فالشيطان يتحكم في الإنسان عند الشهوة وعند الغضب، وتستطيع أن تقهر الشيطان وأن تذله، وأن تضعف كيده، إذا قلت هذه الكلمة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وكذلك مما يذهب كيد الشيطان ومكره ونزغه ونخسه، أن يلجأ الإنسان إلى الوضوء، فقد قال صلى الله عليه وسلم الغضب من الشيطان، والشيطان خلق من نار، وإنما تُطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ. الغضب والأمراض. وهذه عملية نفسية، ومن أحدث ما وصل إليه التربويون في علاج هذه الغريزة الضارية، أن يغير الإنسان من وضعه الذي هو عليه عند الغضب.. فلو ذهب ليتوضأ ويصب الماء على جسده، يكون قد تغير أمره، ويعود بنفس غير النفس، وبحالة غير الحالة الأولى. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع.
الغضب والأمراض
(2) الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم؛ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ، قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا تَحْمَرُّ عَيْنَاهُ وَتَنْتَفِخُ أَوْدَاجُهُ، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (إِنِّي لأَعْرِفُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِي يَجِدُ: أَعُوذُ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَهَلْ تَرَى بِي مِنْ جُنُونٍ؟ [9]. (3) تغيير الحالة التي عليها الغضبان: بالجلوس أو الاضطجاع، أو الخروج، أو الإمساك عن الكلام، أو غير ذلك. (4) الوضوء، أو الاغتسال؛ عن عَطِيَّةَ السعدي قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ الْغَضَبَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ، فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ" [10]. ما يستفاد من الحديث:
(1) حرص الصحابة على السؤال والفائدة، والتفقه في الدين. (2) التحذير من الغضب. حديث الرسول عن الغضب - دنيا ودين - الوطن. (3) أن آثار الغضب وخيمة. (4) فيه قاعدة سد الذرائع وأن الوقاية خير من العلاج. (5) اتساع صدر العالم للمسائل والمراجعات. الآثار المترتبة على امتثال توجيهات الحديث:
(1) مَن ترَك الغضب رُزِق العدل في القول والعمل، وحسن الخلق.
النهي عن الغضب
كظم الغيظ والعفو عن الناس بدليل ما ورد في كتاب الله تعالى: "وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ". وفي النهاية نكون قد عرفنا حديث الرسول عن الغضب حيث ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير من أحاديث الغضب لكن أشهرهم ما روي عن أَبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا قَالَ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَوْصِني، قَالَ: لا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ: لا تَغْضَبْ".
حديث الرسول عن الغضب - موقع محتويات
لهذا أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم الإنسان بأن يكون ضابطاً لزِمام نفسه، قادرا على شهوته، وعلى غضبه، متحكما في هواه. إذن الراشد من الناس هو الذي يضبط إرادته، بحيث يسيطر على الغرائز ويستعلي عليها، ويحكمها وفقا لأوامر الله وإرشاده. هذا هو المؤمن، وهذا هو المتقي، وهذا هو الإنسان القوي الشديد بحق، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ما تعدون الصرعة منكم؟. قالوا: الصرعة الذي يصرع الناس كثيرا. وهو الرجل القوي الشديد الذي لا يغلب. النهي عن الغضب. فقال صلى الله عليه وسلم: ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب. وحين يوصي النبي صلى الله عليه وسلم بكفِ النفس وكبح جماحها عند الغضب، فليس معنى هذا أن الإنسان ليس له أن يغضب، ولا ينفعل أبدا، فهذا لا يملكه الإنسان، إنما يملك الإنسان ألا يستسلم لغضبه، ولا يسترسل مع غريزته، ولا يطلق لها العنان بحيث يترك لسانه عند الغضب، يسب ويشتم، ويترك يده تبطش وتؤذي، ويسل سيفه ويشهر سلاحه، فالمؤمن مأمور إذا غضب بأن يكف نفسه، وأن يملك لسانه، وأن يمسك يده عن البطش والإيذاء. متى غضب الرسول؟ والغضب عند النبي صلى الله عليه وسلم كان قولا بالحق، وغيرة على محارم الله، لا اعتداء فيه ولا غلو، ودافعه دوما إنكار لمنكر أو عتاب على ترك الأفضل تقول السيدة عائشة رضي الله عنها عن حال النبي صلى الله عليه وسلم ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده لا امرأة ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله، فينتقم لله عز وجل.
