أهمية السمعة الطيبة للمسلم
وسابعاً: مكانة وأهمية سمعة الإنسان المسلم بين الناس: فإن الصِّدِّيق رضي الله عنه لا نفاقاً ولا رياءً، وإنما هذا من طبعه رضي الله عنه أنه كان كريماً صاحب معروف، يعطي المعدوم، يصل الرحم، يقري الضيف، يعين العاجز الفقير في النوائب، وهذه الأعمال الخيرية التي كانت في الصِّدِّيق كان لها انتشار بين الناس حتى عُرِف بها الصِّدِّيق ، ولذلك لما رأى ابن الدَّغِنَة الصِّدِّيق خرج من مكة قال: ( إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولا يُخرج) أي: لا يمكن أن مثل هذا يَخرج أو يُخرج إنسان هذه صفاته، وذكر لهم صفات الصِّدِّيق. فسمعة الإنسان المسلم بأعمال الخير التي يعملها تكون سبباً في نجاته بإذن الله، وييسر الله له من الناس، ولو من الكفرة والمشركين مَن يحميه أو يدافع عنه بسبب أعماله الخيرية، فيجب أن يحرص المسلم على أن يكون له باعٌ في عمل الخير، لا من أجل أن يحمي نفسه، أو من أجل أن يكون له شافع من الناس، أو جار يجيره، ولكن ذلك من طبيعة هذا الدين، والله تعالى يوصلها إلى الخلق، ويصبح هذا الشخص صاحب سمعة طيبة بين الناس، وعمل الخير ينفع صاحبه دائماً، وفي أوقات الشدة يكون هذا العمل من الأشياء التي تعين الإنسان على إقامة دينه.
- سمي ابو بكر رضي الله عنه بالصديق لانه
سمي ابو بكر رضي الله عنه بالصديق لانه
من هو أبو بكر الصديق - رضي الله عنه؟
هو عبدالله بن أبي قحافة، واسم قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مُرَّة بن كعب بن لؤيٍّ بن غالب بن فِهر، يَجتمع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مُرَّة بن كعب، وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين مُرَّة ستة آباء، وكذلك أبو بكر بينه وبين مُرَّة ستة آباء، فهو في قُعدد النَّسب مثل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو تيميٌّ يَنتسِب إلى تيم بن مُرَّة، وكان اسم أبي بكر في الجاهلية عبدالكعبة، فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عبدالله [1]. • ثاني اثنين: يقول الله تعالى: ﴿ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40]، قال الإمام البخاري: حدَّثنا عبدالله بن محمد، حدثنا حبان، حدثنا همام، حدثنا ثابت، حدثنا أنس، قال: حدثني أبو بكر - رضي الله عنه - قال: كنتُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغار فرأيتُ آثار المشركين، قلت: يا رسول الله، لو أن أحدهم رفَع قدَمه رآنا؟! قال: ((ما ظنُّك باثنين الله ثالثهما؟! سمي ابو بكر رضي الله عنه بالصديق لانه. )) [2]. • عتيق الله من النار: قال الإمام الترمذي: حدَّثنا الأنصاري قال: حدثنا معنٌ قال: حدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عمه إسحاق بن طلحة، عن عائشة، أن أبا بكر، دخَل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((أنتَ عتيق الله من النار))؛ فيومئذٍ سُمِّي عتيقًا [3].
أهمية التزام الأبوين لبناء شخصية الطفل
رابعاً: أهمية نشوء الطفل في أول أمره بين أبويَن مسلمَين في بيت مسلم، وأن هذه النشأة لها أثر بالغ عليه في المستقبل: فـ عائشة رضي الله عنها من أعقل النساء، وأفضل النساء، وأعلم النساء، بل هي أعلم نساء المؤمنين على الإطلاق. ومن أسباب ذلك: أنها نشأت في أول أمرها بين أبوَين صالحَين، لم يضع من عمر عائشة فترة من الزمن وهي في جاهلية أو شرك أو جهل، أو كفر أو فسق، تقول: ( لم أعقل أبويَّ قط إلا وهما يدينان الدين) ولذلك كلما كان التزام الأبوين بالدين مبكراً كان ذلك في صالح الولد أكثر. ص59 - كتاب تاريخ الخلفاء - الخليفة الأول ابو بكر الصديق رضي الله عنه - المكتبة الشاملة. وأي تأخر في التزام الأب أو التزام الأم بالدين؛ إنما يكون على حساب الولد؛ لأنه سيضيع فترة من عمر الولد بدون اهتمام أو تعليم؛ لأن الأب جاهل أو بعيد عن الدين، وكذلك الأم. فلا شك أن الولد... فكلما كان التبكير بالأخذ بالدين والالتزام به، كلما كان ذلك في منفعة الولد ومصلحته. شدة علاقة النبي صلى الله عليه وسلم بالصديق
الهجرة بالدين
وسادساً: أن الإنسان إذا لم يستطع أن يظهر شعائر الدين في بلده فإنه يُشرع له أن ينتقل إلى بلد آخر. فلما ابتلي المؤمنون خرج الصِّدِّيق مهاجراً، وانتقال الإنسان من بلد إلى بلد آخر لإقامة الدين أمر مهم، بل يجب على المرء إذا لم يستطع أن يقيم شعائر الدين في بلده ما لم تكن في البقاء مصلحة أكبر من مصلحة الهجرة، وأن سلامة الدين أهم من سلامة المال، أو البقاء في البلد، أو الديار، أو الأهل، أو الوطن، وأن الغربة في سبيل الله مطلوبة، ولذلك رضي بها الصحابة رضي الله تعالى عنهم وهاجر قسم كبير منهم؛ لأجل أنهم لم يكونوا يستطيعون إقامة شعائر الدين في مكة.