واختلف المؤرخون فى فترة الصلب قيل بأن الجسد ظل شهورا وقيل أربع سنوات والجسد أو ما تبقى منه لم ينزل من على خشبة الصلب، وفى النهاية أحرقوه ونثروا رماده فى النهر. وعندما علم أهل المدينة بمقتل زيد بن على ضج أهلها بالبكاء كأنه يوم مقتل جده الإمام الحسين، ومرت السنوات وذهبت الدنيا إلى حالها وذهب قتلته إلى النسيان وظل الإمام زيد بن على اسما دالا على العلم والصدق.
زيد ابن الإمام الحسن المجتبى(ع) – الشیعة
رابعًا: أقوال العلماء فيه:
وَذكره جَعْفَر الصادق يَوْمًا فَقَالَ: رحم الله عمِّي كَانَ وَالله سيدًا، وَلَا وَالله مَا ترك فِينَا لدُنْيَا وَلَا آخِرَة مثله [12]. وقال عنه الزهري:
يروى أنه سمع جلبةً فَقَالَ لمن عنده: مَا هَذَا، فَنَظَروا فَإِذا رَأس زيد بن علي يُطَاف بِهِ بيد للعانين، فَأَخْبَرته فَبكى، ثمَّ قَالَ: أهلك أهل هَذَا الْبَيْت العجلة [13]. وقال عنه الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان (رحمه الله): وقال أبو حنيفة: ما رأيت في زمانه أفقه منه ولا أسرع جوابًا ولا أبين قولًا [14]. وقال الجاحظ:
عدَّه الجاحظ من خطباء بني هاشم [15]. [1] أبو أحمد الحاكم، الأسامي والكنى، تحقيق: يوسف بن محمد الدخيل، دار الغرباء الأثرية، (المدينة المنورة: 1994)، ط1 ،3/ 383. [2] أبو محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ، المعارف، تحقيق: ثروت عكاشة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، (القاهرة: 1992) ط2، 216. [3] الحاكم، المصدر السابق، 3/ 383. [4] عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العقيلي، بغية الطلب في تاريخ حلب، تحقيق: سهيل زكار، دار الفكر، (بيروت: د/ ت) 9/ 4027. [5] شمس الدين أبو عبدالله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي ، سير أعلام النبلاء، تحقيق: مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط ، مؤسسة الرسالة، (بيروت: 1992) ، 5/ 389.
زيد بن الحسن المجتبى:
وأمَّا زيد بن الحسن المجتبى فقال عنه الشيخ المفيد في الإرشاد: "فأما زيد بن الحسن (رضي الله عنه) فكان على صدقات رسول الله صلى الله عليه وآله وأسنَّ، وكان جليل القدر كريم الطبع، ظريف النفس، كثير البر، ومدحه الشعراء وقصده الناس من الآفاق لطلب فضله" وقال عنه: "وزيد بن الحسن (رحمة الله عليه) كان مسالمًا لبني أمية ومتقلدا من قبلهم الأعمال، وكان رأيه التقية لأعدائه والتألف لهم والمداراة.. " (3). وأمَّا تخلُّفه عن نصرة عمِّه الإمام الحسين (ع) وبيعته لابن الزبير فقاله أحمد بن علي الحسين المعروف بابن عنبة في كتابه عمدة الطالب نقلًا عن الموضح النسابة قال ابن عنبة: "وكان زيد يكنى أبا الحسين، وقال الموضح النسابة: أبا الحسن وكان يتولَّى صدقات رسول الله صلى الله عليه وآله وتخلَّف عن عمِّه الحسين فلم يخرج معه إلى العراق، وبايع بعد قتل عمه الحسين عبدَ الله بن الزبير لأنَّ أخته لأمِّه وأبيه كانت تحت عبد الله بن الزبير. قاله أبو النصر البخاري.. " (4). وأمَّا ما قيل من معاداته للإمام الباقر (ع) فلم تثبت، وإنَّما يُستشهد على ذلك برواية مرسلة أوردها الراوندي في الخرائج والجوارح واشتملت على منازعته للإمام الباقر (ع) وسفره إلى عبد الملك بن مروان وإغرائه بقتل الإمام الباقر (ع) وانتهاء المنازعة بدسِّ السم للإمام وقتله (5) ، وهو غريب لأنَّ عبد الملك بن مروان توفي قبل استشهاد الإمام السجاد (ع) بما يقرب من العقد من الزمن ولذلك أفاد السيد الخوئي أنَّ الرواية غير قابلة للتصديق وأفاد أنَّها مفتعلة (6) ، وقد فصلنا الحديث حولها في مقالٍ مستقل تحت عنوان "تقييم رواية السرج المسموم".
