وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير حتى نزل جانب دار أبي أيوب الأنصاري فتساءل: أي بيوت أهلنا أقرب ؟ فقال أبو أيوب: أنا يا نبي الله ، هذه داري وهذا بابي. فنزل في داره. وقد ورد في كتب السيرة أن زعماء الأنصار تطلعوا إلى استضافة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فكلما مر بأحدهم دعاه للنزول عنده ، فكان يقول لهم: دعوا الناقة فإنها مأمورة فبركت على باب أبي أيوب ، وكان داره طابقين, قال أبو أيوب الأنصاري: " لما نزل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي نزل في السّفل وأنا و أم أيوب في العلو, فقلت له: يا نبي الله - بأبي أنت وأمي - إني لأكره وأعظم أن أكون فوقك ، وتكون تحتي ، فاظهر أنت في العلو ، وننزل نحن فنكون في السفل. فقال: يا أبا أيوب: إن أرفق بنا وبمن يغشانا أن نكون في سفل البيت. قال: فلقد انكسر حبّ لنا فيه ماء, فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة لنا مالنا لحاف غيرها ننشف بها الماء تخوفاً أن يقطر على رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شيء يؤذيه ". مكة المكرمة والمدينة المنورة حرمان بخلاف بيت المقدس - إسلام ويب - مركز الفتوى. وقد أفادت رواية ابن سعد أن مقامه صلى الله عليه وسلم بدار أبي أيوب سبعة أشهر. وقد اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين ، وآثروهم على أنفسهم, فنالوا من الثناء العظيم الذي خلّد ذكرهم على مرّ الدهور وتتالي الأجيال ، إذ ذكر الله مأثرتهم في قرآن يتلوه الناس: { والذين تبوّأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فألئك هم المفلحون} ( الحشر9).
وصول رسول الله إلى المدينة - موقع مقالات إسلام ويب
وثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بكى على ابنه إبراهيم دون رفع صوت، وقال: "تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون". ووافق موته كسوف الشمس، فقال قوم: "إن الشمس انكسفت لموته"، فخطبهم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله -عز وجل- والصلاة". وصول رسول الله إلى المدينة - موقع مقالات إسلام ويب. وقال -صلى الله عليه وآله وسلم- حين توفي ابنه إبراهيم: "إن له مرضعًا في الجنة تتم رضاعه". وقيل إن الفضل بن العباس غسَّل إبراهيم، ونزل في قبره مع أسامة ابن زيد، ورسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- جالس على شفير القبر، حيث رش قبره، وأعلم فيه بعلامة.
مكة المكرمة والمدينة المنورة حرمان بخلاف بيت المقدس - إسلام ويب - مركز الفتوى
لقد تغلب المهاجرون على المشكلات العديدة ، واستقروا في الأرض الجديدة مغلبين مصالح العقيدة ومتطلبات الدعوة ، بل صارت الهجرة واجبة على كل مسلم لنصرة النبي عليه الصلاة والسلام ومواساته بالنفس ، حتى كان فتح مكة فأوقفت الهجرة لأن سبب الهجرة ومشروعيتها نصرة الدين وخوف الفتنة من الكافرين. والحكم يدور مع علته ، ومقتضاه أن من قدر على عبادة الله في أي موضع اتفق لم تجب عليه الهجرة منه ، وإلا وجبت. ومن ثم قال الماوردي: إذا قدر على إظهار الدين في بلد من بلاد الكفر ، فقد صارت البلد به دار إسلام ، فالإقامة فيها أفضل من الرحلة منها لما يترجى من دخول غيره في الإسلام. وعندما دون التاريخ في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه اتخذت مناسبة الهجرة بداية التاريخ الإسلامي ، لكنهم أخروا ذلك من ربيع الأول الى المحرم لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في المحرم ، إذ بيعة العقبة الثانية وقعت في أثناء ذي الحجة ، وهي مقدمة الهجرة. فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال المحرم ، فناسب أن يجعل مبتدأ التاريخ الإسلامي. والله الموفق والهادي الى سواء السبيل.
مع حلول شهر الخير، شهر رمضان المبارك، تبدأ "سبق" في سرد بعض قصص "حدث في بيت النبوة"، فالذي يقرأ في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم- يجد عجبًا من حُسن تعامله وجَمال أسلوبه مع زوجاته وأهله والمسلمين. ففي يوم من أيام المدينة العابقة بأنفاسه الشريفة -صلى الله عليه وسلم- جاء الصديق والفاروق، فدخلا بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فوجدا النبي -صلى الله عليه وسلم- جالسًا حوله نساءه ساكنًا وقد غلبه الهم والكآبة، فقال عمر: "لأقولن شيئًا أضحك به النبي -صلى الله عليه وسلم-". فقال: "يا رسول الله لو رأيت بنت خارجة -وهي زوجة عمر- سألتني النفقة فقمت فوجأت عنقها -أي ضربتها- فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي: "هن حولي يسألنني النفقة". فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها، وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها، كلاهما يقول: "تسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عنده؟" فقلن: "والله ما نسأل رسول الله شيئًا أبدًا ليس عنده"، ثم اعتزلهن شهرًا أو تسعًا وعشرين يومًا ثم نزلت الآية، {يا أيها النبي قل لأزواجك}، (الأحزاب الآية 28). قال: فبدأ بعائشة، فقال: "يا عائشة إني أريد أن أعرض عليك أمرًا أحب ألا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك"، قالت: ما هو يا رسول الله؟ فتلا عليها الآية، فقالت: أفيك يا رسول الله أستشير أبوي؟!