وقال ( متاع قليل) فرفع ، لأن المعنى الذي هم فيه من هذه الدنيا متاع قليل ، أو لهم متاع قليل في الدنيا. وقوله ( ولهم عذاب أليم) يقول: ثم إلينا مرجعهم ومعادهم ، ولهم على كذبهم وافترائهم على الله بما كانوا يفترون عذاب عند مصيرهم إليه أليم. تفسير: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا). وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو ، قال: ثنا أبو عاصم ، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال: ثنا الحسن ، قال: ثنا ورقاء ، جميعا [ ص: 315] عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله تعالى ( لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام) في البحيرة والسائبة. حدثنا القاسم ، قال: ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قال: البحائر والسوائب.
هذا حلال...وهذا حرام!
على سبيل المثال، قد يستمر بعض الأشخاص الذين يتبعون نظاما غذائيا نباتيا في تناول كميات قليلة من الفاكهة والخضروات وكميات كبيرة من الأطعمة المكررة والمعالجة، ما قد يؤدي إلى تدهور الصحة. ويبدو أن معظم الأدلة التي تظهر ارتباطا بين انخفاض مخاطر الإصابة بالسرطان والأنظمة الغذائية النباتية تشير أيضا إلى أن زيادة استهلاك الخضار والفواكه والحبوب الكاملة قد يفسر هذا الخطر المنخفض.
هذا حلال
{وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ. مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [النحل 116-118]. ما أكثر الصد عن أحكام الشرع في زماننا و تشويه الرسالة و افتراء الكذب على الأحكام الشرعية لفتح الباب على مصراعيه أمام الشهوات و أي قيد شرعي يحلل أو يحرم. تارة بدعوى الحريات و أخرى بدعوى العلمانية و ثالثة بدعوى ليبرالية... إلى آخر تلك الترهات. هذا حلال. و ما أخسر من يبيع دينه ممن تسموا زوراً بعلماء و يسارع لمداهنة هؤلاء و محاولة التلفيق في دين الله لإرضاء أهواء أهل الإعلام أو أهل السلطة. ما هم من اليهود ببعيد و إن فوجئت بهذا القول فاقرأ و تأمل: { وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ.
تفسير: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم
اللهُمَّ صَلِّ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدِ الوَصْفِ وَالْوَحْي وَاٌلرِّسالَةِ وَالْحِكْمَةِ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ تَسْلِيماً
لا يعشق الملالي، على اختلاف مللهم ونحلهم، شيئاً أكثر من عشقهم للتحريم والتحليل. فتراهم تارة يحللون ليرجعوا من بعدها تارةً أخرى ويحرّموا ما كانوا قد حللوه من قبل، وهكذا دواليك جيئةً وذهاباً بين تحريم وتحليل لكأنما الأمر قد نيط بهم فهم المستفتون وهم القاضون وهم المحرمون المحللون! لنتذكر الآية الكريمة ( وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ). هذا حلال...وهذا حرام!. ما جعلني أكتب هذا المنشور، برنامجٌ تابعته على قناة بي بي سي -عربي مؤخراً. ولقد أبهرني ما جاء فيه مما كان من أمر الفن والثقافة في مصر عبد الناصر رحمه الله؛ حيث تابعتُ منبهراً قصة الباليه المصري في ستينيات القرن الماضي والإنجازات المذهلة التي حققتها راقصات الباليه المصريات اللاتي أبهرن العالم بفنهن الراقي وأدائهن الاستثنائي. وبينما كنتُ أتابع البرنامج، خطرت لي فكرتان.
* حَدَّثَنَا الْقَاسِم, قَالَ: ثنا الْحُسَيْن, قَالَ: ثني حَجَّاج, عَنْ اِبْن جُرَيْج, عَنْ مُجَاهِد, قَالَ: الْبَحَائِر وَالسَّوَائِب. '
ففعلتُ وتركتُ، ثم عاودت مرة أخرى في تأويل أرتني فيه نفسي الجواز ـ و إن كان الأمر يحتمل ـ فلما وافقتها أثّر ذلك ظلمه في قلبي؛ لخوفي أن يكون الأمر محرماً، فرأيت أنها تارةً تقوى عليّ بالترخص والتأويل، وتارةً أقوى عليها بالمجاهدة والامتناع، فإذا ترخصتُ لم آمن أن يكون ذلك الأمر محظوراً، ثم أرى عاجلاً تأثير ذلك الفعل في القلب، فلما لم آمن عليها بالتأويل،... إلى أن قال رحمه الله: فأجود الأشياء قطع أسباب الفتن، وترك الترخص فيما يجوز إذا كان حاملاً ومؤدياً إلى ما لا يجوز "(2) انتهى كلامه رحمه الله. بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ..... وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ - المستشار أحمد عبده ماهر. 2 ـ ومن مجالات تفعيل هذه القاعدة ـ في مجال التعامل مع النفس ـ:
أ ـ أن مِنَ الناس مَنْ شُغف ـ عياذاً بالله ـ بتتبع أخطاء الناس وعيوبهم، مع غفلة عن عيوب نفسه ، كما قال قتادة: ـ في تفسيره لهذه الآية ـ: {بل الإنسان على نفسه بصيرة} قال: إذا شئت والله رأيته بصيراً بعيوب الناس وذنوبهم، غافلاً عن ذنوبه(3)، وهذا ـ بلا ريب ـ من علامات الخذلان، كما قال بكر بن عبدالله المزني: إذا رأيتم الرجل موكلاً بعيوب الناس، ناسيا لعيبه، فاعلموا أنه قد مُكِرَ بِهِ. ويقول الشافعي:: بلغني أن عبدالملك بن مروان قال للحجاج بن يوسف: ما من أحد إلا وهو عارف بعيوب نفسه، فعب نفسك ولا تخبىء منها شيئاً(4)، ولهذا يقول أحد السلف: أنفع الصدق أن تقر لله بعيوب نفسك (5).
بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ..... وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ - المستشار أحمد عبده ماهر
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " هلا تركتموه " وقال أبو داود والنسائي: ليتثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأما لترك حد فلا. وهذا كله طريق للرجوع وتصريح بقبوله. وفي قوله - عليه السلام -: " لعلك قبلت أو غمزت " إشارة إلى قول مالك: إنه يقبل رجوعه إذا ذكر وجها. الخامسة: وهذا في الحر المالك لأمر نفسه ، فأما العبد فإن إقراره لا يخلو من أحد قسمين: إما أن يقر على بدنه ، أو على ما في يده وذمته; فإن أقر على ما في بدنه فيما فيه عقوبة من القتل فما دونه نفذ ذلك عليه. وقال محمد بن الحسن: لا يقبل ذلك منه; لأن بدنه مستغرق لحق السيد ، وفي إقراره إتلاف حقوق السيد في بدنه; ودليلنا قوله - صلى الله عليه وسلم -: من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله ، فإن من يبد لنا صفحته نقم عليه الحد. المعنى أن محل العقوبة أصل الخلقة ، وهي الدمية في الآدمية ، ولا حق للسيد فيها ، وإنما حقه في الوصف والتبع ، وهي المالية الطارئة عليه; ألا ترى أنه لو أقر بمال لم يقبل ، حتى قال أبو حنيفة: إنه لو قال سرقت هذه السلعة أنه لم تقطع يده ويأخذها المقر له. وقال علماؤنا: السلعة للسيد ويتبع العبد بقيمتها إذا عتق; لأن مال العبد للسيد إجماعا ، فلا يقبل قوله فيه ولا إقراره عليه ، لا سيما [ ص: 96] وأبو حنيفة يقول: إن العبد لا ملك له ولا يصح أن يملك ولا يملك ، ونحن وإن قلنا إنه يصح تملكه.
الحمد لله، وبعد: فهذه مشكاة أخرى من موضوعنا الموسوم بـ: (قواعد قرآنية)، نقف فيها مع قاعدة من قواعد التعامل مع النفس، ووسيلة من وسائل علاجها لتنعم بالأنس، وهي مع هاتيك سلّمٌ لتترقى في مراقي التزكية، فإن الله تعالى قد أقسم أحد عشر قسماً في سورة الشمس على هذا المعنى العظيم، فقال: "قد أفلح من زكاها"، تلكم القاعدة هي قول الله تعالى: {بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ}! والمعنى: أن الإنسان وإن حاول أن يجادل أو يماري عن أفعاله و أقواله التي يعلم من نفسه بطلانها أو خطأها، واعتذر عن أخطاء نفسه باعتذارات؛ فهو يعرف تماماً ما قاله وما فعله، ولو حاول أن يستر نفسه أمام الناس، أو يلقي الاعتذارات، فلا أحد أبصر ولا أعرف بما في نفسه من نفسه. وتأمل ـ أيها المبارك ـ كيف جاء التعبير بقوله: "بصيرة" دون غيرها من الألفاظ؛ لأن البصيرة متضمنة معنى الوضوح والحجة، كما يقال للإنسان: أنت حجة على نفسك! والله أعلم. إن لهذه القاعدة القرآنية مجالات كثيرة في واقعنا العام والخاص، فلعنا نقف مع شيء من هذه المجالات؛ علّنا أن نفيد منها في تقويم أخطائنا، وتصحيح ما ندّ من سلوكنا، و ما كَبَتْ به أقدامنا، أو اقترفته سواعدنا، فمن ذلك: 1 ـ في طريقة تعامل بعض من الناس مع النصوص الشرعية!