فالإكرام إذاً ليس معيناً بل ما عدّه الناس إكراماً، ويختلف من جار إلى آخر، فجارك الفقير ربما يكون إكرامه برغيف خبز، وجارك الغني لا يكفي هذا في إكرامه، وجارك الوضيع ربما يكتفي بأدنى شيء في إكرامه، وجارك الشريف يحتاج إلى أكثر. والجار: هل هو الملاصق، أو المشارك في السوق، أو المقابل أو ماذا؟ هذا أيضاً يرجع فيه إلى العرف. وأما في قوله -عليه الصلاة والسلام-: "وَمَنْ كَانَ يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فَليُكرِمْ ضَيْفَهُ" الضيف هو النازل بك، كرجل مسافر نزل بك، فهذا ضيف يجب إكرامه بما يعد إكراماً. قال بعض أهل العلم -رحمهم الله-: إنما تجب الضيافة إذا كان في القرى أي المدن الصغيرة، وأما في الأمصار والمدن الكبيرة فلا يجب؛ لأن هذه فيها مطاعم وفنادق يذهب إليها، ولكن القرى الصغيرة يحتاج الإنسان إلى مكان يؤويه. ولكن ظاهر الحديث أنه عام: "فَليُكْرِمْ ضَيْفَهُ". من كان يؤمن بالله و اليوم الاخر فليقل خير. معاني الكلمات:
يؤمن
الإيمان الكامل المنجي من عذاب الله الموصل إلى رضاه. يؤمن بالله
أي: أنه الذي خلقه, وبأنه هو المستحق للعبادة. ويؤمن باليوم الآخر
أي: أنه سيجازى فيه بعمله. فليقل خيرا
كالإبلاغ عن الله وعن رسوله، وتعليم الخير والأمر بالمعروف عن علم وحلم، والنهي عن المنكر عن علم ورفق، والإصلاح بين الناس، والقول الحسن لهم.
من كان يؤمن بالله و اليوم الاخر فليقل خير
وعن أبي هريرة رضى الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى لا يلقى لها بالا يرفع الله تعالى بها درجاته ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقى لها بالا يهوي بها في جهنم " (2).
ولئن كان الإسلام قد أولى العناية بحق الضيف على بعده وقلّة حضوره ، فإن اهتمامه بالجار من باب أولى ، وحسبنا دلالة على ذلك: أن الله تعالى قرن الأمر بالإحسان إليه مع الأمر بعبادته سبحانه ، قال تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب} ( النساء: 36) ، وأكد النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحق في قوله: ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه). ومن هنا كان إيذاء الجار من كبائر الذنوب عند الله عز وجل ، بل هو منافٍ لكمال الإيمان ، وقد روى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن) ، قيل: "ومن يا رسول الله ؟ " ، قال: ( الذي لا يأمن جاره بوائقه) ، أي لا يسلم من شره وأذاه. ولاشك أن الإحسان إلى الجار قربة عظيمة إلى الله تعالى ، ومن هنا جعل الإسلام له حقوقا عديدة ، من جملتها: أن يمدّ جسور المحبة بينه وبين جيرانه ، وأن يأتي كل ما من شأنه أن يوطّد هذه العلاقة ، ويزيدها قوة ، فيتعهّده دائما بالزيارة والسؤال عن أحواله ، ويمدّ له يد العون في كل ما يحتاجه ، ويقف معه في الشدائد والنوائب التي قد تصيبه ، ويشاركه في أفراحه التي تسعده.