وقد أهلك سبحانه فرعون فغرق، لم نتعظ عندما سلكنا مسالك الطغاة المتجبرين، لا أقول انظر ما يحدث في الشيشان وبورما وكشمير والصين.. بل ما يحدث للمسلمين في سوريا ومصر والعراق.. بل وعلى أيدي بعض المنتسبين لملتهم من قتل وتشريد واغتصاب وحرق وترويع وكفر بالله وصد عن سبيل الله مما لا يقل عن فعل اليهود والنصارى والملاحدة بهذه الأمة، وبعض المحسوبين على الإسلام لهم أوفر الحظ والنصيب من قوله تعالى:{ لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ} [ التوبة من الآية:10] ومن قول النبي صلى الله عليه وسلم: « لتتبعُنَّ سَنَنَ من كان قبلَكم، شبرًا بشبرٍ وذراعًا بذراعٍ، حتى لو دخلوا جُحْرَضبٍّ تبعتُمُوهم ». القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة القصص - الآية 43. قلنا: "يا رسولَ اللهِ، اليهودُ والنصارى؟" قال: « فمَنْ ». (صحيح البخاري [7320]). وفى الحديث: « صِنْفَانِ من أهلِ النار ِ لمْ أَرَهُما بَعْدُ: قومٌ مَعَهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ الناسَ بِها، ونِساءٌ كَاسِياتٌ عَارِياتٌ، مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلَنَّ الجنة َ، ولا يَجِدَنَّ رِيحَها، وإِنَّ رِيحَها لَيوجَدُ من مَسِيرَةِ كذا وكذا » (صحيح الجامع [3799])، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، والشرع لا يفرق بين المتساويين ولا يساوى بين المختلفين.
وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة . [ الحاقة: 9]
وقد روي في غاية المرام، من طرق الفريقين ستة عشر حديثا في ذلك وقال في البرهان إن محمد بن العباس روى فيه ثلاثين حديثا من طرق العامة والخاصة.
إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة الحاقة - قوله تعالى سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما - الجزء رقم15
رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا. ونحن في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان المبارك أهتف بالحكام والمحكومين: البدار البدار إلى التوبة قبل حلول النقمة، عساها ترد ما قد يرد، فإن البر لا يبلى والذنب لا يُنسى، والديان لا ينام { اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ۚ} [الشورى من الآية:47]. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة القصص - الآية 43
ووصفت قرى قوم لوط ب ( المؤتفكات) جمع مؤتفكة اسم فاعل ائتفك مطاوع أفكه ، إذا قلبه ، فهي المنقلبات ، أي قلبها قالب أي خسف بها قال تعالى فجعلنا عاليها سافلها. والخاطئة: إما مصدر بوزن فاعلة وهاؤه هاء المرة الواحدة فلما استعمل مصدرا قطع النظر عن المرة ، كما تقدم في قوله ( الحاقة) فهو مصدر خطئ ، إذا أذنب. والذنب: الخطء بكسر الخاء ، وأما اسم فاعل خطئ وتأنيثه بتأويل: الفعلة ذات الخطء فهاؤه هاء تأنيث. والتعريف فيه تعريف الجنس على كلا الوجهين ، فالمعنى: جاء كل منهم بالذنب المستحق للعقاب. إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة الحاقة - قوله تعالى سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما - الجزء رقم15. وفرع عنه تفصيل ذنبهم المعبر عنه بالخاطئة فقال فعصوا رسول ربهم وهذا التفريع للتفصيل نظير التفريع في قوله كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر في أنه تفريع بيان على المبين. وضمير عصوا يجوز أن يرجع إلى فرعون باعتباره رأس قومه ، فالضمير عائد إليه وإلى قومه ، والقرينة ظاهرة على قراءة الجمهور ، وأما على قراءة أبي عمرو والكسائي فالأمر أظهر وعلى هذا الاعتبار في محل ضمير ( عصوا) يكون المراد ب رسول ربهم موسى - عليه السلام -. وتعريفه بالإضافة لما في لفظ المضاف إليه من الإشارة إلى تخطئتهم في عبادة فرعون وجعلهم إياه إلها لهم.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الحاقة - الآية 9
وقوله: ﴿لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً﴾
يقول: لنجعل السفينة الجارية التي حملناكم فيها لكم تذكرة، يعني عبرة وموعظة تتعظون بها. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً﴾ فأبقاها الله تذكرة وعبرة وآية، حتى نظر إليها أوائل هذه الأمة، وكم من سفينة قد كانت بعد سفينة نوح قد صارت رمادا. وقوله: ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾
يعني: حافظة عقلت عن الله ما سمعت. ⁕ حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ يقول: حافظة. ⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ يقول: سامعة، وذلك الإعلان. ⁕ حدثنا نصر بن عليّ، قال: ثنا أبي، قال: ثنا خالد بن قيس، عن قتادة ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ قال: أذن عقلت عن الله. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾: أذن عقلت عن الله، فانتفعت بما سمعت من كتاب الله. ⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ﴿أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ قال: أذن سمعت، وعقلت ما سمعت.
( سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى)
قوله تعالى: ( سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما) قال مقاتل: سلطها عليهم. وقال الزجاج: أقلعها عليهم ، وقال آخرون: أرسلها عليهم ، هذه هي الألفاظ المنقولة عن المفسرين ، وعندي أن فيه لطيفة ؛ وذلك لأن من الناس من قال: إن تلك الرياح إنما اشتدت ؛ لأن اتصالا فلكيا نجوميا اقتضى ذلك ، فقوله: ( سخرها) فيه إشارة إلى نفي ذلك المذهب ، وبيان أن ذلك إنما حصل بتقدير الله وقدرته ، فإنه لولا هذه الدقيقة لما حصل منه التخويف والتحذير عن العقاب. وقوله: ( سبع ليال وثمانية أيام حسوما) الفائدة فيه أنه تعالى لو لم يذكر ذلك لما كان مقدار زمان هذا العذاب معلوما ، فلما قال: ( سبع ليال وثمانية أيام) صار مقدار هذا الزمان معلوما ، ثم لما كان يمكن أن يظن ظان أن ذلك العذاب كان متفرقا في هذه المدة أزال هذا الظن ، بقوله: ( حسوما) أي متتابعة متوالية ، واختلفوا في الحسوم على وجوه:
أحدها: وهو قول الأكثرين ( حسوما) ، أي متتابعة ، أي هذه الأيام تتابعت عليهم بالريح المهلكة ، فلم يكن فيها فتور ولا انقطاع ، وعلى هذا القول: حسوم جمع حاسم. كشهود وقعود ، ومعنى هذا الحسم في اللغة القطع بالاستئصال ، وسمي السيف حساما ؛ لأنه يحسم العدو عما يريد ، من بلوغ عداوته فلما كانت تلك الرياح متتابعة ما سكنت ساعة حتى أتت عليهم أشبه تتابعها عليهم تتابع فعل الحاسم في إعادة الكي على الداء كرة بعد أخرى ، حتى ينحسم.