قال: "أنا بقدر ما أُعظم السَّياب شاعرًا مطبوعًا إلا أني لا آخذ عواطفه تجاه الآخرين على محمل الجد، وكان يبالغ في مثل هذه القصص. وأضاف: حصل مرةً أن اتصلوا بي مِن المستشفى لأمر هام بطلب منه، فهرعت إلى المستشفى، وإذا به يقول: الشيوعيون يحاولون قتلي، هناك عصابة منهم دخلت المستشفى (الأميري)! ضحكتُ في داخلي وهونت عليه، وأتيت له بسلاح (سكينة صغيرة) يضعه تحت وسادته كي يحمي نفسه مِن هؤلاء، مع أني أعلم أنه لا يقوى على الحركة، إلا أنه على ما يبدو اقتنع بالفكرة".
- أبيات في هجاء ساب الرسول (مقطوعة شعرية)
- قصيدة (وحيد) للشاعر / سليمان الأسودى .اليمن - مجلة همسة
- "صه يا رقيع".. لم يقلها صاحب "أين حقي" في الجواهري | مجلة المجلة
أبيات في هجاء ساب الرسول (مقطوعة شعرية)
لكن بحر العلوم تلك الأيام غير ما رأيناه في شيخوخته، وقد قرأ قصيدة في مجلس التضامن والسلم ببغداد (1975)، ليست مِن عيون شعره المعروف عنه، بمناسبة انتصار بفيتنام، وكان قدمه الوزير مكرم الطَّلباني. قال الجواهري في بحر العلوم، وكان الأخير رهين سجن نقرة السَّلمان الرَّهيب في صحراء السماوة (1965):
يا أبا ناظم وسَجنك سَجني ** وأنا منك مثلما أنت مني
وأنا منك في المودةُ حيثُ الـ ** مرءُ سيَّان علمه والتَّظني
أنا عِرقٌ في جسمك النَّابض الحيَّ ** ولمحٌ مِن عقلك والمستضنِّ
(إلى قوله) يا ربيب السّجون، لا المتنبَّي ** عقَّ مَن ربَّه (يربيه) ولا المتُبنَّي
(قصيدة أبا ناظم 1965). أبيات في هجاء ساب الرسول (مقطوعة شعرية). هذا والقصيدة طويلة. أقول: ليس مِن طبع الجواهري أن يُسامح بسهولة، ولو كان بحر العلوم قال: "صه يا رفيع" ما غفرها له. بعد هذه القصيدة نأتي على قضية "صه يا رقيع" مَن قالها وما هي المناسبة؟ هنا يفيدنا الأديب والصحافي العراقي اليهودي مراد العماري (ت 2012)، والذي كان منذ الأربعينيات، مِن القرن الماضي، صحفيًّا محترفًا، ويعرف الجواهري عن قُرب، ظل يُقاوم الهجرة والتَّهجير عن بلاده حتى مطلع السبعينيات من القرن الماضي. كتب تحت عنوان "قصيدة التَّتويج"، مصححًا ما شاع عمَن هجا الجواهري بسببها.
قرأت للأديب "عابد خزندار" في صحيفة (الرياض) السعودية (5 فبراير 2014) خاطرةً تحت عنوان "شعراء أهملهم التَّاريخ"، تطرق فيها إلى السَّيد الحميري (ت 173 هـ) ومحمد صالح بحر العلوم، على أنهما أُهملا بسبب معارضتهما للحكم. فالأول كان شيعيًّا يرى مهدوية محمد بن الحنفية (ت 81 هـ)، والثَّاني كان يساريًّا حزبيًّا. أما إهمال الحميري فقد قال به صاحب كتاب "الأغاني" أبي الفرج الأصفهاني (ت 356 هـ)، وأفرد له فصلاً من كتابه، متوسعًا بأخباره. قال: "مات ذكره، وهجر النَّاس شعره لما كان يفرط فيه من سب أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأزواجه في شعره ويستعمله في قذفهم والطعن عليهم، فتحومي شعره من هذا الجنس وغيره لذلك، وهجر الناس تخوفًا وترقبًا، وله طراز من الشعر ومذهب قلما يلحق فيه أو يقاربه. قصيدة (وحيد) للشاعر / سليمان الأسودى .اليمن - مجلة همسة. ولا يعرف له من الشعر كثيرٌ". (كتاب الأغاني)، مع ذلك اشتهر السَّيد الحميري، لكن ليس كشهرة مجايليه المعروفين. يقول عبد الملك الأصمعي (ت 216 هـ): "قاتله الله! ما أطبعه وأسلكه لسبيل الشُّعراء! والله لولا ما في شعره مِن سبِّ السَّلف لما تقدمه مِن طبقته أحد". (كتاب الأغاني). ليس هذا شاهد مدونتنا، إنما الشَّاهد ما جاء في خاطرة خزندار عن الجواهري وبحر العلوم، فهي شائعة حُفرت في ذاكرة الأجيال، مع أنها غير صحيحة، واعذره لأن العراقيين أنفسهم مازالوا يعتقدون ذلك.
