شرح الحديث
قال المنذري: باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم. و الإمام مسلم رواه في الباب المتقدم. يقول أنس رضي الله عنه: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم للمدينة " يعني مهاجرا من مكة " فنزل في علو المدينة في حي يقال لهم بنو عمر ابن عوف " وهم من سكان المدينة. " فأقام فيهم صلى الله عليه وسلم أربعة عشرة ليلة في بيت أبي أيوب الأنصاري " لأنه صلى الله عليه وسلم لما جاء على راحلته قال لهم: " دعوها فإنها مأمورة " أي فحيث ما تبرك سأنزل ، فبركت الناقة عند بيت أبي أيوب رضي الله عنه فنزل عنده صلى الله عليه وسلم ضيفا ، وأقام في غرفة له في علو البيت أربعة عشرة ليله. قوله " ثم أرسل إلى ملأ بني النجار " والملأ هم الأشراف والسادة من بني النجار ، وبنو النجار خوال النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنّ أم النبي صلى الله عليه وسلم آمنة بن وهب ترجع إلى بني النجار. من هم اهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم - موقع محتويات. قوله: " فجاءوا: يعني إشراف بني النجار جاؤوا متقلدين سيوفهم " أي جاؤوا وقد لبسوا السيوف ، وهذا يدل على النصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنهم جاؤوا مستعدين لكل ما يطلبه منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى ولو طلب منهم أرواحهم والقتال عنه لفعلوا.
من هم اهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم - موقع محتويات
ذات صلة متى كانت ليلة الإسراء والمعراج في أي يوم ليلة الإسراء والمعراج
تاريخ ليلة الإسراء والمعراج
تعدَّدت الأقوال فيما يتعلَّق بالوقت الذي وقعت فيه حادثة الإسراء والمعراج ؛ فقال الطبري إنَّ الإسراء والمعراج كان في ذات السَّنة التي أُنزل فيها الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، [١] وقد ورد بقولٍ شاذ أنّ الإسراء والمعراج كان قبل بعثة النبيّ -صلّى الله عليه وسلَّم-، لكن من الممكن تأويل هذا القول على أنَّها كانت في المنام قبل البعثة، وليس المقصود الحادثة التي وقعت فعلياً. [٢]
ثمَّ جاءت الأقوال الأخرى والتي مفادها أنَّ حادثة الإسراء والمعراج قد وقعت بعد بعثة النبي -عليه الصّلاة والسَّلام-؛ وقد تعددت الأقوال في تحديد تاريخ الإسراء والمعراج على الوجه الآتي: [٢]
قال كلٌ من ابن سعد، وابن حزم، والنووي إنَّها وقعت قبل الهجرة بعام، ولكنّ هذا القول قولٌ مردودٌ. قال ابن الجوزي إنَّها كانت قبل الهجرة بثمانية أشهر. بينما قال أبو الربيع بن سالم إنَّها كانت قبل الهجرة بستَّة أشهرٍ. قال إبراهيم الحربي وقعت قبل الهجرة بأحد عشر شهراً. 126 من: ( باب إكرام أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان فضلهم). قال ابن عبد البرِّ إنَّ الحادثة وقعت قبل الهجرة بسنةٍ وشهرين. قال ابن فارس كانت الحادثة قبل الهجرة بستةٍ وثلاثة أشهر.
126 من: ( باب إكرام أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان فضلهم)
قوله " فكأني أنظر غلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته وأبو بكر ردفه ، وملأ بني النجار حوله حتى ألقي بفناء أبي أيوب " فيه: جواز الارتداف على الدابة ، إذا كانت الدابة تطيق أن يركبها إثنان جاز ذلك. قوله: " فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حيث أدركته الصلاة ، ويصلي في مرابض الغنم " وهذا دليل على جواز الصلاة في مرابض الغنم ، وهي الأماكن التي تبيت بها الغنم وتضع أجسادها عليها تسمى بالمرابض ، وفيه دليل لطهارة بولها وروثها ، وهو قول عامة أهل العلم ، أن ما يؤكل لحمه فبوله وروثه طاهر. وإنما منع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة في معاطن الإبل لأنها تحضرها الشياطين ، وليس لأن بولها وروثها نجس ، بل هو طاهر ، وإنما كما قال أهل العلم لأنها تحضرها الشياطين ، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في معاطن الإبل ومباركها.
[٣] [٤]
أحداث الإسراء والمعراج
أُتيَ رسول الله -صلى الله عليه وسلَّم- في هذه الَّليلة بالبراق، وهو دابَّةٌ أبيض طويل، ما بين الحمار والبغل، يضع حافره عند منتهى طرفه، وقد ركبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتوجَّه به إلى بيت المقدس، ثمَّ نزل عنه وربطه، ودخل المسجد الأقصى وصلَّى فيه ركعتين، ثمَّ أتاه جبريل بإناءٍ من خمرٍ، وإناءٍ من لبنٍ، فاختار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الإناء الذي فيه لبنٍ، فقال جبريل -عليه السلام-: "اخترت الفطرة". [٥]
ثمَّ عُرِج بجبريل ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى السَّماء، فقيل: "من أنت؟" قال: "جبريل"، قيل: "ومن معك؟"، قال: "محمد"، قيل: "وقد بُعث إليه؟" فقال: "قد بُعث إليه"، ففتح فإذا هو آدم -عليه السلام-، فرحَّب به ودعا له بالخير، وكذلك بالثَّانية فإذا به عيسى -عليه السّلام-، ثمَّ الثَّالثة فإذا به يوسف -عليه السّلام-، ثمَّ الرابعة فإذا به إدريس -عليه السّلام-، ثمَّ الخامسة فإذا به هارون -عليه السلام-، ثمّ في السادسة موسى -عليه السلام-، وصولاً إلى السابعة فإذا به إبراهيم -عليه السّلام-، وقد أسند ظهره إلى البيت المعمور. [٥] بعد ذلك توجّه به إلى سدرة المنتهى ، وعندها رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- جبريل بصورته الملائكيَّة التي خلقه الله عليها، وشاهد الجنَّة والنَّار أيضاً، ثمَّ أوحى الله -تعالى- له ففرض عليه خمسين صلاةً ، فلمَّا رجع إلى موسى -عليه السلام- وعَلِم به قال له ارجع إلى ربِّك ليخفِّف منها، فلم يزل يرجع ليخفِّف منها حتى وصلت لخمس صلواتٍ بأجر خمسين صلاةً، ثمَّ عاد إلى بيت المقدس ومعه الأنبياء فصلَّى بهم إماماً، ثمَّ ركب البراق وعاد إلى مكَّة المكرَّمة.