– عدم التنازع المفضي إلى الاختلاف المفرِّق، قال تعالى: "… وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ…" (الأنفال، الآية 46). وهذه حقيقة نلمسها حتى الآن، إذ قضى التنازع على المجتمعات والأمم. وتاريخنا شاهد على ذلك في الأندلس وفي بلاد الشام، حين مهّد التنازع وتشتت الولاء لمقدم الصليبيين واحتلال المنطقة. وهو ما حصل أيضا في العصر الحديث من تمهيد للاستعمار، بل هو الذي يفتك حتى بالجماعات الإسلامية، حين تتنازع فيما بينها، وتتعصب كل فئة لفكرتها وأشخاصها؛ فالمصير هو الفشل والخور والضعف وذهاب الهيبة، لأن المقصد الأساس لم يعد إرضاء الله تعالى ونصرة منهجه، بل حظوظ النفس، والله تعالى لا يرضى أن يجمع العبد في نفسه حب الله وحب الدنيا، أو أن يزعم نصرة منهج الله وهو يخالف أبجديات أخلاق المسلم ومبادئ الإسلام العظيم. – الاستغفار. لئن شكرتم لأزيدنكم | موقع نصرة محمد رسول الله. وهو أمر مهم، يشعر المسلم بحاجته إلى الله وضعفه أمامه تعالى. فمن ضعفه أنه مقصّر قد يقع فيما حرمه الله، أو يتكاسل عما أمر به تعالى، فلا بد من سلامة هذه العلاقة بالتوبة إن كانت الكبائر، وبالاستغفار في غيرها، حيث يستشعر المسلم معية الله تعالى، وضرورة أن يتحلل من أي ذنب اقترفه.
لئن شكرتم لأزيدنكم | موقع نصرة محمد رسول الله
مقالات متعلقة
تاريخ الإضافة: 11/1/2018 ميلادي - 24/4/1439 هجري
الزيارات: 265316
♦ الآية: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: إبراهيم (7). وان شكرتم لازيدنكم سورة. ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وإذ تأذَّن ﴾ معطوفٌ على قوله: ﴿ إذ أنجاكم ﴾ والمعنى: وإذ أعلم ربُّكم ﴿ لئن شكرتم ﴾ وحَّدْتم وأطعتم ﴿ لأزيدنَّكم ﴾ ممَّا يجب الشُّكر عليه وهو النِّعمة ﴿ ولئن كفرتم ﴾ جحدتم حقِّي وحقَّ نعمتي ﴿ إِنَّ عذابي لشديد ﴾ تهديدٌ بالعذاب على كفران النِّعمة. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ ﴾، أَيْ: أَعْلَمَ، يُقَالُ: أَذَّنَ وَتَأَذَّنَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، مِثْلُ أَوْعَدَ وَتَوَعَّدَ، ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ ﴾ نِعْمَتِي فَآمَنْتُمْ وَأَطَعْتُمْ ﴿ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ فِي النِّعْمَةِ. وَقِيلَ: الشُّكْرُ قَيْدُ الْمَوْجُودِ وَصَيْدُ الْمَفْقُودِ. وَقِيلَ: لَئِنْ شَكَرْتُمْ بِالطَّاعَةِ لَأَزِيدَنَّكُمْ فِي الثَّوَابِ. ﴿ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ ﴾، نِعْمَتِي فَجَحَدْتُمُوهَا وَلَمْ تَشْكُرُوهَا، ﴿ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ ﴾.
ولئن شكرتم لأزيدنكم
شتان بين مَن أنار الله قلبه وهداهُ إلى الطريق القويم والصراط المستقيم، وبين مَن هو في ألوان الضلالة، وصنوف العمى، لا يبصرُ طريقًا، ولا يهتدي سبيلًا. شتان بين مَن جعل محمدَ بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه إمامًا له وقدوة، وبين مَن عمِي عن السبيل، وانطمست عليه الطرق، فلا يدري الحق من الباطل، ولا يهتدي بالنور الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم؛ بل هدايتة وعمله بقول فلانٍ وعلّان. تفسير: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد). شتان بين مَن إمامه سيد الورى صلوات الله وسلامه عليه، فبقوله يعمل، وبهديه يهتدي، وبسنته يقتدي، وعن قوله يصدر، فيمتثل ما أمر به، وينتهي عما نهى عنه، ليس له إمامٌ ولا قائد، ولا هادٍ إلى الله تعالى إلا ما جاء في القرآنِ، وما تكلم به سيد الأنام صلوات الله وسلامه عليه؛ شتان بين هذا وبين مَن جعل هواهُ إمامًا، واختار في الوصول إلى الله تعالى طريقًا غير طريق النبي صلى الله عليه وسلم من الطرق المنحرفةِ، والسُبل التي لا توصل إلى مطلوب، ولا يُدرك بها طمأنينة، ولا سكنًا، ولا هدايةً، فإن الطرق الموصلة إلى الله عز وجل كلها مُغلقة إلا ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم. فقد سد الله الطرق الموصلة إليه إلا طريقًا واحدًا، وهو ما كان عليه الإمامُ المقتدى به، الذي جعله الله هداية للعالمين من الأنس والجن، وهو محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه.
