ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا بأن تسلطهم علينا فيفتنونا بعذاب لا نطيقه. واغفر لنا ما فرط منا من العذاب. ربنا إنك أنت العزيز الغالب الذي لا يذل [ ص: 238] من التجأ إليه ولا يخيب رجاء من توكل عليه. ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا - القارئ أحمد جمال - YouTube. الحكيم الذي لا يفعل إلا ما فيه حكمة بالغة، وتكرير النداء للمبالغة في التضرع والجؤار هذا، وأما جعل الآيتين تلقينا للمؤمنين من جهته تعالى وأمرا لهم بأن يتوكلوا عليه وينيبوا إليه ويستعيذوا به من فتنة الكفرة ويستغفروا مما فرط منهم تكملة لما وصاهم به من قطع العلائق بينهم وبين الكفرة فلا يساعده النظم الكريم.
- ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا - القارئ أحمد جمال - YouTube
ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا - القارئ أحمد جمال - Youtube
ثم قال: ﴿ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّه وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ﴾ تهييج من اللَّه للمؤمنين باللَّه تعالى واليوم الآخر إلى الاقتداء والتأسِّي بهم. الفوائد: في هذه الدعوات فوائد كثيرة، منها: 1- أهمية التوسّل إلى اللَّه تعالى بالعمل الصالح،وهو من موجبات إجابة الدعاء. 2 – تذييل الدعاء باسم يناسب المطلوب،دلّ على ذلك ختمهم باسم ( العزيز الحكيم). 3 – أهمية سؤال اللَّه تعالى المغفرة، كما في غالب الأدعية القرآنية، والسنة النبوية؛ لما فيها من إزالة كل مرهوب. 4 – أهمية تقديم الأهم في الدعاء، كما جاء في سؤالهم العصمة، والنجاة من المفسدين لدينهم، وعقيدتهم. 5 – أهمية تكرير التوسل بربوبية اللَّه تعالى المؤذن للإجابة، والقبول، والعناية، والحفظ؛ لأنّ ربوبية اللَّه عز وجل ربوبيتان: عامة، وخاصة، فالعامة لجميع الخلائق، والخاصة لخواصّ خلقه من المؤمنين، فهم يسألون هذه الربوبية التي تقتضي ما ذكر من العناية؛ ولهذا كانت أغلب أدعية القرآن مصدّرة بالتوسل إلى اللَّه بربوبيته؛ لأنها أعظم الوسائل على الإطلاق، التي تحصل بها المحبوبات، وتندفع لها المكروهات( [9]). 6 – أن الدعاء سلاح الأنبياء، والمؤمنين في كل أحوالهم. 7 – التوسل إلى اللَّه تعالى بأكثر من توسل، وهو آكد في حصول الإجابة، دلّ على ذلك أنهم جمعوا بين توسلين: أ- توسلهم بأعمالهم الصالحة.
وقولهم: ﴿ وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا ﴾: بعد أن سألوا اللَّه تعالى أن يصلح لهم دينهم في معاشهم، سألوه تعالى ما يصلح لهم أمورهم في آخرتهم: أي: واستر ذنوبنا فيما بيننا وبين غيرك، وتجاوز عنها فيما بيننا وبينك. ((وفي تكرار النداء بقولهم: ﴿ رَبَّنَا ﴾ إظهار للمبالغة في التضرع مع كل دعوة من الدعوات الثلاث))( [7])، وهذا يدلّ على شدّة إخلاصهم في دينهم، وكثرة توسّلهم إلى اللَّه تعالى في مطلوبهم. ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾: ثم بيّنوا علّة سؤالهم له تبارك وتعالى تأكيداً وتحقيقاً بأنه تعالى هو: ﴿ الْعَزِيزُ ﴾: الغالب الذي لا يُغلب، ولا يُذلُّ من لاذ بجنابه جلّ وعلا. ﴿ الْحَكِيمُ ﴾: أي أنت الحكيم في أقوالك، وأفعالك، وشرعك، وقدرك، فتضع الأشياء في محلها، ((واقتران العزيز بالحكيم يدلّ على كمال آخر غير كمال كل اسم بمفرده، وذلك: أن عزته جلّ وعلا مقرونة بالحكمة، فلا تقتضي ظلماً وجوراً وسوءاً، كما في المخلوقين قد تأخذه العزّة بالإثم فيظلم، وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونة بالعزّ الكامل، بخلاف المخلوق، فإن حكمته قد يعتريها الذل))( [8]). ثم كرَّر سبحانه وتعالى الحثَّ على التأسِّي بهم، فقال: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ للمبالغة في التأسِّي بهم في أفعالهم، وأقوالهم، ودعائهم.