فبتتبع كلمة «الحنيفيَّة» ومشتقَّاتها في القرآن نجد أنَّها ذُكرت اثنتي عشرة مرَّة، وكذلك استخدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرارًا، وليس هناك أدلُّ من هذا على أهمِّيَّة وقيمة تلك الكلمة في الإسلام..
فما معنى الحنيفية؟ وهل هي دين واحد أم تجمع تحتها اليهودية والنصرانية كما يدَّعون؟! وهل تصح أن تكون ديانة في وقتنا الحالي يجتمع حولها أهل الأديان كلهم كما يدعو بعضهم الآن؟ وأخيرًا، من هم الأحناف؟ ومن أشهرهم في التاريخ؟
نجيب عن كل هذا بإذن الله تعالى وأكثر خلال تلك السطور القادمة..
ما الحنيفية؟
الحَنِيفُ في اللغة كما يذكر ابن منظور هو "المائل من خيرٍ إلى شر، وهو المسلم الذي يَتَحَنَّفُ عن الأديان؛ أي يميل إلى الحق... وقيل كل من أسلم لأمر الله تعالى ولم يلتوِ فيه" [2]. ماهي نخوة العوجا ؟.. وعلى ماذا تدل | المرسال. والحنيفية هي ملَّة إبراهيم والأنبياء جميعًا عليهم السلام، وقد خصَّ القرآن بهذا اللفظ إبراهيم عليه السلام لأنَّ المشركين واليهود والنصارى عرفوه نسبةً إلى إبراهيم عليه السلام، فأراد الله أن يُعْلِمَهم أنَّ ما جاء به إبراهيم وما جاء به محمد صلوات الله وسلامه عليهما هو من أصلٍ ومنهجٍ واحد.
- ماهي نخوة العوجا ؟.. وعلى ماذا تدل | المرسال
ماهي نخوة العوجا ؟.. وعلى ماذا تدل | المرسال
ألم يسمع إلى قوله: (فِطْرَةَ اللهِ التي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) ؟ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ): أي لدين الله. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا حفص بن غياث، عن ليث، عن عكرِمة، قال: &; 20-99 &; لدين الله. قال: ثنا ابن عيينة، عن حميد الأعرج، قال: قال سعيد بن جُبَير (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) قال: لدين الله. قال: ثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) قال: لدين الله. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) قال: دين الله. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن مسعر وسفيان، عن قيس بن مسلم، عن إبراهيم، قال: (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) قال: لدين الله. قال: ثنا أبي، عن جعفر الرازي، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: لدين الله. وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا تغيير لخلق الله من البهائم، بأن يخصي الفحول منها. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن فضيل، عن مطرف، عن رجل، سأل ابن عباس عن خصاء البهائم، فكرهه، وقال: (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ). قال: ثنا ابن عيينة، عن حميد الأعرج، قال: قال عكرِمة: الإخصاء.
إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ". كما يقول أهل العلم أن الحنيفية سميت بهذا الاسم لأنها الاستقامة والعدول عن أي انحراف، بينما يقول العلامة ابن عاشور" المراد الميل في المذهب، أن الذي به حنف يميل في مشيه عن الطريق المعتاد، وإنما كان هذا مدح ا للملة لأن الناس يوم ظهور ملة إبراهيم كانوا في ضلالة عمياء، فجاء دين إبراهيم مائلا عنهم، فلقب بالحنيف، ثم صار الحنيف لقب مدح بالغلبة". معنى الحنيفية والحنفية كثيراً ما يخطأ الناس في الخلط بين الحنيفية كتعريف ومنهج لسيدنا إبراهيم عليه السلام، والمذهب الحنفي أي الحنفية التابع للإمام أبو حنيفة النعمان، في حين أن الحنيفية هي منهج لكل المسلمين كما عرفناها بأنها الميل والعزوف عن الباطل وكل ما لا يتناسب مع الدين الإسلامي، بينما الحنفية، فهي مذهب ومنهج لأحد الأئمة الأربعة، وهو أبو حنيفة مؤسس المذهب. المذهب الحنفي هو مذهب الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت التيمي الكوفي، والذي تربى على أيدي صغار الصحابة، وكان مهتم منذ طفولته بمجالس العلم ودؤوب بالفقه وأصول الشريعة الإسلامية، كما أن أبو خليفة النعمان كان أشد الناس في المنطق واللغة والحجة القوية، وكان ورعا تقيا، وعندما بلغ أبو حنيفة النعمان من العلم ما أهله لتأسيس المذهب الحنفي، لم يتحدث من الهوى، ولم يقل كلمة واحدة وهو لا يعلم عنها شيء، كما إنه مذهب سني شهير يتبعه الكثير من الناس ويأخذ الناس برأيه المعتد الذي بناه على الكتاب والسنة، وتوفي أبو حنيفة النعمان عام 150ه، في بغداد، بعدما أوفى العلم حقه.