وإن عالم المؤمن من السعة والشمول والامتداد والارتفاع والجمال والسعادة بحيث تبدو إلى جانبه عوالم غير المؤمنين صغيرة ضئيلة هابطة هزيلة شائهة شقية.. خاسرة أي خسران! والعمل الصالح وهو الثمرة الطبيعية للإيمان، والحركة الذاتية التي تبدأ في ذات اللحظة التي تستقر فيها حقيقة الإيمان في القلب. فالإيمان حقيقة إيجابية متحركة. ما إن تستقر في الضمير حتى تسعى بذاتها إلى تحقيق ذاتها في الخارج في صورة عمل صالح.. هذا هو الإيمان الإسلامي.. لا يمكن أن يظل خامدا لا يتحرك، كامنا لا يتبدى في صورة حية خارج ذات المؤمن.. فإن لم يتحرك هذه الحركة الطبيعية فهو مزيف أو ميت. شأنه شأن الزهرة لا تمسك أريجها. فهو ينبعث منها انبعاثا طبيعيا. وإلا فهو غير موجود! ومن هنا قيمة الإيمان.. إنه حركة وعمل وبناء وتعمير.. يتجه إلى الله.. إنه ليس انكماشا وسلبية وانزواء في مكنونات الضمير. وليس مجرد النوايا الطيبة التي لا تتمثل في حركة ، وهذه طبيعة الإسلام البارزة التي تجعل منه قوة بناء كبرى في صميم الحياة. وهذا مفهوم ما دام الإيمان هو الارتباط بالمنهج الرباني. والعصر إن الإنسان لفي خسر تفسير. وهذا المنهج حركة دائمة متصلة في صميم الوجود. صادرة عن تدبير، متجهة إلى غاية.
- والعصر。ان الانسان لفي خسر - YouTube
- إسلام ويب - في ظلال القرآن - تفسير سورة العصر - تفسير قوله تعالى والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات- الجزء رقم6
- "والعصر".. قسم له مدلولات عظيمة
والعصر。ان الانسان لفي خسر - Youtube
من ركائز العقيدة في سورة العصر:-
1ـ
الإيمان بالله, وملائكته, وكتبه, ورسله, واليوم الآخر, وتنزيه
الله ـ تعالي ـ عن جميع صفات خلقه, وعن كل وصف لا يليق بجلاله. 2ـ الالتزام بالصالحات من الأعمال. 3ـ التواصي بالحق. 4ـ التواصي بالصبر. 5ـ
اليقين بأن الذين يلتزمون بهذه الضوابط الإيمانية ـ علي قلتهم ـ هم
الناجون في الدنيا والآخرة, وأن الذين لا يلتزمون ـ وهم الأكثرية الغالبة
ـ سيخسرون الدنيا والآخرة, وذلك هو الخسران المبين.
من الإشارات الكونية في سورة العصر:-
1ـ
القسم بالعصر وهو قسم يشمل الزمن كله, كما يشمل وقت العصر أي الفترة
الزمنية ما بعد الزوال إلي الغروب, أو صلاة العصر لفضلها. والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا. 2ـ الإشارة إلي ضلال أغلب الناس, واستثناء القلة الصالحة من الذين آمنوا وعملوا الصالحات والتاريخ والواقع يؤكدان ذلك. 3ـ التأكيد أن الإنسان مخلوق اجتماعي بالفطرة, وهو ما أكدته جميع الدراسات المكتسبة.
إسلام ويب - في ظلال القرآن - تفسير سورة العصر - تفسير قوله تعالى والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات- الجزء رقم6
فإذا كان جمال مخلوق واحد من مخلوقاته تعالى قد فعلت مشاهدته بهؤلاء النسوة ما فعلت، فما هو يا ترى وضع الإنسان إذا شاهد طرفاً من جمال خالق الأكوان وصاحب الجمال والجلال، أتظن أن الإنسان بمشاهدة طرف من هذا الجمال القدسي عما سواه؟ أتظن أنه ليشعر في مثل تلك الساعة من المشاهدة له وجوداً وأثراً؟
أما سمعت بهذه المشاهدة في قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} سورة القيامة: الآية (22-23). أما علمت قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ، فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} سورة القمر: الآية (54-55).