تفسير: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد)
أ. د. محمد خازر المجالي
الإنسان في هذه الدنيا فقير إلى الله تعالى، مهما أوتي من قوة ومال وصحة وجاه. ولئن شكرتم لأزيدنكم. فهو فقير إلى رحمته تعالى ودوام نعمه، ومنها الصحة والبركة. وصدق الله: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ" (فاطر، الآية 15)؛ فلا أحد يزعم بأنه مستغن عن الله. وكم من أناس تكبروا وتجبروا وطغوا، فكان مصيرهم إلى الهلاك والمرض ومحق الرزق، فكل شيء بأمر الله تعالى، وهو الحكيم الخبير، يعطي من يشاء ويمنع من يشاء بحكمة، وهو المتصرف وحده في هذا الكون، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو على كل شيء قدير. لقد قص الله علينا قصة قارون، وقد كان من قوم موسى فبغى عليهم، وظن أن ما به من نعمة إنما هو بعلمه وعمله وحسن تدبيره، فخسف الله به وبداره وملكه، وكان عبرة لغيره. وقص علينا قصة صاحب الجنتين، وكيف بغى وطغى وظن أن جنتيه باقيتان ولا موت ولا آخرة، ولو كانت هناك آخرة فسيعطيه ربه خيرا من جنتيه؛ فأتلفت جنتاه، وغار ماؤها، وأحيط بثمره. وقص علينا قصة أصحاب الجنة التي ورثوها عن أبيهم، وقرروا منع خيرها عن الفقراء، وكيف أتلفها الله تعالى، فكانت عبرة لهم ولغيرهم.
لئن شكرتم لأزيدنكم
تحقيق: زهراء عودي شكر
﴿ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ. فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾ (النمل: 19-18). من أروع مواقف شكر العبد لمعبوده، ما حصل مع نبيّنا سليمان عليه السلام، حيث عكست قصته في وادي النمل، الواردة في القرآن الكريم، أسمى أشكال الشكر لله تعالى، إذ لم يكن شكره مجرد كلمات تقال، بل كان إقراراً بالنعم، واعترافاً بالفضل، وانكساراً بين يدي الخالق. ففَهْم النبي سليمان لما قالته النملة أشعره بنعم الله عليه من المُلك المسخّر إليه مروراً بفهمه للغة الطير والحشرات وتسخيره للجن. وبما أن الشكر هو أوسع أبواب الاعتراف بالفضل وردّ الجميل، كان له خطوة عظيمة نحو هذا الباب الذي دخله شاكراً وخاضعاً لرحمة الله. *خُلُق الأنبياء
كان الشكر خلقاً لازماً للأنبياء.
لهذا جديرٌ بالمؤمن أن يستزيدَ مما جاء به، معرفة أنواع علمه، وأن يستعين الله تعالى في العمل بما جاء به توفيقًا وإلهامًا وإيجادًا؛ لذلك في الواقع امتثالًا لما أمر به، وانتهاءً عما نهى عنه صلى الله عليه وسلم، بذلك تكمُل السعادة للإنسان، بذلك يفوزُ بأسبابِ الأمنِ، وطاعة الرحمن في الدنيا، وبفضل الله وعطائه في الآخرة. فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يُثبِّتنا على سنته، وأن يحشرنا في زمرته، وأن يجمعنا به في مُستقر رحمته، وأن يجعلنا من أقرب الناس إليه في الدنيا باتباع سنته، وفي الآخرة بالحشر تحت لوائه، وورود حوضه، وأن يُوفِّقنا إلى العمل بهديه ظاهرًا وباطنًا، وأن يُجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم صلى على محمد، وعلى آله محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد. فإن نِعم الله تعالى على عباده غزيرة كثيرة، وحقُّها أن تُشكر، فإن نِعم الله تعالى إذا قُوبلت بالشكر أوجب ذلك من فضله وعطائه المزيد، كما قال جل في عُلاه: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾. فجديرٌ بالمؤمن أن يستقبل نِعم الله تعالى بالحمد والشكر والثناء على الله تعالى بها، فإن ذلك يُوجب مزيد العطاء، ويفتح أبوابَ الإحسان، ويوالي على العبدِ عطاء الرحمن جل في عُلاه، وإن من أعظم ما يمُنّ الله تعالى على عباده أن يرزقهم العلم به جل في عُلاه، فإن القلوب العالمة به العالمة بشرعه هي أطيب القلوب، وأهنأ الأفئدة، فلا قرار، ولا طمأنينة، ولا بهجة، ولا سرور للعبد إلا بمعرفة الرب جل وعلا بالعلم به، والعلم بالطريق الموُصل إليه سبحانه وبحمده؛ ولهذا كان ذكره شفاءَ القلوب وحياتها، قال الله عز وجل: ﴿أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾.