وقوله- تعالى-: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ بيان لحكمة الاستعانة بالصبر وهو الفوز والنصر. أى: إن الله مع الصابرين بمعونته ونصره، وتوفيقه وتسديده فهي معية خاصة، وإلا فهو- سبحانه- مع جميع خلقه بعلمه وقدرته. انا الله مع الصابرين والصادقين والقانتين. وقال- سبحانه-: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ولم يقل «مع المصلين» لأن الصلاة المستوفية لأركانها وسننها وخشوعها لا تتم إلا بالصبر، فالمصلون بحق داخلون في قوله- تعالى-: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ. ولم يقل «معكم» ليفيد أن معونته إنما تمدهم إذا صار الصبر وصفا لازما لهم. قال الأستاذ الإمام: إن من سنة الله: - تعالى- أن الأعمال العظيمة لا تتم ولا ينجح صاحبها إلا بالثبات والاستمرار، وهذا إنما يكون بالصبر، فمن صبر فهو على سنة الله والله معه، لأنه- سبحانه- جعل هذا الصبر سببا للظفر، إذ هو يولد الثبات والاستمرار الذي هو شرط النجاح، ومن لم يصبر فليس الله معه، لأنه تنكب سنته، ولن يثبت فيبلغ غايته «1». مَضَى الْقَوْل فِي مَعْنَى الِاسْتِعَانَة بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاة, فَلَا مَعْنَى لِلْإِعَادَةِ. شرح المفردات و معاني الكلمات: آمنوا, استعينوا, الصبر, الصلاة, الله, الصابرين,
تحميل سورة البقرة mp3:
محرك بحث متخصص في القران الكريم
Friday, April 29, 2022
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب
انا الله مع الصابرين والصادقين والقانتين
ما يُعين على الصبر
تُوجد مجموعة من الأمور التي تُعين العبد المؤمن على الصبر، وتُخفّف عليه ما يُصيبه من البلاء، والمرض، وغيره، ومنها ما يأتي: [٢٠]
معرفة طبيعة الدُّنيا ، ومعرفة حقيقتها وواقعها؛ فهي دار مَمرٍّ وابتلاء، ولا دوام فيها لأحد. الثقة بحُسن الثواب من عند الله -تعالى-، فيعلم الصابر ما ينتظره من الأجر والثواب في الدُّنيا والآخرة. معرفة الإنسان حقيقةَ نفسه، وذلك من خلال يقينه بأنّ النِّعَم كلّها من عند الله -تعالى-؛ فإذا أخذ الله -تعالى- منه شيئاً، فإنّما يكون قد استردّ بعض ما أنعم به عليه. اليقين بفرج الله -تعالى-، وأنّ نصره قريب، فقد وعد الله -تعالى- عباده باليُسر بعد العُسر، وبالسعة بعد الضيق، قال -تعالى-: (سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا). [٢١]
الاستعانة بالله -تعالى-؛ فإذا لجأ العبد إلى خالقه، فإنّه يشعر بالطمأنينة في قلبه وجوارحه، فيصبر على كُلّ ما أصابه؛ لأنّه يُوقن بأنّ الله معه. أجر الصابرين - موضوع. الاقتداء بالصابرين والاتِّعاظ من قصصهم؛ فقد جاءت الكثير من الآيات التي تتحدّث عن الأذى الذي تعرّض له الأنبياء من أقوامهم؛ لتكون مواساة للنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وتثبيتاً لقلبه، ولمَن تَبعه، قال -تعالى-: (وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ).
[١٧] [١٨]
حُكم الصبر
أجمع الأئمّة على أنّ الصبر واجبٌ بشكل عام، وقسّم الإمام ابن القيِّم الصبر إلى أقسام، وجعل لكلّ قسمٍ منها حُكماً خاصّاً به، وبيان هذه الأقسام على النحو الآتي: [١٩]
القسم الأول: الصبر على الطاعة ، والصبر عن الحرام، والصبر على المصائب التي لا يتدخّل العبد فيها؛ كالفقر، والمرض، وهذا القسم يكون الصبر فيه واجباً؛ فالصبر على الواجبات واجب. القسم الثاني: الصبر عمّا هو مكروه، والصبر على المُستحَبّ، وهذا القسم يكون الصبر فيه مندوباً؛ فالصبر على المُستحَبّ مُستحَبٌّ، والصبر عن فعل المستحبّ مكروه. القسم الثالث: الصبر عن الحرام في حالة الهلاك أو الموت، كمَن يصبر على الجوع حتى يموت، أو يصبر على الحريق وهو يستطيع أن يدفعها؛ فيكون الصبر في هذا القسم مُحرَّماً؛ لِقدرة الإنسان على دَفعه. القسم الرابع: الصبر عن الأكل والشُّرب بقَصد إلحاق الضرر بنفس الصابر، فيكون الصبر في هذا القسم مكروهاً. القسم الخامس: الصبر على الأُمور التي يُخيَّر المُكلَّف بين فِعلها وتركها، وهي ما تُسمّى بالمُباحات، فيكون الصبر عليها من المُباح. انا الله مع الصابرين وذخيرة الشاكرين. القسم السادس: الصبر المحمود؛ وهو الصبر الذي يُؤجَرُ عليه صاحبه، ويتكوّن من ثلاثة شروط، وهي: الإخلاص لله -تعالى-، وعدم الشكوى للناس، والصبر عند الصدمة الأولى.