&Quot;والعصر&Quot;.. قسم له مدلولات عظيمة
قال تعالى: { وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} [العصر] قال السعدي في تفسيره: أقسم تعالى بالعصر، الذي هو الليل والنهار، محل أفعال العباد وأعمالهم. أن كل إنسان خاسر، والخاسر ضد الرابح. والخسار مراتب متعددة متفاوتة: قد يكون خسارًا مطلقًا، كحال من خسر الدنيا والآخرة، وفاته النعيم، واستحق الجحيم. وقد يكون خاسرًا من بعض الوجوه دون بعض، ولهذا عمم الله الخسار لكل إنسان، إلا من اتصف بأربع صفات: الإيمان بما أمر الله بالإيمان به، ولا يكون الإيمان بدون العلم ، فهو فرع عنه لا يتم إلا به. والعمل الصالح، وهذا شامل لأفعال الخير كلها، الظاهرة والباطنة، المتعلقة بحق الله وحق عباده ، الواجبة والمستحبة. والتواصي بالحق، الذي هو الإيمان والعمل الصالح، أي: يوصي بعضهم بعضًا بذلك، ويحثه عليه، ويرغبه فيه. "والعصر".. قسم له مدلولات عظيمة. والتواصي بالصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقدار الله المؤلمة. فبالأمرين الأولين، يكمل الإنسان نفسه، وبالأمرين الأخيرين يكمل غيره، وبتكميل الأمور الأربعة، يكون الإنسان قد سلم من الخسار، وفاز بالربح العظيم.
الاستثناء
ثم استثنى الله عز وجل من الخاسرين، من جمع صفات الخير، فقال عز وجل: «إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر»، فهؤلاء هم الذين نجوا من الخسارة، وربحوا رضا الله عز وجل، ودخول جنته، التي أعدها لأوليائه. فهم أهل الإيمان بالله، الذين سلمت قلوبهم من كل شبهة، تعارض خبر الله عز وجل، وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم، وسلمت قلوبهم من كل شهوة، تخالف أمر الله عز وجل، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم. وهم أهل العمل بما يدعو إليه الإيمان، فعملوا الصالحات، من أعمال القلوب، والجوارح، على اختلاف أنواعها، وألوانها. فعمرت قلوبهم بالتوكل على الله، والرجاء فيه، والخوف منه، والرغبة فيما عنده، والرهبة منه، والمحبة والإجلال له، والخشوع والإخبات. تقوى الله
وعمرت جوارحهم بالصلاة، والزكاة، والصيام، والصدقات، والكلمات الطيبات، والسعي في الحاجات، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الناس وبقية المخلوقات. والعصر。ان الانسان لفي خسر - YouTube. وهم أهل التواصي بالحق، الذين لم يقصروا الخير على أنفسهم، وينعزلوا عن الناس، بل أقبلوا على إخوانهم، وأقاربهم، وجيرانهم، وأهل مجتمعهم..
وكل من له صلة بهم، فدعوهم إلى الله عز وجل، وأخلصوا لهم النصيحة، وبذلوا لهم الدلالة والإرشاد، فأمروهم بالمعروف، الذي يقربهم إلى الله، ويدنيهم منه، ونهوهم عن المنكر، الذي يبعدهم عن الله، ويقصيهم عنه.
وهكذا فالله تعالى يريد بكلمة: (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ): أن يحذر بني الإنسان كافّة من تضييع هذا العمر، وأن يستحثَّ هممنا إلى اغتنام هذه الفترة الوجيزة من الحياة التي عرف قيمتها أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ومن تابعهم بإحسان. نعم، إن الإنسان لفي خسر، لأن الإنسان ذلك المخلوق الذي كرَّمه الله تعالى، ووهبه من الأهلية والاستعداد ما يستطيع به أن يتفوَّق ويتسنَّم ذلك المقام الرفيع الذي يسمو به على سائر المخلوقات، إذا هو لم يُفد من هذه الأهلية وذلك الاستعداد بل ظلّ مستغرقاً في دنياه لاحقاً لشهواته، منحطاً إليها انحطاط الحيوان إلى أن يوافيه الأجل، وتنقضي مرحلة الحياة، فهنالك يندم أشد الندم، ويرى كم فرّط وكم ضيّع على نفسه من خيرات، وما تزال الحسرات تحرق نفسه حتى يوم البعث والنشور. قال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ} سورة السجدة: الآية (12). وقال تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} سورة غافر: الآية (18).