جاء في الآية 140 من سورة النساء: ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾. ويستعمل القرآن تعبيراً خاصاً في هكذا أماكن، يقول: ﴿ نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِين ﴾. وجاء في سورة المدثر: ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ*قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ*َولَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ*وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ﴾ (المدثر: 43ـ 45). قد يخوض مجموعة من الأشخاص في موضوع معين ويبحثون فيه بشكل جماعي، فيبرز التعاون الذي يراد منه تنظيم ذاك العمل. هناك عامل داخلي في الإنسان يجعله يفضِّل التماهي مع من هم في عمره. وقد يحمل هذا العمل آثاراً سلبية. د العريفي سورة الفرقان قال تعالي (والذين لَا يشهدون الزور وَإِذا مروا بِاللغو مروا كراما ) - YouTube. إذا ابتلي الشخص بصديق فاسد فإنه سيقع تحت تأثير عمله الفاسد. من هنا يتحدث أهل جهنم حول سبب وصولهم إليها ويقولون: ﴿ َكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ﴾ ، كنا نشاهد رفاقنا وأصدقاءنا يقومون بالعمل الفلاني فكنا نلحق بهم من دون بحث أو تحقيق أو دليل، بل كل ما كنا نتطلع إليه هو الكون معهم.
د العريفي سورة الفرقان قال تعالي (والذين لَا يشهدون الزور وَإِذا مروا بِاللغو مروا كراما ) - Youtube
أمّا إذا كان المقصود من "اللغو" معنىً أوسع من ذلك، عندها يكون المقصود من ﴿ مَرُّوا بِاللَّغْوِ ﴾ أي عندما يواجهون من يقوم بأعمال قبيحة، كما لو واجهوا من يقوم بالرقص أو الاتيان بمعصية معيَّنة، فإنَّهم يبادرون إلى النَّهي عن المنكر إذا توافرت شروطه وليس المراد من ﴿ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ أنهم لا ينهون عن المنكر لأن النَّهي عن المنكر ليس من صفات عباد الرحمن الخاصة بهم، بل هي تكليف واجب ينبغي على الجميع الإتيان به. * النزعة الداخلية للإنسان في التماهي مع المحيط
يميل الإنسان وبسبب عامل داخلي للمشاركة في عمل اللغو. أما القرآن الكريم فيشدد على الاحتراز من هذه المشاركة. من جملة ذلك ما جاء في سورة المؤمنون: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ وما جاء في سورة القصص أيضاً: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ﴾ وما وجاء في الآية الشريفة التي نتحدث عنها: ﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ ( الفرقان: 72). وهذا يشير إلى وجود آفة اجتماعية قد يبتلى بها بعض الناس، فجاءت هذه التأثيرات القرآنية لتقف حائلاً أمام وجود هذه الآفة، بالأخص إذا كان المراد من "اللغو" كل كلام باطل.
وإذا مروا باللغو مروا كراما قال تعالى بسورة الفرقان "والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما " وضح الله أن عباد الرحمن هم الذين لا يشهدون الزور والمراد الذين لا يصدقون الباطل باطل أنفسهم وغيرهم وفسرهم الله بأنهم إذا مروا باللغو مروا كراما والمراد وإذا علموا بالباطل بعدوا عنه كبارا ولم يستصغروا أنفسهم بطاعته