[١٤]
العفاف وحفظ الفرج
أخرج البخاري في صحيحه عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أضَرَّ علَى الرِّجالِ مِنَ النِّساءِ)، [١٥] وليكون المسلم من عباد الرحمن يجب عليه التزام العفة، وهي منع الإنسان نفسه عن الحرام، والحرص على مُراعاة حرامات الله -تعالى-، فالمؤمن الذي يضبط نفسه ويُعفها عن إتيان الحُرمات أو مُقدماتها يكون بذلك مُتعبداً لله -تعالى-. [١٦] وقد ذكر الله -تعالى- عباد الرحمن الذين يتصفون بالعفاف وحفظ الفرج في قوله: ﴿وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً﴾ ، [١٧] فيحرص العبد المؤمن كل الحرص على الابتعاد عن انتهاك حُرمات الله أو الاعتداء عليها، وذلك رغبةً بنيل رضوان الله -تعالى-، أو خوفاً من عذاب جهنم. من صفات عباد الرحمن انهم يكثرون الدعاء بصلاح. [١٨]
كثرة الإنابة إلى الله
يُحاسب المؤمن نفسه على الذنب الذي قد يرتكبه، فيحرص على التوبة والرجوع والإنابة إلى الله -تعالى-، فكثرة الإنابة إلى الله من صفات الأنبياء قال -تعالى-: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ﴾. [١٩] والمؤمن يتعظ عند سماعه لآيات الله -تعالى-، أو عند سماع حديثٍ من أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد مدح الله -تعالى- عباده المؤمنين الذين يتعظون بآياته في قوله - تعالى-: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً﴾.
من صفات عباد الرحمن في المشي
صفات عباد الرحمن في سورة الفرقان هو ما سنقوم بتوضيحة وذكره من خلال سطور هذا المقال، فإنَّ عباد الرحمن هم العباد الذين آمنوا بالله تعالى وحسُنت صفاتهم وأخلاقهم وأعمالهم، وقد بيَّن لنا القرآن الكريم صفات هؤلاء الناس من خلال بعض الآيات في سورة الفرقان، ومن خلال هذا المقال سنسلط الضوء على التعريف بسورة الفرقان، كما سنذكر صفات عباد الرحمن الواردة فيها، ونعدد بعض صفات المؤمنين في القرآن. سورة الفرقان
سورة الفرقان هي أحد السور المكية بالإجماع، والتي تحتوي على سبع وسبعون آية كريمة، ترتيبها بحسب المصحف العثماني الخامسة والعشرون، سُميت بهذا الاسم بسب ذكر كلمة الفرقان في آياتها والتي تعني التفريق بين الحق والباطل و الفرقان هو اسم سُمي به القرآن الكريم، وليس لهذه السورة اسم آخر تُعرف به، وسورة الفرقان هي من السور العظيمة التي تحتوي على الكثير من المقاصد، وتتحدث في آياتها عن توحيد الله تعالى وإثبات نبوة رسول الله، وكذلك تُوضِّح مدى عظمة القرآن الكريم وإعجازه. [1]
صفات عباد الرحمن في سورة الفرقان
ذكرت سورة الفرقان من خلال آياتها اهم صقات عباد الرحمن والتي تشتمل على التواضع والخوف من الله تعالى وخشيته، وعدم أداء شهادة الزور، والخوف من عذاب جهنم، وتقوى الله تعالى، والابتعاد عن الكذب، وغيرها من الصفات التي سنقوم بشرح كل منها بشكل تفصيلي.
من صفات عباد الرحمن انهم يكثرون الدعاء بصلاح
قال تعالى: «وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاما، وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياما وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً (65) إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً (66) وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَوامًاً» الآيات 63، إلى 67 من سورة الفرقان. تقول الدكتورة عايدة أحمد مخلص، الأستاذ المساعد بقسم التفسير بكلية الدراسات الاسلامية بالمنصورة: يبين المولي، عز وجل، هنا بعض أوصاف عباده المؤمنين، وبين ما لهم من فاضل الصفات، وكامل الأخلاق، التى لأجلها استحقوا جزيل الثواب من ربهم، وأكرم لأجلها مثواهم، وهى صفات تشرئب إليها أعناق العاملين، وتتطلع إليها نفوس الصالحين، الذين يبتغون المثوبة ونيل النعيم جزاء ما اتصفوا من كريم الخلال، وأتوا به من جليل الأعمال، ومن هذه الصفات:
- أنهم يمشون فى سكينة ووقار، لا يضربون بأقدامهم كبرًا، ولا يخفقون بنعالهم أشرًا وبطرًا. وعن ابن عباس: هم المؤمنون الذين يمشون علماء حلماء ذوى وقار وعفة، فهم لا يتكبرون ولا يتجبرون ولا يريدون علوّا فى الأرض.
