوله تعالى ولقد رآه بالأفق المبين - الجزء رقم16
]]، وهذا مفسر في سورة "والنجم" [[سورة النجم: 13: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾.
الباحث القرآني
]]. ثم (أخبر) [[ما بين القوسين ساقط من (أ). ]] أن القرآن الذي يأتي به ليس من [[في (أ): عن. ]] تلقاء نفسه، ولا هو بمتهم في ذلك، وهو قوله:
« وَلَقَدْ رَآهُ بِالأفُقِ الْمُبِينِ » بسبع قراءات ,, تلاوة إعجازية للشيخ عبد الباسط رحمه الله - Youtube
وهو المرويّ عن عليٍّ رضي اللّه عنه. وقال ابن جريرٍ: يعني: وضوء النّهار إذا أقبل وتبيّن. وقوله: {إنّه لقول رسولٍ كريمٍ}. يعني: إنّ هذا القرآن لتبليغ رسولٍ كريمٍ.. أي: ملكٍ شريفٍ حسن الخلق بهيّ المنظر، وهو جبريل عليه الصّلاة والسّلام. قاله ابن عبّاسٍ والشّعبيّ وميمون بن مهران والحسن وقتادة والضّحّاك والرّبيع بن أنسٍ وغيرهم. {ذي قوّةٍ}، كقوله: {علّمه شديد القوى ذو مرّةٍ}. أي: شديد الخلق شديد البطش والفعل، {عند ذي العرش مكينٍ}. أي: له مكانةٌ عند اللّه عزّ وجلّ ومنزلةٌ رفيعةٌ، قال أبو صالحٍ في قوله: {عند ذي العرش مكينٍ}. قال: جبريل يدخل في سبعين حجاباً من نورٍ بغير إذنٍ، {مطاعٍ ثمّ}. أي: له وجاهةٌ، وهو مسموع القول مطاعٌ في الملأ الأعلى. إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة التكوير - قوله تعالى ولقد رآه بالأفق المبين - الجزء رقم16. قال قتادة: {مطاعٍ ثمّ}. أي: في السّماوات، يعني: ليس هو من أفناء الملائكة، بل هو من السّادة والأشراف، معتنًى به، انتخب لهذه الرّسالة العظيمة. وقوله: {أمينٍ} صفةٌ لجبريل بالأمانة، وهذا عظيمٌ جدًّا أنّ الرّبّ عزّ وجلّ يزكّي عبده ورسوله الملكيّ جبريل. كما زكّى عبده ورسوله البشريّ محمّداً صلّى اللّه عليه وسلّم بقوله: {وما صاحبكم بمجنونٍ}. قال الشّعبيّ وميمون بن مهران وأبو صالحٍ ومن تقدّم ذكرهم: المراد بقوله: {وما صاحبكم بمجنونٍ}.
وهى المذكورة فى قوله - تعالى -: ( عَلَّمَهُ شَدِيدُ القوى. ذُو مِرَّةٍ فاستوى. وَهُوَ بالأفق الأعلى. ثُمَّ دَنَا فتدلى. فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أدنى. فأوحى إلى عَبْدِهِ مَآ أوحى... )
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: { مُطَاع ثَمَّ أَمِين} يَقُول تَعَالَى ذِكْره: { مُطَاع ثَمَّ} يَعْنِي جِبْرِيل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, مُطَاع فِي السَّمَاء تُطِيعهُ الْمَلَائِكَة { أَمِين} يَقُول: أَمِين عِنْد اللَّه عَلَى وَحْيه وَرِسَالَته, وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا اِئْتَمَنَهُ عَلَيْهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ: 28302 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب, قَالَ: ثَنَا عُمَر بْن شَبِيب الْمُسْلِيّ, عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد, عَنْ أَبِي صَالِح: { مُطَاع ثَمَّ أَمِين} قَالَ: جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام, أَمِين عَلَى أَنْ يَدْخُل سَبْعِينَ سُرَادِقًا مِنْ نُور بِغَيْرِ إِذْن. * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مَنْصُور الطَّوْسِيّ, قَالَ: ثَنَا عُمَر بْن شَبِيب, قَالَ: ثَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد, قَالَ: لَا أَعْلَمهُ إِلَّا عَنْ أَبِي صَالِح, مِثْله. 28303 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن عُمَر بْن خَالِد الْأَقْطَع, قَالَ: ثَنِي أَبِي عُمَر بْن خَالِد, عَنْ مَعْقِل بْن عُبَيْد اللَّه الْجَزَرِيّ, قَالَ: قَالَ مَيْمُون بْن مَهْرَان فِي قَوْله: { مُطَاع ثَمَّ أَمِين} قَالَ: ذَاكُمْ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام.