تابع أيضاً: اتقوا دعوة المظلوم فإن ليس بينها وبين الله حجاب
الرحمة من صفات الخالق عز وجل الذي أنعم بها على جميع مخلوقاته في الأرض، ولولا وجود هذه الرحمة لكانت البشرية مثل الوحوش تأكل بعضها دون أي خوف من كارثة أو موت، ولكن بوجود الرحمة في القلوب يعيش العالم في سلام، كما أن الرحمة من أهم أسباب دخول الجنة، حيث يقول الرسول صلى الله: " لن يُدخل أحداََ منكم عمله الجنةَ، قالوا: ولا أنت يا رسول الله، قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه بفضل ورحمة"، ونرى اثار رحمة الله تغمر عباده الصالحين الذين يفعلون الشيء طوعاََ لله.
اكتب ثلاثة من اثار رحمة الله - المساعد الشامل
[٦]
الإيمان بالله والاعتصام به؛ فمن يعتصم بالله يهبه رحمةً تُغنيه عن كلّ ما سواه. تقوى الله -عزّ وجلّ- في السرّ والعلن، حيث قال الله تعالى: (وَرَحمَتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ فَسَأَكتُبُها لِلَّذينَ يَتَّقونَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَالَّذينَ هُم بِآياتِنا يُؤمِنونَ) ، [٧] فذكرت الآية صفة التقوى واستشعار مخافة الله، فيتخذ المسلم بينه وبين الشرّ وقايةً، فيهذّب نفسه بالعبادات التي تتجلّى فيها استشعار خشية الله. رحمة الله تعالى بعباده: أسبابها وآثارها في ضوء القرآن الكريم (PDF). الاستماع لآيات القرآن الكريم والإنصات لها؛ فقد جاء في القرآن وصفاً عنه أنه هدىً ورحمة للمؤمنين، فالتلاوة الخاشعة للقرآن تفيض رحمةً على القارئ والمستمع، وقد جاء في القرآن قول الله تعالى: (وَإِذا قُرِئَ القُرآنُ فَاستَمِعوا لَهُ وَأَنصِتوا لَعَلَّكُم تُرحَمونَ). [٨]
قيام الليل؛ فإنه يظهر الفرق بين المؤمن والكافر، فالقيام يكون بين الأمل والرجاء لرحمة الله تعالى، وبين الخوف من عذاب الله وعقابه، ورجاء الرحمة لا يمكن أن يكون بمجرد التمنّي؛ بل لا بدّ فيه من العمل. إصلاح ذات البين؛ ورد ذلك في قول الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
رحمة الله تعالى بعباده: أسبابها وآثارها في ضوء القرآن الكريم (Pdf)
رحمة الله في جمع الناس لفصل القضاء
سابعًا: وتتجلى رحمة الله عز وجل في جمع الناس ليوم القيامة وإثابة المحسن ومعاقبة المسيء؛ حيث يظهر عدلُه سبحانه وفضلُه في هذا اليوم العظيم. من اثار رحمة الله. كما تظهر رحمة الله عز وجل ومغفرته لعباده في هذا اليوم ﴿كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [الأنعام: 12]. فمن مقتضى كتابته سبحانه الرحمة على نفسه أن يجمع الناس للفصل بينهم ومجازاة كل منهم بما تقضيه رحمته وعدله فيهم وفيما بينهم من الحقوق. رحمة الله فيما يصيب المؤمن
ثامنًا: كما تتجلى رحمة الله عز وجل في المصائب والمكروهات التي يقدرها على عباده المؤمنين، فهي وإن كانت مؤذية ومكروهة إلا أن في أعطافها الرحمة والخير بالمصاب؛ لأن الله عز وجل كتب على نفسه الرحمة، ورحمته سبقت غضبه، وليس ذلك إلا للمؤمن. وقـد تظـهر هذه الرحمة للمصاب عيانًا، ويتبين ما في المكروه مـن الرحمة واللـطف، وقد لا يتبين ذلك في الدنيا، ولكن تظهر آثار رحمة الله فيها في الآخرة بتكفير السيئات، وغفران الذنوب بفعل هذه المصائب، قال الله تعالى: ﴿وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 216].
( 2 «مختصر الصواعق المرسلة» (2/ 350) باختصار)
ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى:
"وبرحمته أطلع الشمس والقمر، وجعل الليل والنهار، وبسط الأرض، وجعلها مهادًا وفراشًا وقرارًا وكفاتًا للأحياء والأموات، وبرحمته أنشأ السحاب وأمطر المطر، وأطلع الفواكه والأقوات والمَرعَى. اثار رحمة الله. ومن رحمته سخر لنا الخيل والإبل والأنعام، وذلَّلها منقادة للركوب والحمل والأكل. ومن رحمته أن خلق للذكر من الحيوان أنثى من جنسه، وألقى بينهما المحبة والرحمة؛ ليقع بينهما التواصل الذي به دوام التناسل وانتفاع الزوجين، ويمتع كل واحد منهما بصاحبه. ومن رحمته أحوج الخلق بعضهم إلى بعض لتتم مصالحهم، ولو أغنى بعضهم عن بعض لتعطلت مصالحهم، وانحل نظامهم، وكان من تمام رحمته بهم أن جعل فيهم الغني والفقير، والعزيز والذليل، والعاجز والقادر، والراعي والمَرْعِيِّ، ثم أفقر الجميع إليه، ثم عم الجميع برحمته». ( 3 «مختصر الصواعق المرسلة» (2/ 123-124) باختصار وتصرف يسير)
رحمة الله في تعليمه للإنسان
ثانيًا: ومن آثار رحمته سبحانه تعليم الله عز وجل للإنسان ما لم يعلم؛ حيث أخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئًا، وجعل له السمع والبصر والفؤاد، وعلمه الفهم والإدراك، والبيان والإفصاح عما يعلمه ويفهمه؛ قال تبارك وتعالى: ﴿الرَّحْمَٰنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ [الرحمن: 1-4].