الزيارة إلى الجزائر كانت قد حملت عددا من المؤشرات من أبرزها أن الدبيبة يعتبرها المكمّل العملي في المنطقة للتحالف القطري – التركي – الإخواني المرتبط بمراكز نفوذ في عدد من العواصم الغربية المؤيدة للإسلام السياسي بزعم مساندة التغيير السلمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما أنه كان يبحث من خلالها عن وعد بمساندة حكومته وميليشياته في أية خطوة قد يتخذانها لإعلان المواجهة مع الطرف المقابل. ثم جاءت عودة عبدالحكيم بالحاج زعيم الجماعة الإسلامية التي وإن كانت انحلت تنظيميا إلا أن جملة ثوابتها العقائدية لا تزال قائمة لدى الميليشيات وفي فتاوى الغرياني، وضمن آليات الصراع العابرة للواقع الليبي نحو آفاق أوسع. عاد بالحاج بعد أكثر من خمس سنوات على مغادرته طرابلس منبوذا واتجاهه نحو تركيا حيث يدير إمبراطوريته المالية التي حققها في خضم أحداث فبراير 2011، ووصل إلى مطار معيتيقة قادما من الدوحة حيث كان في ضيافة الديوان الأميري مع عدد من الدعاة ورجال الدين المندمجين في إطار التطلعات القطرية لتشكيل مؤسسة دينية تخدم مشروعها السياسي التوسعي. خطيبي حقه يقوم على. الدبيبة كان يتابع عودة بالحاج والمهرجان الذي أعد لاستقباله بهدف الترويج لما قد يكون له من دور مستقبلي في دعم أية مواجهة قادمة.
خطيبي حقه يقوم هذا
أنصار الغرياني يتجهون إلى مبنى السفارة المصرية وينظمون وقفة احتجاجية أمامها متهمين القاهرة بالوقوف ضد حكومة الدبيبة، رافعين شعارات معادية للرئيس عبدالفتاح السيسي وللحكومة والجيش المصريين، وتقوم قناة "التناصح" التي يديرها ابن الغرياني من تركيا بتغطية تلك الوقفة، في سياق التجييش للدفاع عن استمرار الحكومة المنتهية ولايتها في السلطة. خطة الدبيبة لتوفير شروط حرب جديدة في ليبيا. علينا أن ننتبه إلى أن تلك الوقفة جاءت بعد أن أكد الدبيبة أنه يعتبر الغرياني أستاذه وشيخه وأهم عالم دين مالكي في المنطقة، وبعد أن فتح أمام دار الإفتاء باب التبجيل والتمويل، وأبدى الاستعداد التام لتنفيذ رغبات الميليشيات الموالية لها. وفي الأول من أبريل الجاري وجه الغرياني انتقاداته المباشرة للدولة المصرية بحضور الدبيبة الذي اكتفى بابتسامته المعهودة دليلا على المساندة الضمنية لذلك. وكذلك بعد أن زار الدبيبة الجزائر، وحاول أن يلعب هناك على حبل التنافس على النفوذ بينها وبين القاهرة، وتقدم بعبارات الولاء والطاعة أمام الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون على أساس أنه زعيم المنطقة الغربية المحادّة لمن وصفها بالشقيقة الكبرى القادرة على رد أي عدوان على طرابلس بمواقفها وقدراتها، مع توجيه اتهامات للقاهرة بأنها تدعم حكومة منافسه فتحي باشاغا طمعا في توسيع نفوذها إلى طرابلس بعد تكريسه في المنطقة الشرقية.
خطيبي حقه يقوم على
اللافت في الأمر أن بالحاج لم يخضع للتوقيف والتحقيق معه في المطار، رغم أن مكتب النائب العام كان قد أصدر في حقه إلى جانب إبراهيم الجضران وشعبان هدية المكنى أبوعبيدة الزاوي وحمدان أحمد حمدان وعلي الهوني ومختار الرخيص، بطاقات ضبط وإحضار منذ العام 2019 بتهمة التورط في أنشطة إرهابية، ومنها الهجوم على الحقول والموانئ النفطية وجلب المرتزقة والدفع بعناصر تشادية وسودانية للمشاركة في الحرب القائمة بين الفرقاء الليبيين، والمساعدة على تنفيذ عمليات إرهابية وخاصة في جنوب البلاد.
خطيبي حقه يقوم العقل بثلاث اشياء
أما الجزء الرابع، مجموعة من المقالات والمحاضرات حول «الثقافة»، أقترح فيها على القراء مجموعة من الدراسات والمواضيع التي تعتبر تحليلات دقيقة للثقافة التقنية والفنون والأدب، وهي تتصل بأوضاعها في المغرب العربي الحديث. لقد تم من قبل نشر العديد من الدراسات والحوارات، وقد حافظنا عند جمعها في الكتاب، على روح نص. خطيبي حقه يقوم العقل بثلاث اشياء. هناك بعض الاستطرادات الضرورية، أحيانا، لربط المجموع وتعزيز وحدته. ومن ثم فإن هذا الكتاب يتوفر على عدة مداخل ومخارج للقراءة! إنه كتاب مفتوح على المشاركة في التأمل والحوار. ترجمة: عز الدين الكتاني الإدريسي
المغرب العربي وقضايا الحداثة، عبدالكبير الخطيبي، منشورات الجمل، 2009، ص ص 5-6-7-8-9
الكاتب: إعداد وترجمة: محمد معطسيم
بتاريخ: 27/04/2022
وحسابيا، حبر الفيلسوف نيتشه من المقدمات أكثر مما ألف من الكتب. وهذه لعمري معادلة غريبة! ومهمة مستحيلة كما أثبت ذلك "دريدا" وهو يفكك مقدمة "هيجل" في كتابه "فينومينولوجيا الروح". ولا تخفى الأهمية من تجميع مقدمات الخطيبي، سواء تلك الواردة في مؤلفاته أو مؤلفات غيره أو في المجلتين اللتين كانا يديرهما. وتوفير بعض منها، في هذه الإضمامة، عرضا وترجمة، تثمينا لهذه العتبات النصية وتبريزها. قد يتساءل البعض عن مصير المغرب العربي في إطار هذه التحولات الجارية. هذه المنطقة-الملتقى التي تنتمي في آن واحد إلى تقاليد البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط وإفريقيا، وتشكل المجموعة جيوسياسية وحضارية أمام مواجهة عدة عراقيل هي:
– طبيعة المجتمع المدني؛
– الطبيعة الاستبدادية للسلطة؛
– نقص المهارة التقنية؛
– العبء التيوقراطي الذي يحول دون فصل الدولة عن الدين؛
– ضعف الصورة التي بكونها المغاربي عن نفسه؛
ينبغي ان يستند واجب المثقف إلى وضوح الفكر. خطيبي حقه يقوم الباحث. إذ يتعين عليه إبراز نقط الضعف ونقط القوة عندنا، لأن ذلك قوام للفكر في النقاش العام حول المغرب العربي. وهذا الكتاب مساهمة متواضعة ترمي إلى الانخراط في هذا الاتجاه. هذا الكتاب يقصد أن يكون عمل مثقف مغاربي، مؤيد لمشروع وحدة المغرب العربي، وهويخضع إلى تفكير يتلاءم مع هذا المصير المهم.