ورحم الله ابن أبي العز الحنفي عندما يقول عن هذا التأويل: وهذا الذي أفسد علينا الدنيا والدين, وهكذا فعلت اليهود والنصارى في التوراة والإنجيل, وحذرنا الله أن نفعل مثلهم, وأبى المبطلون إلا سلوك سبيلهم, وكم جنى التأويل الفاسد على الدين وأهله من جناية, فهل قتل عثمان رضى الله عنه إلا بالتأويل الفاسد! وكذا ما جرى في يوم الجمل, وصفين, ومقتل الحسين رضى الله عنه والحرة ؟ وهل خرجت الخوارج واعتزلت المعتزلة. ورفضت الروافض وافترقت الأمة على ثلاث وسبعين فرقة إلا بالتأويل الفاسد ؟ [شرح الطحاوية 1/ 9-2]. وما دمنا نتحدث عن مصدر التلقي عندهم فأعلم – أخي القارئ – أن الاباضية تأثراً بالمسلك الكلامي – لا يقبلون خبر الآحاد في أبواب الاعتقاد. هل الاباضية من الخوارج ؟ والان أسرد لك – أخي القارئ القواسم المشتركة والأمور المتفق عليها بين الخوارج وبين الاباضية, وسيظهر لك تلقائياً الجواب عن هذا السؤال: هل الاباضية من الخوارج أم لا ؟؟ تجد – ابتداءً – أن عبد الله بن أباض يعتبر نفسه امتداداً للمحكمة الأولى كما في الرسالة التي بعثها إلى عبد الملك بن مروان. الاباضية يكفرون الإمام علي - موقع شملول. كما يظهر من خلال عقائد الاباضية التشابه الكبير بينهم وبين أسلافهم من الخوارج, فمثلاً في التوحيد نجد الاباضية تقول بخلق القران كما جاء في كتبهم قديماً وحديثاً (ممن قال بخلق القران من الاباضية المعاصرين: سليمان الكندي في كتابه بداية الإمداد ص 72, والخليلي في الحق الدامغ ص 97 – 183), وقد وافقوا الخوارج في ذلك, يقول الأشعري: ( والخوارج جميعاً يقولون بخلق القران) [مقالات الإسلاميين 1/203], ويظهر من خلال كتبهم تعطيل الصفات مثل إنكار رؤية الله في اليوم الآخر, وتعطيل الصفات عموماً (انظر أصدق المناهج ص 27, ومشارق أنوار العقول للسالمي 1 / 362, إزالة الوعثاء ص 23 /95).
الاباضية يكفرون الإمام علي - موقع شملول
وقد توزع علم جابر بن زيد في روافد كثيرة، لعل أخصبها وأثراها ما أثره عنه تلاميذه الذين انتشر المذهب على أيديهم، أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي، و ضمام بن السائب وغيرهم. وقد تم تدوين ذلك الفقه في فترة مبكرة، فكان جابر بن زيد نفسه مِمَّن يستعمل الكتابة والمراسلة فكتب بأجوبته إلى تلاميذه وأصحابه، [وقد حفظ لنا التاريخ شيئا منها إلى اليوم]. واستكتب بعض زملائه من التابعين مثل عكرمة مولى ابن عباس في بعض المسائل. والذي بين أيدينا من روايات ذلك الفقه المبكر: كتاب روايات ضمام، وفتيا الربيع بن حبيب ، وكتاب النكاح لجابر بن زيد ، وكتاب الصلاة له، وكثير من الروايات عن تلميذه عمرو بن هرم وعمرو بن دينار ، بالإضافة إلى حديثه الذي جمعه الربيع بن حبيب في مسنده الصحيح. فالمذهب الإباضي بالنظر إلى تأسيسه ونشأته من أقدم المذاهب الفقهية الإسلامية وهو نتاج مدرسة العراق والبصرة خصوصا. على أنه وإن تأثر بمدرسة العراق فاستخدم علماؤها الرأي والقياس أيضا على تردد من بعضهم خصوصا جابر بن زيد و "أبا عبيدة" ، إلا أن تأسيسه على يدي "جابر" وهو محدث صاحب آثار جعل منهجه يطبع فقه المذهب ويغلب عليه، ويحد من تأثير مدرسة الرأي، التي عظم خطرها في العراق.
والناس في نظرهم ثلاثة أصناف: مؤمنون أوفياء بإيمانهم، مشركون واضحون في شركهم، قوم أعلنوا كلمة التوحيد وأقروا بالإسلام لكنهم لم يلتزموا به سلوكاً وعبادة فهم ليسوا مشركين لأنهم يقرون بالتوحيد، وهم كذلك ليسوا بمؤمنين لأنهم لا يلتزمون بما يقتضيه الإيمان، ويعتقدون أن شفاعة النبي لن تكون لمن مات وهو مصر على الكبائر، وإنما تكون للمؤمنين كافة للتخفيف عليهم يوم الحشر. وتنتشر الإباضية الآن في سلطنة عُمان حيث يمثلون حسب بعض الإحصائيات ما يقارب 70% من العُمانيين وينتشر أيضا فى زوارة في ليبيا ووادى مزاب في الجزائر وجربة في تونس وبعض المناطق في شمال أفريقيا وزنجبار.