من صفات عباد الرحمن في الأنفاق
فالإنسان إما عبدٌ لله أو للأهواء ولا وجود لطريقٍ ثالثٍ بينهما. * عبادة غير واعية بعض الناس قد حرّر نفسه من قيد العبودية، وقرّر أن يتّخذ بنفسه كافّة قراراته، فهو عبد لنفسه، أي لهوى النفس، يخطِّط لها ويضلّها. وهذا ما يريده الشيطان، فهم بذلك يتصورون أنهم أحرار وما هم كذلك؛ لأن الحرّ من كان عبداً لله. لأن الحرية الحقيقية لا تتحقّق إلا في ظل العبودية لله. يتحدث القرآن الكريم عن أن الإنسان إما أن يكون عبداً لله أو عبداً للشيطان، وإما أن يكون أسلوبه وسلوكه العملي موافقاً لأوامر الله ومنخرطاً في طاعته أو العكس من ذلك إذ يكون موافقاً للشيطان. وتشير مسألة اتخاذ معبود إلى مقدار المعرفة والجهل الذي يحيط بالإنسان. والمسلم الذي يتخذ الله معبوداً ويقوم بما تستلزمه العبودية من العبادة وغيرها، فإن هذا ينطلق من معرفةٍ ووعي، لأننا نتصوّر وجود موجودٍ كاملٍ بالمطلق وشريفٍ يكون وجودنا منه، ونحن نظهر له كامل الخضوع، فهذه هي العبودية الواعية. فإذا فُقد الاعتقاد فقدت العبادة. وعكس هذه العبادة، عبادة الشيطان. صفات عباد الرحمن في سورة الفرقان - موقع محتويات. ومن غير الواضح مقدار المعرفة والوعي عند الإنسان الذي يعبد الشيطان.
الصفة العاشرة قبول المواعظ: فإذا قرئ القرآن عليهم ذكروا آخرتهم ومعادهم، ولم يتغافلوا حتى يكونوا بمنزلة من لا يسمع. الصفة الحادية عشرة الابتهال إلى الله تعالى: بجعل توابع الإنسان من أزواج وذريات هداة مهديين مطيعين لله، تقرّ النفوس بهم، وتثلج الصدور بسيرتهم العطرة، وأن يكونوا أئمة وقدوة يقتدى بهم في الخير، ولا يكون ذلك إلا إذا كان الداعي تقيا صالحا.
* العناية الخاصة للباري في إطلاق عباد الرحمان بدايةً نشير إلى أن القرآن الكريم تحدث في أماكن عديدة حول الناس تحت اسم "العباد"، إلا أنّه أضاف إليها تارة "الله": ﴿عِبَادَ اللهِ﴾، وتارة ثانية الرحمان: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَن﴾ وتارة ثالثة أضاف إليها ياء المتكلم: ﴿عِبَادِي﴾ وتارة ذكرها مع الألف واللام: ﴿وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ (آل عمران: 15)، أو الضمير المتصل: ﴿وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً﴾ (الإسراء: 17). الواضح أنه عندما يتم إضافة ياء المتكلم إلى كلمة "عباد" فهذا يعني أن لها قيمةً وعنايةً خاصّتين، أو أنّه أريد منها توضيح مسألةٍ خاصّة. جاء في العديد من الآيات الشريفة عبارة "عبادي"، و"عبادي" لا تساوي الناس، بل "عبادي" تمتلك معنى خاصاً يحمل نوعاً من الترغيب في التوجه نحو الله تعالى: ﴿فَادْخُلِي فِي عِبَادِي*وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ (الفجر: 30). من صفات عباد الرحمن في الانفاق – المحيط. * الفرق بين معنى الإطلاق العام والخاص في القرآن الكريم استعمل القرآن الكريم المفاهيم على شكلين: عام وخاص. والمعنى العام يشمل الجميع، وعكسه الخاص إذ يصدق على مصداقٍ واحد. مثال ذلك استعمال القرآن عبارة "الولاية" على نحوين: عام وخاص.