أعزائي القراء المحترمين، دائمًا ما نفكر في الأشخاص السابقين: كيف كانت حياتهم ومعيشتهم ومأكلهم. وفي الحياة، هناك الكثير من الطبقات والأشخاص الذين سُلط عليهم الضوء لشرح شكل حياتهم لنا. لكن هل فكرتم من قبل في حياة الأيتام في الريف الأمريكي في أواخر القرن التاسع عشر؟ وكيف كانت حياتهم ومعيشتهم؟ وكيفية سير العمل داخل دور الأيتام في هذا الوقت؟ وكيف يمكن لشخص عاش حياته كلها منغلقًا وسط مجموعة من الأيتام أن يصبح فجأة فردًا في المجتمع له سكنه وملابسه وحياته الخاصة؟ في رواية صاحب الظل الطويل ورواية عدوي اللدود للكاتبة جين ويبستر – Jean Webster يمكنكم التعرف بل والتعمق داخل تلك الشخصيات. الجزء الأول: رواية صاحب الظل الطويل
رواية صاحب الظل الطويل أو Daddy Long Legs للكاتبة الأمريكية جين ويبستر ومن ترجمة بثينة الابراهيم، تأخذك في رحلة مع شخصية چودي أپوت، فتاة يتيمة، تربت في ملجأ يسمى چون جراير، يضم مجموعة من الأطفال الأيتام برئاسة سيدة تدعى ليبيت. وفي يوم من الأيام، تخبر السيدة ليبيت چودي بأن أحد المتبرعين للملجأ قد أعجب بأسلوبها في مقال سمته "يوم الأربعاء"، وأنه قرر إرسالها للكلية لإكمال دراستها كي تصبح كاتبة، على أن يدفع لها كل تكاليف الدراسة ويخصص مصروفًا شهريًا 35 دولارًا حتى تتمكن من مجاراة حياة باقي زملائها.
رواية صاحب الظل الطويل غرام
واشترط المتبرع ألا تعرف چودي اسمه الحقيقي أو أي شيء عنه، وسمى نفسه چون سميث. وطلب منها أن ترسل له رسالة شهرية، تخبره فيها بتطور دراستها والأشياء التي تتعلمها چودي خلال دراستها مع سكرتيره الخاص وألا تتوقع ردًا منه. وبرغم غرابة الطلب إلا أن چودي لم تهتم لأنها كانت في منتهى السعادة؛ لتمكنها من ترك الدار التي عاشت فيه حياتها كلها والتي كانت تسميه المعتقل. وفي الكلية، نبدأ مع چودي رحلة من خلال رسائلها التي ترسلها للمتبرع أو صاحب الظل الطويل كما قررت چودي تسميته، بعد أن لمحت ظله في الملجأ قبل أن تعرف أنها ستترك الدار. وعلى مدار ثلاث سنوات نتعرف على كل الأشياء المدهشة التي تكتشفها چودي عن الحياة في العالم الواقعي، نتعرف على أصدقائها المقربين سالي ماكبرايد وچوليا بيندلتون. والأهم من ذلك أننا نلقي نظرة قريبة على كل شيء تكتشفه چودي أو تشعر به، فبعد تركها للدار، تعتبر چودي صاحب الظل الطويل أو المدعو چون سميث عائلتها الوحيدة وتضعه في مقام والدها ووالدتها وجدتها وإخوانها في آن واحد. برغم اتفاقهم على أن ترجع جودي كل صيف إلى الدار وألا تطلب من المدعو جون سميث الرد مطلقًا، إلا أن جودي لن ترجع للملجأ طوال سنوات الكلية، بل سينتهي بها الأمر بعد أن تطلب من صاحب الظل الطويل أن تقضي صيفها كل سنة في مكان مختلف ومع أشخاص مختلفين.
وبرغم عدم رضوخه لطلبها المستمر، إلا أنها كانت تتأكد من قراءته لرسائلها بسبب الهدايا التي كان يرسلها وسكرتيره الذي كان يبعث لها بالتعليمات ردًا على طلباتها. اقرأ أيضًا:
مسلسلات كرتونية عربية لا يمكن نسيانها! الجزء الثاني: رواية عدوي اللدود
أما رواية عدوي اللدود أو Dear Enemy، فتأخذنا أيضًا في رحلة عبر الرسائل، لكنها هذه المرة رسائل سالي ماكبرايد أعز صديقة لجودي في الكتاب الأول. تقع الأحداث بعد سنوات من تخرجهم، وزواج جودي واستقرارها مع زوجها في بيتهم. تبدأ القصة برسالة من سالي لجودي تتهمها هي وزوجها بالجنون؛ لرغبتهم في تعيينها كمديرة للملجأ الذي تربت فيه جودي، لكن سرعان ما تتغير الأحداث، ونجد سالي قد أصبحت المديرة الجديدة بدلًا من السيدة ليبيت. وعلي مدار سنة، نتابع سالي وهي تحاول قدر استطاعتها الاعتناء بهؤلاء الأطفال المهملين، وتهيئة الدار بشكل يعطيهم فرصة أفضل من تلك التي عاشتها جودي. ومن خلال رسائلها أيضًا، نتابع من بعيد بعض التطورات من حياة جودي، سفرها مع زوجها حول العالم وكل أفكارها التي تود أن تنفذها سالي في الدار. المختلف هنا هو أن سالي التي تأتي من عائلة ثرية، معتادة علي حياة الترف والحفلات، تجد نفسها تقوم بمهمة شاقة جدًا، وهي تهيئة الحياة لأكثر من مئة طفل في بلدة مطرفة بعيدًا عم أضواء المدينة.