الإجابة: الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ: فما نقله الأخ السائل عن الشيخ العثيمين هو موجود في مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (8/ 316) حيث قال عند قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}: أوجدهما من العدم على وجه الإحكام والإتقان". اهـ. وهي عبارة مجملة قد يقصد أنهما خلقا من غير مادة، أو أنهما مسبوقتان بعدم نفسيهما. أما القول الصحيح في تلك المسألة الكبيرة وهو قول أهل السنة قاطبة، أن كل مخلوق مُحدث كائن بعد إن لم يكن خلقه الله من مادة ؛ وهذا ثابت بالنص والإجماع، فالله خلق الملائكة من مادة وهي النور؛ كما ثبت في الصحيح عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خلق الله الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم" فبين أن الملائكة والجن والإنس جميعهم مخلوقون من مادة موجودة قبلهمكم.
- خلق الله الجن منتدي
- خلق الله الجن من هنا
- خلق الله الجن منتديات
خلق الله الجن منتدي
كتبت: أسماء علي ما هو الجن؟ الجن عكس الإنس وسُمي جني لأنه لا يمكن رؤيته بالعين المجردة. من هو الشيطان؟ الشيطان هو كل متمرد من الجن والإنس. هناك مسميات أخرى للجن مثل "عامر" وهو الذي يسكن مع البشر، وقد حرّم الله قتل العمار من الجن إذا كان جيد يُسمى "روحًا" والخبيث هو الشيطان، وإذا زاد في كفره وتمرده سُمي "مارد" إذا زاد عن ذلك يُسمى "عفريت ". هل الجن حقيقة أم خيال نسجه عقل البشر؟ لا يستطيع أي مسلم أن يُنكر وجود الجن، وهذا العالم الخفي والذي أخفاه "الله عز وجل" رحمة منه بعباده لِما فيه من أهوال لا يستطيع الإنسان تحملها بما مَنّ الله عليهم بقدارات خارقة عن طبيعة البشر، كما لا يمكن أن ننكر أن الجن أقوام وطوائف، ومنهم المسلم والكافر وكذلك الصالح والطالح، كذلك هم مكلفون ويحاسبون والقرآن الكريم قد بَين كل تلك المسائل في مواقف وآيات عدة. خلق الله تعالى الجن قبل الإنس، قال تعالى " وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50) " سورة الكهف.
خلق الله الجن من هنا
وقد فصل تلك المسألة الشريفة وحررها وحققها تحقيقًا لم يسبق إليه، أعني: مسألة الخلق من المادة شيخ الإسلام ابن تيمية في كثير من كتبه، أنقل منها ما جاء في آخر كتبه "النبوات" (1/ 317): "... والحقّ أنّ المادّة التي منها يُخلق الثاني تفسد، وتستحيل، وتتلاشى، ويُنشئ الله الثانيَ ويبتديه، ويخلق من غير أن يبقى من الأول شيء، لا مادة، ولا صورة، ولا جوهر، ولا عرض. فإذا خلق الله الإنسان من المني، فالمني استحال وصار علقةً، والعلقةُ استحالت وصارت مضغةً، والمضغةُ استحالت إلى عظام وغير عظام. والإنسانُ بعد أن خُلق، خُلق كلّه، جواهره وأعراضه، وابتدأه الله ابتداءً؛ كما قال تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ* ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} [السجدة: 7، 8]، وقال تعالى: {أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا} [ مريم: 67]، فالإنسان مخلوق، خلق الله جواهره وأعراضه كلّها من المني؛ من مادّة استحالت ليست باقية بعد خلقه كما تقول المتفلسفة: إنّ هناك مادّة باقية. إلى أن قال النبوات لابن تيمية (1/ 320-327): "والخلق يشهدون إحداث الله لما يحدثه، وإفناءه لما يُفنيه؛ كالمني الذي استحال وفني وتلاشى، وأحدث منه هذا الإنسان؛ وكالحبة التي فنيت واستحالت، وأحدث منها الزرع؛ وكالهواء الذي استحال، وفني، وحدث منه النار أو الماء؛ وكالنار التي استحالت، وحدث منها الدخان.
خلق الله الجن منتديات
فهو - سبحانه - دائماً يُحدث ما يُحدثه ويكوّنه، ويُفني ما يُفنيه ويُعدمه. والإنسان إذا مات وصار تراباً فَنِي وعُدِم، وكذلك سائر ما على الأرض؛ كما قال: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: 26]، ثمّ يُعيده من التراب كما خلقه ابتداءً من التراب، ويخلقه خلقاً جديداً، ولكنْ للنشأةِ الثانية أحكامٌ وصفات ليست للأولى. فمعرفة الإنسان بالخلق الأول، وما يخلقه من بني آدم وغيرهم من الحيوان، وما يخلقه من الشجر والنبات والثمار، وما يخلقه من السحاب والمطر وغير ذلك:- هو أصلٌ لمعرفته بالخلق، والبعث بالمبدأ والمعاد، وإن لم يعرف أنّ الله يخلقه كلّه من المنيّ؛ جواهره وأعراضه، وإلا فما عرف أنّ الله خلقه. ومن ظنّ أنّ جواهره لم يخلقها إذ خلقه، بل جواهر المنيّ، وجواهر ما يأكله ويشربه باقية بعينها فيه، لم يخلقها، أو أنّ مادته التي تقوم بها صورته لم يخلقها إذ خلقه، بل هي باقية أزليّة أبديّة، لم يكن قد عرف أنّه مخلوقٌ مُحدَثٌ..... وأما المتكلمة الجهمية: فهم لا يتصوّرون ما يشهدونه؛ من حدوث هذه الجواهر في جواهرَ أُخَر من مادة، ثمّ يدّعون أنّ الجواهر جميعها أُبدعت ابتداءً لا من شيء. وهم لم يعرفوا قطّ جوهراً أُحدث لا من شيء، كما لم يعرفوا عرضاً أُحدِث لا في محلّ.
وحقيقة قولهم: أنّ الله لا يُحدث شيئاً من شيء؛ لا جوهراً، ولا عرضاً؛ فإنّ الجواهر كلّها أُحدثت لا من شيء، والأعراض كذلك. والمشهود المعلوم للناس إنّما هو إحداثه لما يحدثه من غيره، لا إحداثاً من غير مادة؛ ولهذا قال تعالى: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} [مريم: 9]، ولم يقل خلقتك لا من شيء، وقال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} [النور: 45]، ولم يقل خلق كل دابة لا من شيء، وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30]. هذا هو القدرة التي تبهر العقول؛ وهو أن يقلب حقائق الموجودات فيحيل الأول ويُفنيه ويُلاشيه، ويُحدث شيئاً آخر؛ كما قال: {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ} [الأنعام: 95]، ويُخرج الشجرة الحية، والسنبلة الحية، من النواة والحبة الميتة، ويخرج النواة الميتة، والحبة الميتة، من الشجرة والسنبلة الحية؛ كما يخرج الإنسان الحي من النطفة الميتة، والنطفة الميتة من الإنسان الحي. وعندهم -يعني المتكلمة الجهمية- لا يُخرج حيّاً من ميت، ولا ميتاً من حي؛ فإنّ الحيّ والميت إنّما هو الجوهر القائم بنفسه؛ فإنّ الحياة عرض لا يقوم إلا بجوهر، والعرض نفسه لا يقوم بعرض آخر.