حديث الرسول عن الغضب - دنيا ودين - الوطن
ونقلت لنا أمهات المؤمنين مواقف من غضبه لله، وغيرته على محارمه، ومن ذلك قول عائشة رضي الله عنها: " دخل عليّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي البيت قرام - وهو الستر الرقيق - فيه صور، فتلوّن وجهه عليه الصلاة والسلام، ثم تناول الستر فهتكه وقال: ( من أشد الناس عذابا يوم القيامة، الذين يصوّرون هذه الصور) " رواه البخاري. وخرج - صلى الله عليه وسلم – ذات يومٍ على بعض أصحابه وهم يتنازعون في القدر، فغضب حتى احمرّ وجهه كأنما فقئ في وجنتيه الرمان، فقال: ( أبهذا أمرتم ؟ أم بهذا أرسلت إليكم ؟ إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر) ". وغضب عليه الصلاة والسلام من تكلّف الناس في السؤال عن الأمور الدقيقة فيكون سؤالهم سبباً في التشديد عليهم، وكذلك من سؤالهم عما لا يُفيد، فقد روى البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: " سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء كرهها، فلما أُكثر عليه غضب، ثم قال للناس ( سلوني عما شئتم) ، فقال رجل: من أبي ؟، قال ( أبوك حذافة) ، فقام آخر فقال: من أبي يا رسول الله ؟، فقال: ( أبوك سالم مولى شيبة) ، فلما رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما في وجهه قال: يا رسول الله، إنا نتوب إلى الله عز وجل ".
الحديث ترجمة رجال الحديث دلالة الحديث ما يرشد إليه الحديث لقدْ جاءَ الإسلامَ ليهذّبَ أخلاقَ الإنسانِ، وليجمّلَ أخلاقهُ بمعانٍ ساميةٍ، وقدْ كانَ أصحابُ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ بلازمونَهُ عليه الصّلاةُ والسّلامُ ليتعلّموا منهُ ما اتّصفَ به عليه الصّلاةُ والسّلامُ، وكانَ يعلّمُهمْ إذا سألوهُ، فينصحهمْ بما يفيدُهمْ، ومنَ الأمورِ الّتي علّمها لهمْ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ البعدُ عنِ الغضبِ، فتعالوا معنا نستعرضُ حديثاً في ذلك. الحديث: أوردَ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيح: ((حدّثنا يحيى بنُ يوسفَ، أخبرنا أبو بكرٍ هو ابنُ عيّاشٍ، عنْ أبي حَصينٍ، عنْ أبي صالحٍ، عنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، أنّ رجلاً قال للنّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: أوصِني؟ قال: "لا تغضبْ". فرددها مراراً، قال: "لا تغضبْ")). رقمُ الحديث: 6116. ترجمة رجال الحديث: الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في صحيحه في كتابِ الأدبِ، بابُ: (الحذرِ منَ الغضبِ)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنِ صخرٍ الدّوسيُّ، منْ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديثِ عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، أمّا رجالُ السّندِ البقيّةُ: يحيى بن يوسفَ: وهوَ أبو يوسفَ، يحيى بنُ يوسفَ الزّميُّ الخراسانيُّ (ت:225هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
ومن وسائل تخفيف الغضب التي وضحها الرسول صلى الله عليه وسلم الوضوء، فعن عطية السعدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تُطْفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ) رواه أبو داود». وهناك علاجات أخرى يبينها النبي صلى الله عليه وسلم وهي أن يغير الإنسان الوضع الذي كان عليه حال الغضب من القيام إلى القعود، أو الاضطجاع، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع»، رواه أبو داود. ويكشف الطب في العصر الحديث العديد من التغيرات التي يحدثها الغضب في جسم الإنسان، فالغدة الكظرية التي تقع فوق الكليتين، تفرز نوعين من الهرمونات هما هرمون الأدرينالين، وهرمون النور أدرينالين، فهرمون الأدرينالين يكون إفرازه استجابة لأي نوع من أنواع الانفعال أو الضغط النفسي كالخوف أو الغضب، وقد يفرز أيضاً لنقص السكر، وعادة ما يُفْرَز الهرمونان معاً. وإفراز هذا الهرمون يؤثر على ضربات القلب، فتضطرب، وتتسارع، وتتقلص معه عضلة القلب، ويزداد استهلاكها للأكسجين، والغضب والانفعال يؤدي إلى رفع مستوى هذين الهرمونين في الدم، وبالتالي زيادة ضربات القلب، وقد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم.