وظلت المدينة هكذا من بعد النبي صلى الله عليه وسلم مقرًّا للخلافة الإسلامية في عهد الخلفاء الثلاثة الراشدين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان حتى منتصف رجب عام 36هـ/ 657م، وعندما تولى سيدنا علي رضي الله عنه الخلافة غادر المدينة إلى الكوفة، فأصبحت بذلك الكوفة العاصمة الجديدة، وعندما أصبح معاوية رضي الله عنه خليفةً للمسلمين انتقلت عاصمة الخلافة إلى دمشق، وبذلك قلت الأهمية السياسية للمدينة المنورة مع الاحتفاظ بمكانتها الدينية. ويوجد بالمدينة عدد من المعالم الطبيعية المهمة ومن أهم مآثرها جبل أُحد وهو أكبر جبال المدينة ويحتضنها من الشمال وعند سفحه جرت معركة أحد، وكذلك جبل الرماة وهو جبل صغير يقع قرب جبل أحد بجواب مقبرة شهداء أحد أوقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم الرماة في معركة أحد، ومن المعالم أيضًا وادي العقيق وهو من أشهر أودية المدينة المنورة وقد قامت على ضفافه في العصر الأموي قصور كثيرة ومن أشهر القصور فيه قصر سعد بن أبي وقاص وما زالت بعض آثاره قائمة حتى الآن، وبئر عروة بن الزبير الواقع على يسار الذاهب في طريق مكة القديم بعد تقاطعه مع الطريق الدائري الثاني مباشرة. وبالمدينة يوجد البقيع وهي المقبرة الرئيسية لأهل المدينة المنورة منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ومن أقرب الأماكن التاريخية إلى المسجد النبوي، تبلغ مساحته الحالية مائة وثمانين ألف متر مربع، ويضم البقيع مقابر آلاف من كبار الصحابة.
المدينة المنورة في عهد الرسول والمؤمنين
وجرت على المسجد كثير من التوسعات والترميمات خلال فترات مختلفة من التاريخ منذ إنشائه، ففي عهد سيدنا عثمان بن عفان جدد المسجد وزاد فيه، وبقي المسجد على حالته حتى تولى عبد الملك بن مروان الخلافة الأموية فأجرى فيه بعض الإصلاحات، وفي عهد سيدنا عمر بن عبد العزيز سنة 86هـ عندما كان واليًا على المدينة من قِبل الخليفة الوليد بن عبد الملك وسع مسجد قباء وبناه بالحجارة والجص وأقام فيه الأساطين في جوفها عمد الرصاص والحديد، ونقشه بالفسيفساء وعمل له منارة وسقفه بالساج وجعله أروقة وفي وسطه رحبة. وفي سنة 453هـ، جدد المسجد أبو يعلي أحمد بن الحسين بن أحمد بن الحسن رضي الله عنه، وفي سنة 555هـ كان هذا المسجد قد تهدم وتشعث فجدده الوزير جمال الدين محمد الأصفهاني وزير بني زنكي في بلاد الموصل، وفي سنة 733هـ قام الناصر محمد بن قلاوون بتجديد مسجد قباء، وفي سنة 840هـ، جدد سقف المسجد الأشرف برسباي، وفي سنة 877هـ، سقطت مئذنة المسجد فجددها متولي العمارة آنذاك الخواجكي الشمس بن الزمن سنة 881هـ، وفي عام 888هـ، أرسل السلطان قايتباي منبرًا رخاميًّا أبيض للمسجد النبوي ثم نقل بعد ذلك إلى مسجد قباء، وهو الموجود فيه الآن، وجُدد بعض سقفه وأنشئ به سبيل وبركة ماء قبالة المسجد.
المدينة المنورة في عهد الرسول صلى الله عليه
حدود الدولة
وسرعان ما بدأ النبي بأولى خطوات التأسيس. واعتمد تخطيطه للمدينة على تحديد مركزها وتحريم باطنها. وبدأ ذلك بأن بنى مسجده وابتنى حوله حجراته التي أقام فيها بقية عمره، فأصبح المسجد بذلك مركزًا لدولة النبي (ص). ثم أمر بتمييز حدود المدينة وأطرافها، وربط المركز بالأطراف، أي حِمى المدينة. وفي حديث كعب بن مالك أن الرسول أمره بتمييز حدود المدينة فوضع علامات الحدود على «أَشْرَافِ ذَاتِ الْجَيْشِ وَعَلَى أَعْلامِ الصُّبُوغَةِ وَعَلَى أَشْرَافِ مَخِيضٍ وَعَلَى أَشْرَافِ قَنَاةٍ0╗. وقد اعتبر النبي (ص) ما بين ذلك باطن للمدينة وحرمٌ لها فقال: «لكل نبي حرم، وحرمي المدينة». المدينة المنورة في عهد الرسول صلى الله عليه. وبذلك خرجت الدولة الجديدة، دولة النبي في المدينة، إلى الوجود. تعداد الدولة
ثم قام النبي (ص) بعدة خطوات أخرى لترسيخ قواعد الدولة الجديدة، كان أولها: إحصاء عدد المسلمين. وفي حديث حذيفة: «فَكَتَبْنَا لَهُ أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةِ رَجُلٍ فَقُلْنَا نَخَافُ وَنَحْنُ أَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ». ولم يكن يسكن المدينة الأوس والخزرج واليهود فقط، ولكن كان يسكنها أيضاً قدامى العرب من بقايا قضاعة مثل جهينة وعذرة وغيرهما. وقد ظل هؤلاء مُستغْلَبين حتى هاجر الرسول (ص) إلى المدينة وأعاد تخطيط العلاقات بين أتباعه عن طريق المؤاخاة والمساواة، وأخذ بأيدي بقايا قضاعة وعدهم من الأنصار وسوّاهم بغيرهم فأصبحوا معدودين في رهط النبي (ص) وكان لذلك أثره الكبير في سير الأمور في العصر النبوي وفي اختيار أبي بكر لخلافة النبي (ص) فيما بعد.
المدينة المنورة في عهد الرسول للاطفال
ورد فى التاريخ، قصص العديد من النساء اللاتى تم ذكرهن دون الإشارة إلى أسمائهن فى القرآن الكريم، وهن من نساء العالمين المخلدات، ومن بين سيدات العالمين المخلدات في التاريخ الإسلامي ومنهم أم المؤمنين "أم حبيبة" زوجة النبى محمد صلى الله عليه وسلم. نساء العالمين.. "أم حبيبة" بنت أبى سفيان التى انتظرت وعد الله - اليوم السابع. أسمها أم حبيبة، وهى رملة بنت أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤى، وهى صحابية من المهاجرين والسابقين الأولين وزوجة النبى محمد (ص)، من إخوانها الصحابى يزيد بن أبى سفيان، والصحابى والخليفة معاوية بن أبى سفيان. وبحسب "كتاب" نساء حول الرسول: القدوة الحسنة والأسوة الطيبة" للدكتور محمد إبراهيم سليم، أن أم حبيبة واحدة من كرام من هاجر إلى الحبشة من النساء المسلمات بنت رجل من أكبر المعادين للدعوة آنذاك "أبى سفيان" تاركة أباها وأخواتها والعز والمتعة فى ظلهم، ماضية إلى أرض الغربة والوحشة والنأى مع زوجها عبيد الله بن جحش. سافرت إلى الحبشة مع زوجها لكنها هناك بقت وحيدة، فقد تنصر زوجها، وداعها إلى النصرانية، فرفضته وقاطعته، ولم تتخل عن دينها، وظلت ثابتة على الحق من ربها ورسوله الكريم، وهى فى غربتها بلا أهل، وظلت تعانى آلام الغربة القاتلة، وآلام الترمل، وآلام الوحدة والوحشة، لا يجمعها مع مهاجرى الحبشة إلا رابطة العقيدة، بينما أبوها سيد مكه وصاحب الكلمة النافذة، والرأى المطاع، لكنها ترفض حماه، وتأوى إلى حمى الله ورعايته صابرة صادقة مجاهدة، وبقيت رفيقتها الوحيدة هى ابنتها حبيبة.
المدينة المنورة في عهد الرسول مع
ولهذا السبب أرسل النبي (ص) سرية زيد بن حارثة التي اصطدمت مع البيزنطيين وعرب الروم في قرية مُؤتة في جمادى الأولى سنة 8 هـ، وكان الاصطدام عنيفاً لدرجة أن قواد الحملة الثلاثة (زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبدالله بن رواحة) قتلوا إبان المعركة ثم تولى خالد بن الوليد القيادة وانسحب بالجيش فيما يشبه الملحمة. وفي العام التالي كانت غزوة تبوك. وما أن وصل المسلمون إلى تبوك في رجب سنة 9هـ وعلم الروم وعربهم أن النبي (ص) على رأس الجيش (جيش العُسرة) حتى فضلوا – رغم كثرتهم – عدم الاشتباك مع النبي والمسلمين. ومكث النبي (ص) والجيش لمدة عشرين يوماً في تبوك ينتظرون العدو الذي انسحب شمالاً. ولما رأت قبائل المنطقة ذلك صالحت النبي (ص) على الجزية ثم أرسلت الوفود بإسلامها إلى المدينة. وكانت هذه آخر غزوات النبي (ص)، وكانت بمثابة الإشارة للاتجاه الذي ينبغي أن تسير فيه الفتوح. ومن هذا القبيل سرية أسامة بن زيد والتي أعدها النبي (ص) قبل مرضه. المدينة المنورة في عهد الرسول مع. آخر حديث للنبي
في يوم من أيام مرضه أوصى النبي (ص) المسلمين بأمرين: أن يجيزوا جيش أسامة بن زيد، وألا يتركوا في جزيرة العرب دينين وقال: «أخرجوا منها المشركين». يعني من جزيرة العرب كما في البخاري ومسلم.
وقد حفز هذا الأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنشاء سوقاً مستقلة عن سوق اليهود لعدة أسباب منها: أعطاء الفرصة لتطبيق مبادى الاسلام في التجارة ومنع الإضرار بالأخر أولاً ، وتوفير فرصة عمل للتجار المكيين الذين فقدوا تجارتهم بسبب الهجرة ثانياً ، وتلبية متطلبات أهل المدينة الذين زاد عددهم زيادة ملحوضة بعد الهجرة ثالثاً.