إنّ الْحَمْدَ لِلهِ... عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. "الجنة أقرب إلى أحدكم من شِراك نعله، والنار مثل ذلك" | المنتدى العالمي للوسطيه. عبادَ اللهِ: رَوَى البُخارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ)
مَوعِظَةٌ بَلِيغَةُ؛ عَشْرُ كَلِمَاتٍ، فِيها بِشَارَةٌ وَنِذَارَةٌ، فِيهَا وَعْدٌ وَوَعِيدٌ، وتَرْغِيبٌ وَتَرْهِيبٌ. الجَنَّةُ أيُّها النَّاسُ وَمَا أعَدَّ اللهُ فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ المُقِيم، مِمَّا لَا عَينٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ لَيْسَتْ عَنْ بَعْضِنَا بِبَعِيدٍ، بَلْ هِيَ أقْرَبُ إلَى أَحْدِنَا مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، أقْرَبُ إلَيهِ مِنَ السَّيْرِ الذِي يَكُونُ عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ، أوْ مَا يُدْخِلُ فِيهِ إِصْبَعَ رِجْلِه. والنَّارُ أيُّهَا النَّاسُ؛ وَمَا أعَدَّ اللهُ فِيهَا مِنَ العِقَابِ الأَلِيمِ، لَيْسَتْ عَنْ بَعْضِنَا بِبَعِيدٍ، بَلْ هِيَ أقْرَبُ إلَيهِ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ. يقولُ ابنُ بَطَّالٍ رحمهُ الله؛ عن هذا الحديثِ: وَفِيه: دَلِيلٌ وَاضحٌ على أَنَّ الطَّاعَاتِ مُوصِلَةٌ إِلَى الْجنَّة والمَعَاصِي مُقَرِّبَةٌ مِنَ النَّارِ، فَقَدْ يكونُ فِي أيْسَرِ الْأَشْيَاء، وَيَنْبَغِي لِلْمُؤمنِ أَن لَا يَزْهَدَ فِي قَلِيلٍ مِنَ الْخَيْرِ، وَلَا يَسْتَقلَّ قَلِيلاً مِنَ الشَّرّ، فَيَحْسَبُهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْد اللهِ عَظِيم؛ فَإِنَّ الْمُؤمنَ لَا يعلمُ الْحَسَنَةُ الَّتِي يَرْحَمُهُ اللهُ بهَا، والسَّيِّئةَ الَّتِي يَسْخَطُ اللهُ عَلَيْهِ بهَا.
&Quot;الجنة أقرب إلى أحدكم من شِراك نعله، والنار مثل ذلك&Quot; | المنتدى العالمي للوسطيه
ويقول ابن القيم: «لا تتمُّ الرغبة في الآخرة إلا بالزهد في الدنيا، ولا يستقيم الزهد في الدنيا إلا بالنظر في الآخرة وإقبالها ومجيئها ، ودوامها وبقائها وشرف ما فيها من الخيرات والمسرَّات. والمسلم وهو يجاهد نفسه لابد له من عُدَّة يتسلح بها، وأقوى الأسلحة التي يستخدمها المسلم في مجاهدة نفسه سلاح الصبر؛ فمن صبر على جهاد نفسه وهواه وشيطانه غلبهم، وجعل له النصر والغلبة، وملك نفسه فصار ملكاً عزيزاً، ومن جزع ولم يصبر على مجاهدة ذلك غُلب وقُهر وأُسر، وصار عبداً ذليلاً أسيراً في يد شيطانه. أيها المسلمون
والجنة والنار مخلوقتان لله تبارك وتعالى، لا تبيدان ولا تفنيان، وهما موجدتان الآن، والله تبارك وتعالى جعل الجنة داراً لأوليائه، وجعل النار داراً لعصاته، ولما خلق الجنة بعث إليها جبريل ليراها: (قَالَ فَجَاءَهَا وَنَظَرَ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لأَهْلِهَا فِيهَا قَالَ فَرَجَعَ إِلَيْهِ قَالَ فَوَعِزَّتِكَ لاَ يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَهَا. )؛ فالجنة درجة عالية تحتاج إلى صعود، (فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهَا فَانْظُرْ إِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا قَالَ فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ قَدْ حُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خِفْتُ أَنْ لاَ يَدْخُلَهَا أَحَدٌ. )
وإذا ارتقيت إلى الجد الذي بعده، حتى اسمه ربما ما يعرفونه، وهكذا، ويبقى العمل، عمل الإنسان هو الذي يسعد به، أو يشقى، ولربما هذه الأشياء التي جمعها يحاسب عليها ويعذب؛ لأنه جمعها من حلال وحرام، وهؤلاء ينعمون بها، وتصل إليهم بطريق مباح وهو الميراث، وهو يشقى ويعذب بسبب ذلك، ولربما لا تأتيه دعوة من هؤلاء، أو كثير منهم. وإذا تذكر الإنسان هذا لم يغتر بالدنيا، ومباهجها، وكان ذلك عوناً له على تحقيق المجاهدة. والحديث الذي بعده حديث ابن مسعود قال: قال النبي ﷺ: الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك [1] رواه البخاري. الشراك: هو الجلد، جلد النعل الذي يكون في أحد الطرفين يقال له: شراك، بحيث لو انقطع لم يستقم له المشي بهذا النعل، فالجنة أقرب إلى أحدنا من شراك نعله، وكذلك النار، أي أنها قريبة، وهذا ظاهر، وذلك أن الرجل قد يتكلم بالكلمة من سخط الله، كما في الحديث: إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق [2]. بكلمة واحدة يتحول كل شيء، يصير هذا الإنسان كافراً يستحق النار، وكذلك أيضاً بكلمة واحدة يتحول إلى مؤمن، والرجل الذي تبع النبيَّ ﷺ وأسلم، وبايعه على الإسلام، وقتل معه في المعركة، لا صام، ولا صلى، وأخبر النبيُّ ﷺ أنه دخل الجنة بهذا [3].
- عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره. قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته)) [6616] رواه مسلم (2589). قال الغزالي: (اعلم أن الذكر باللسان إنما حرم؛ لأن فيه تفهيم الغير نقصان أخيك وتعريفه بما يكرهه فالتعريض به كالتصريح والفعل فيه كالقول والإشارة والإيماء والغمز والهمز والكتابة والحركة وكل ما يفهم المقصود فهو داخل في الغيبة وهو حرام) [6617] ((إحياء علوم الدين)) (3/144). - وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنَّه قال: ((مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين، فقال: إنَّهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، ثُمَّ قال: بلى، أمَّا أحدهما: فكان يسعى بالنَّمِيمَة، وأما الآخر: فكان لا يستتر من بوله، قال: ثُمَّ أخذ عودًا رطبًا، فكسره باثنتين، ثُمَّ غرز كل واحد منهما على قبر، ثُمَّ قال: لعله يُخفف عنهما مالم ييبسا.. ذم الغِيبة والنهي عنها في السُّنة النَّبَويَّة - موسوعة الأخلاق - الدرر السنية. )) [6618] رواه البخاري (6052)، ومسلم (292). قال العيني: (الترجمة مشتملة على شيئين: الغِيبة والنَّمِيمَة، ومطابقة الحديث للبول ظاهرة، وأما الغِيبة فليس لها ذكر في الحديث، ولكن يوجه بوجهين، أحدهما: أنَّ الغِيبة من لوازم النَّمِيمَة؛ لأنَّ الذي ينمُّ ينقل كلام الرَّجل الذي اغتابه، ويقال: الغِيبة والنَّمِيمَة أختان، ومن نمَّ عن أحد فقد اغتابه.
ذم الغِيبة والنهي عنها في السُّنة النَّبَويَّة - موسوعة الأخلاق - الدرر السنية
ا لخطبة الأولى ( أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ.. ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام مسلم في صحيحه: ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: « أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ ». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ « ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ ». قِيلَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ قَالَ: « إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ ». إخوة الإسلام
لقاؤنا اليوم إن شاء الله مع هذا الحديث النبوي ، والذي يحذرنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغيبة، فالمسلم عف اللسان ، قليل الكلام ، وأعراض المسلمين عنده مصونة ،لذا فيجب على المسلم حفظ لسانه عما نُهيَ عنه ، ومن هذه المنهيَّات التي تساهل الناس في الوقوع فيها كثيراً الغيبة والبهتان والنميمة.
رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع: « إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا) رواه مسلم. وفي سنن أبي داود: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ اسْتِطَالَةَ الْمَرْءِ فِي عِرْضِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَمِنَ الْكَبَائِرِ السَّبَّتَانِ بِالسَّبَّةِ ». أيها المسلمون
وإذا كانت الغيبة كبيرة من الكبائر ، ومحرمة في شريعة الاسلام ، فقد رخص في بعض صورها الشرع الحكيم عند الضرورة ،فتباح الغيبة لغرض شرعي ، وذلك لستة أسباب: أحدها: التظلم; فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان والقاضي وغيرهما ممن له ولاية أو قدرة على إنصافه على من ظالمه ، فيقول: ظلمني فلان ، أو فعل بي كذا. الثاني: الاستغاثة على تغيير المنكر ، ورد العاصي إلى الصواب ، فيقول لمن يرجو قدرته: فلان يعمل كذا فازجره عنه ونحو ذلك. الثالث: الاستفتاء بأن يقول للمفتي: ظلمني فلان أو أبي أو أخي أو زوجي بكذا ، فهل له ذلك ؟ وما طريقي في الخلاص منه ودفع ظلمه عني ؟ ونحو ذلك ، فهذا جائز للحاجة ، والأجود أن يقول في رجل أو زوج أو والد وولد: كان من أمره كذا ، ومع ذلك فالتعيين جائز لحديث هند وقولها: إن أبا سفيان رجل شحيح.