ولو قال: إني قد صليتهما، يقال: صليتهما وهما نفل، والآن قد أصبحتا فرضا، فعليك أن تبادر بهما وتقضيهما، ذكروا مثل ذلك: الحائض تطهر، والكافر يسلم، والمجنون يفيق، الحائض إذا طهرت من حيضها في آخر النهار بعد العصر قبل المغرب، تطالب بالصلاتين الظهر والعصر، يعني: طهرت في الساعة السادسة، يعني: آخر النهار، فلما طهرت كان الوقت باقيا، وقت العصر والظهر تجمع إليها، فتطالب بصلاة الظهر والعصر، تغتسل وتصليهما، ولو لم تغتسل إلا بعد الغروب تكون الظهر والعصر واجبتين عليها. متى تجب الصلاة على النبي وأفضل الصيغ لها - موقع محتويات. كذلك إذا طهرت آخر الليل، إذا طهرت في الساعة الثالثة قبل دخول وقت الفجر تكون مطالبة بالصلاتين، طهرت قبل أن ينتهي وقت العشاء، فتطالب بالعشاء وتطالب بالمغرب؛ لأن وقتهما واحد حيث يجمعان، كذلك لو طهرت قبل طلوع الفجر، قبل أن يطلع الفجر بعشر دقائق طهرت، ففي هذه الحال لا تطالب إلا بالفجر؛ لأنها أدركت آخر وقتها. كذلك الكافر يسلم يطالب بالوقتين، إذا أسلم قبل غروب الشمس طولب بالصلاتين الظهر والعصر، وإذا أسلم في آخر الليل طولب بالصلاتين المغرب والعشاء، وإذا أسلم قبيل طلوع الشمس طولب بالفجر. وهكذا المجنون يفيق، المجنون تسقط عنه الصلاة، فإذا أفاق وصح وعقل، أفاق قبل غروب الشمس بدقائق ألزم بالصلاتين الظهر والعصر، وإذا أفاق قبل طلوع الفجر ولو بدقائق ألزم بالصلاتين المغرب والعشاء، وإذا أفاق قبل أن تطلع الشمس بدقائق ألزم بصلاة الفجر.
- متى تجب الصلاة على النبي وأفضل الصيغ لها - موقع محتويات
متى تجب الصلاة على النبي وأفضل الصيغ لها - موقع محتويات
وحمل المالكية الأمر على الندب فقط. ولا تجب الصلاة كذلك على غير العاقل، وهو المجنون؛ للحديث المتقدم. وأما من زال عقله بغير الجنون، كالإغماء، أو استعمال الدواء المخدر، كالبنج، أو شرب المسكر، فقد اختلف أهل العلم في وجوب الصلاة عليه: فمنهم من يرى أنها واجبة عليه، بمعنى أنه يجب عليه قضاؤها إذا أفاق، ومنهم من فرّق بين ما كان للعبد فيه كسب، كاستعمال الدواء المخدر، وشرب المسكر، وبين ما لم يكن للعبد فيه كسب، كالإغماء، والفزع الشديد: فأوجب عليه الصلاة في الحالة الأولى، ولم يوجبها عليه في الحالة الثانية. ومنهم من فرق بين ما كان بسبب محرم، كشرب المسكر، أو المخدر عمدًا لغير حاجة، وبين ما كان بسبب مباح، كشرب الدواء المخدر عند الحاجة، أو بأمر خارج عن كسب العبد، كالإغماء، ونحوه: فأوجب الصلاة عليه في الحالة الأولى؛ لتعديه. ولم يوجبها عليه فيما سوى ذلك. والذي نرى ترجيحه هو الرأي الأول، وذلك لأمرين:
الأول: أن الحديث إنما نص على المجنون فقط، فبقي غيره على ما كان عليه من الوجوب. الثاني: أن الجنون هو الذي تطول مدته عادة، فناسب حكمة الشرع أن لا يكون واجبًا عليه شيء؛ إذ لو وجب عليه؛ للزمه قضاؤه، فيكون في ذلك حرج، ومشقة كبيرة في ما إذا طال أمد الجنون، والله تعالى يقول: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78]، وهذا بخلاف زوال العقل بالإغماء، ونحوه؛ فإنه يكون غالبًا في وقت محدود.
الدليل على هذا قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة:9] ، فقال: (إذا نودي للصلاة)، قالوا: والنداء إذا كانت الرياح ساكنة والأصوات هادئة يسمع لمسافة فرسخ. والرأي الثاني: أن العبرة بسماع النداء، فإذا كان من خارج البلد يسمع النداء فيجب عليه أن يجيب، وإن كان لا يسمع النداء فلا يجب عليه. حكم صلاة الجمعة على المرأة والعبد والمسافر والمعذور
حضور المعذورين صلاة الجمعة
قال المؤلف رحمه الله: [وإن حضروها أجزأتهم ولم تنعقد بهم إلا المعذور إذا حضرها وجبت عليه وانعقدت به]. يعني: إذا حضرها الرقيق, المؤلف ذهب إلى أن الرقيق لا تجب عليه الجمعة، لكنه حضر مع الناس وصلى فإنها تجزئه ولا يطالب أن يصلي ظهراً. وكذلك أيضاً المرأة لو حضرت مع الناس وصلت فنقول: بأنها تجزئها الجمعة، ولا تطالب أن تصلي ظهراً، مثل أيضاً بقية من لا تجب عليه الجمعة. ومعنى قوله: (لم تنعقد بهم) يعني: أنهم لا يحسبون من عدد الجمعة، فالمرأة والرقيق والمسافر على كلام المؤلف لا يحسبون. الجمعة لا بد لها من العدد, تشترط لها الجماعة فلا بد من العدد، وعدد الجمعة على المشهور من المذهب أربعون، وعند شيخ الإسلام ثلاثة، فإذا أخذنا برأي الحنابلة وأنه لا بد من أربعين لو كان عندنا تسعة وثلاثون رجلاً وامرأة فإنهم لا يصلون جمعةً وإنما يصلون ظهراً، قالوا: لأن المرأة لا تنعقد بها الجمعة.