قصيدة (وحيد) للشاعر / سليمان الأسودى .اليمن - مجلة همسة
؟
ولكنها سنة ٌ تُستحبْ
وَلَوْ رُدّ بِالرّزْءِ مَا تَستَحِقّ
لَمَا كَانَ لي في حَيَاة ٍ أرَبْ
عنترة بن شدّاد
فخْرُ الرِّجالِ سلاسلٌ وَقيُودُ
وكذا النساءُ بخانقٌ وعقودُ
وإذا غبارالخيل مدّ رواقه
سُكْري بهِ لا ما جنى العُنْقودُ
يادهرُ لا تبقِ عليَّ فقد دنا
ما كنتُ أطلبُ قبلَ ذا وأريد
فالقتْلُ لي من بعد عبْلة َ راحَة ٌ
والعَيشُ بعد فِراقها منكُودُ
يا عبْلَ! قدْ دنتِ المَنيّة ُ فاندُبي
إن كان جفنك بالدموع يجود
يا عبلَ! إنْ تَبكي عليَّ فقد بكى
صَرْفُ الزَّمانِ عليَّ وهُوَ حَسُودُ
يا عبلَ! إنْ سَفكوا دمي فَفَعائلي
في كل يومٍ ذكرهنّ جديد
لهفى عليك اذا بقيتى سبية
تَدْعينَ عنْترَ وهوَ عنكِ بعيدُ
ولقد لقيتُ الفُرْسَ يا ابْنَة َ مالكِ
وجيوشها قد ضاق عنها البيد
وتموجُ موجَ البحرِ إلا أنَّها
لاقتْ أسوداً فوقهنَّ حديد
جاروا فَحَكَّمْنا الصَّوارمَ بيْننا
فقَضتْ وأَطرافُ الرماحِ شُهُود
يا عبلَ! كم منْ جَحْفلٍ فرَّقْتُهُ
والجوُّ أسودُ والجبالُ تميدُ
فسطا عليَّ الدَّهرُ سطوة َ غادرٍ
والدَّهرُ يَبخُلُ تارة ويجُودُ
وفي النهاية نتمنى أن تكون المعلومات التي قدمناها مفيدة لك, ويسعدنا أن تشاركنا برأيك عبر التعليقات.
كانت المناسبة تتويج الملك فيصل الثَّاني (قُتل 1958)، وهي عندي مِن أجمل قصائد الجواهري، وكتبتُ أكثر مِن مرة أن كلَّ ما قاله جميلاً ولم يكن يبالغ في ما نظمَ:
أبا الشِّعر قُل ما يعجبُ الابن والأبا ** وهل لك إلا أن تقول فتُعجِبا (1979). لكنه للأسف لم ينشر قصيدة التَّتويج (1953) ضمن دواوينه، وكأنه قد تبرأ منها. فعلى حد كلام مراد العماري، كان قد مدح جد الملك وأباه وأعمامه، فلماذا هذا الموقف؟ حتى سماها في مذكراته بـ"الزَّلة". أقول: لعلَّ للهجاء تأثيرًا، أو أنها جاءت في فورة حراك سياسي، وأكثر مِن هذا قد يكون لمقتل أخيه جعفر (1948) أثر، مع علمنا أن الجواهري كان قد عمل في التَّشريفات الملكية في عهد فيصل الأول (ت 1933). جاء في "التَّتويج":
ته يا ربيع بزهرك العطر النَّدي** وبضوئك الزَّاهي ربيع المولد
باه السَّما ونجومها بمشعشٍ** عريَّان مِن نجم الرُّبى يتوقدُ
وإذا رمتك بفرقدٍ فتحدها** مِن طلعة الملكِ الأغرَ بفرقدِ
(إلى قوله):
أشرق على الجيل الجديد وجدِّد** وتولى عرش الرافدين وأصعد
أنا غرسكم أعلى أبوك محلتي لُطفًا** وشرف فضلُ جدك مقعدي
فجاء الهجاء على لسان إبراهيم الخال، واشتهر خطأً لمحمد صالح بحر العلوم، وهذا يريك أن الخال لم يكن مشهورًا، وظل هكذا، بينما شهرة الجواهري طافت الآفاق.
&Quot;صه يا رقيع&Quot;.. لم يقلها صاحب &Quot;أين حقي&Quot; في الجواهري | مجلة المجلة
حقوق النشر والتأليف محفوظه لأصحابها تبعاَ لأسماءهم وتصنيفاتهم
قال الخال مما قال:
صه يا رقيع فمَن شفيعك في غدٍ** فلقد خسئت وبان معدنك الردي
وهذا ما اشتهر مِن القصيدة.