تلك الحقيقة التي تعرض في التصور الإسلامي - وبخاصة في القرآن - عرضا هادئا ناصعا قويا بسيطا عميقا. يلتقي مع الفطرة التقاء مباشرا دون كد ولا جهد ولا تعقيد. لأنه يطالعها بالحقيقة الأصيلة العميقة فيها. ويفسر لها الوجود وعلاقتها به، كما يفسر لها علاقة الوجود بخالقه تفسيرا يضاهي ما استقر فيها ويوافقه. وطالما عجبت وأنا أطالع تصورات كبار الفلاسفة وألاحظ العناء القاتل الذي يزاولونه، وهم يحاولون [ ص: 3395] تفسير هذا الوجود وارتباطاته; كما يحاول الطفل الصغير حل معادلة رياضية هائلة.. وأمامي التصور القرآني واضحا ناصعا سهلا هينا ميسرا طبيعيا، لا عوج فيه ولا لف ولا تعقيد ولا التواء. وهذا طبيعي، فالتفسير القرآني للوجود هو تفسير صانع هذا الوجود لطبيعته وارتباطاته.. أما تصورات الفلاسفة فهي محاولات أجزاء صغيرة من هذا الوجود لتفسير الوجود كله. والعاقبة معروفة لمثل هذه المحاولات البائسة! إنه عبث. {والطور وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع والبحر المسجور} تفسير للشيخ العثيمين -رحمه الله- - منتديات الإمام الآجري. وخلط. وخوض.. حين يقاس إلى الصورة المكتملة الناضجة، المطابقة، التي يعرضها القرآن على الناس، فيدعها بعضهم إلى تلك المحاولات المتخبطة الناقصة، المستحيلة الاكتمال والنضوج! وإن الأمور لتظل مضطربة في حس الإنسان وتصوره، متأثرة بالتصورات المنحرفة، وبالمحاولات البشرية الناقصة.. ثم يسمع آيات من القرآن في الموضوع الذي يساوره.
- القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الطور - الآية 2
- القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الطور - الآية 2
- {والطور وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع والبحر المسجور} تفسير للشيخ العثيمين -رحمه الله- - منتديات الإمام الآجري
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الطور - الآية 2
أقسم تعالى بكل هذا على أن عذابه للكافرين والمجرمين واقع لا محالة, ما له من دافع يدفعه عنهم أو مانع يمنعهم منه. قال تعالى: { وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ * وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ}. [الطور من 1-7] قال السعدي في تفسيره: يقسم تعالى بهذه الأمور العظيمة، المشتملة على الحكم الجليلة، على البعث والجزاء للمتقين والمكذبين، فأقسم بالطور الذي هو الجبل الذي كلم الله عليه نبيه موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام، وأوحى إليه ما أوحى من الأحكام، وفي ذلك من المنة عليه وعلى أمته، ما هو من آيات الله العظيمة، ونعمه التي لا يقدر العباد لها على عد ولا ثمن. { { وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ}} يحتمل أن المراد به اللوح المحفوظ، الذي كتب الله به كل شيء، ويحتمل أن المراد به القرآن الكريم ، الذي هو أفضل كتاب أنزله الله محتويا على نبأ الأولين والآخرين، وعلوم السابقين واللاحقين. وقوله: { { فِي رَقٍّ}} أي: ورق { { مَنْشُورٍ}} أي: مكتوب مسطر، ظاهر غير خفي، لا تخفى حاله على كل عاقل بصير. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الطور - الآية 2. { { وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ}} وهو البيت الذي فوق السماء السابعة، المعمور مدى الأوقات بالملائكة الكرام، الذي يدخله كل يوم سبعون ألف ملك يتعبدون فيه لربهم ثم، لا يعودون إليه إلى يوم القيامة وقيل: إن البيت المعمور هو بيت الله الحرام، والمعمور بالطائفين والمصلين والذاكرين كل وقت، وبالوفود إليه بالحج والعمرة.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الطور - الآية 2
{ { مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ}} يدفعه، ولا مانع يمنعه، لأن قدرة الله تعالى لا يغالبها مغالب، ولا يفوتها هارب. #أبو_الهيثم #مع_القرآن
14
0
44, 819
{والطور وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع والبحر المسجور} تفسير للشيخ العثيمين -رحمه الله- - منتديات الإمام الآجري
ماذا عسانا أن نقول ؟
وما زلنا نحطم أعلى الأرقام القياسية في الصمت!! هنا يتوقف القلم ويجيء دور القلب
قلوبنا هنا هي صاحبة المشهد وتأكدوا بأنفسكم!! يتحدث عن الاعجاز العلمي في القرآن الكريم وحقائق لم يكتشفها العلماء إلا حديثاً... اليكم الصور فإذا انشقت السماء
دائماً يعطينا القرآن تشبيهات دقيقة ليقرب لنا مشهد يوم القيامة، يقول تعالى:
( فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ) [الرحمن: 37]. هذه الآية تصف لنا انشقاق السماء يوم القيامة بأنها ستكون مثل الوردة ذات الألوان الزاهية، وإذا تأملنا هذه الصورة التي التقطها العلماء لانفجار أحد النجوم، وعندما رأوه أسموه (الوردة)، نفس التسمية القرآنية، وهذا يعني أن هذه الصورة هي صورة مصغرة ودقيقة عن المشهد الذي سنراه يوم القيامة، فسبحان الله! القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الطور - الآية 2. البحر المسجور
هذه صورة لجانب من أحد المحيطات ونرى كيف تتدفق الحمم المنصهرة فتشعل ماء البحر، هذه الصورة التقطت قرب القطب المتجمد الشمالي، ولم يكن لأحد علم بهذا النوع من أنواع البحار زمن نزول القرآن، ولكن الله تعالى حدثنا عن هذه الظاهرة المخيفة والجميلة بل وأقسم بها، يقول تعالى:
( وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ * وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ) [الطور: 1-8].
ومشهد الجبال الصلبة الراسية تسير خفيفة رقيقة لا ثبات لها ولا استقرار. أمر مذهل مزلزل. يدل ضمنا على الهول الذي تمور فيه السماء وتسير منه الجبال. فكيف بالمخلوق الإنساني الصغير الضعيف في ذلك الهول المذهل المخيف؟! وفي زحمة هذا الهول الذي لا يثبت عليه شيء; وفي ظل هذا الرعب المزلزل لكل شيء، يعاجل المكذبين بما هو أهول وأرعب. يعاجلهم بالدعاء عليهم بالويل من العزيز الجبار: فويل يومئذ للمكذبين. الذين هم في خوض يلعبون..
والدعاء بالويل من الله حكم بالويل وقضاء. فهو أمر لا محالة واقع، ما له من دافع. وهو كائن حتما، يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا. فيتناسب هذا الهول مع ذلك الويل، وينصب كله على المكذبين.. الذين هم في خوض يلعبون..
وهذا الوصف ينطبق ابتداء على أولئك المشركين ومعتقداتهم المتهافتة، وتصوراتهم المهلهلة; وحياتهم القائمة على تلك المعتقدات وهذه التصورات، التي وصفها القرآن وحكاها في مواضع كثيرة. وهي لعب لا جد فيه. لعب يخوضون فيه كما يخوض اللاعب في الماء، غير قاصد إلى شاطئ أو هدف، سوى الخوض واللعب! ولكنه يصدق كذلك على كل من يعيش بتصور آخر غير التصور الإسلامي.. وهذه حقيقة لا يدركها الإنسان إلا حين يستعرض كل تصورات البشر المشهورة - سواء في معتقداتهم أو أساطيرهم أو فلسفاتهم - في ظل التصور الإسلامي للوجود الإنساني ثم للوجود كله.. إن سائر التصورات - حتى لكبار الفلاسفة الذين يعتز بهم تاريخ الفكر الإنساني - تبدو محاولات أطفال يخبطون ويخوضون في سبيل الوصول إلى الحقيقة.