وقال فيه ابن الحاجب: إنه أفقه من الغزالي!. وألقى دروساً في التفسير، وله تفسير كامل للقرآن الكريم، كما قام باختصار تفسير المارودي: "النكت والعيون"، وألَّفَ في متشابه القرآن كتابه "فوائد في مُشْكل القرآن". ومن خلال قراءتك لمؤلفات العز في التفسير تلاحظ طول باعه في علوم اللغة والمعاني والبيان وكثرة استشهاده بأشعار العرب، مقتدياً في ذلك بحبر الأمة عبد الله بن عباس الذي قال: إذا أشكل عليكم شيء من القرآن فالتمسوه في الشعر فإنه ديوان العرب. سمع الحديث من أبي محمد القاسم بن الحافظ الكبير علي بن عساكر محدّث دمشق ومؤرخها، ودرس الفقه على الإمام فخر الدين بن عساكر، وأخذ الأصول عن العالم الأصولي الكبير سيف الدين الآمدي (551- 592هـ)، وسافر إلى بغداد وتتلمذ على علمائها الكبار. وقد تخرَّج على العز بن عبد السلام طلاب كثيرون، منهم شيخ الإسلام ابن دقيق العيد مجدّد القرن الثامن (محمد بن علي بن وهب القشيري: 625- 702هـ)، وهو الذي لقّبه بسلطان العلماء، ومنهم جلال الدين الدشناوي الزاهد الورع شيخ الشافعية بـ"قوص" في صعيد مصر، ومنهم المؤرخ أبو شامة المقدسي…
ومن مؤلفاته العظيمة كتاب "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" وهو أول ما كُتب خارج المذهب الحنفي، في بيان القواعد التشريعية، وهي عِلم يمثل صلة الوصل بين الفقه وأصول الفقه، ويوضح المبادئ التي يقوم عليها التشريع الإسلامي.
حكاية من التاريخ .. من هو العز بن عبد السلام .. سلطان العلماء وبائع الأمراء؟ - Youtube
مُني العالم الإسلامي في القرون الخامسة، والسادسة، والسابعة بسلسلة من الفتن والحروب (الصليبية والتتار)، وفي وسط هذه الفتن نشأ العالم العظيم سلطان العلماء العز بن عبدالسلام ، فكان وجوده نسمة من نسمات الرجاء التي تهب على قلوب اليائسين، وومضة نور تضيء الطريق وسط الظلام. إنه إمام عصره بلا منازع، قد أنعم الله عليه من العظمة، ما لم يؤت عالما غيره في عصره، فكان من كبار المفكرين، عالما بأمور الدين ولا يخاف في الحق لومة لائم، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، أخذ على عاتقه نصرة الحق ورفع راية الدين فهو القائل: «ينبغي لكل عالم إذا أذل الحق وأخمل الصواب أن يبذل جهده في نصرهما، وأن يجعل نفسه بالذل والخمول أولى منهما، وإن عز الحق فظهر الصواب أن يستظل بظلهما وأن يكتفي باليسير من رشاش غيرهما». من هو العز بن عبدالسلام؟ نقلا عن «الأعلام» للزركلي: هو عبدالعزيز بن عبدالسلام بن أبي القاسم بن الحسن السلمي الدمشقيّ، عزالدين الملقب بسلطان العلماء، ولد بدمشق عام 577 هـ — 1181 م، توفي ودفن في مصر عام 660 هـ — 1262 م. نشأ في دمشق في أسرة فقيرة، وقد ذكر ابن السبكي في كتابه (طبقات الشافعية الكبرى) أن العز في صغره كان فقيرا جدا، ولم يطلب العلم إلا على كبر وقد تردد إلى كبار شيوخ عصره، ثم سافر إلى بغداد سنة 599 هـ لطلب العلم، وعاد إلى دمشق التي قضى فيها الشطر الأكبر من حياته وعمل في تدريس علوم الدين بالمدرسة العزيزية والزاوية الغزالية، وعمل بالإفتاء ولم يكن الإفتاء في عصر العز مهنة رسمية يتقاضى عليها المال، إنما كان عملا تطوعيا يتولاه العالم الذي يرى في نفسه الأهلية والورع والتقوى.
برنامج أولئك آبائي - العز بن عبدالسلام - Youtube
نشأة العز بن عبد السلام
نشأ العز بن عبد السلام في دمشق في أسرة متدينة فقيرة، حيث كانت هذه البيئة أرضًا خصبة للروعة والتميز، وبدأ الدراسة في سنواته الأخيرة، كما كان الشيخ عز الدين فقيرًا جدًا في البداية وعمل فقط على النشأة أي في العلم، والسبب في ذلك أنه كان في منزل في الكلاسة، وهو ركن وبناية ومدرسة على الباب الشمالي للجامع الأموي من مسجد دمشق. كما أقام هناك في ليلة شديدة البرودة فكان يحلم فأسرع نزل صعد ونزل إلى بركة الكلاسة وكانت شديدة البرودة، ثم سمع آخر نداء من الوقت: يا ابن عبد السلام هل تريد العلم أو العمل؟ كما أجاب بأنّ العلم يكون سبيل العمل فأخذ تحذيرًا وهو أهم كتاب قصير في الفقه الشافعي للشيرازي، ويعتبر أول كتاب للمبتدئين فتذكره في فترة سهلة وقبل العلم حتى أصبح الأكثر تعليمًا من أهل زمانه وأتقّ خليقة الله. تدل هذه القصة على أن الشهرة نشأت في أسرة متدينة ومجتمع إسلامي وبيئة علمية تقدر العلم وتمجده، وليس مثل بعض شبابنا المتفانين اليوم، الذين يطاردون الرخص هنا وهناك، سواء كانت لديهم أدلة دامغة أو قاطعة، وسواء كانوا من بين أولئك الذين يُسمح لهم بهذه التراخيص أم لا. كما مجد العلماء وعنى بحضور حلقاتهم والجلوس في دوائرهم معتمدًا على علومهم ، كما حشر نفسه في الدراسة والفهم والاستيعاب، فأجتاز العلوم في فترة وجيزة من الزمن، كما بيّن عن نفسه أنّه لم يكن بحاجة إلى علم حتى ينهيها مع الشيخ الذي قرأ له، ولم يدافع عن أي من المشايخ الذين قرأ عنهم، إلا أنّ الشيخ قال له أنّه استغنى عنه، لذلك عمل مع نفسه حتى أنتهي من الكتاب الذي قرأه في ذلك العلم.
تحميل كتب العز بن عبد السلام Pdf - مكتبة نور
عصره عاش العز بن عبد السلام في الربع الأخير من القرن السادس الهجري، وأكثر من النصف الأول من القرن السابع (577-660هـ)، وعاصر الدولة الأيوبية والدولة المملوكية في الشام ومصر. وتعد هذه الفترة الزمنية من أشد العصور في التاريخ الإسلامي اضطراباً وقلقاً؛ إذ كانت سلطة الخلافة العباسية والدول القائمة تحت نفوذها في ارتفاع وانخفاض مطلقين، والناس يتنقّلون بين الاستقلال والاحتلال، والوحدة والانفصال؛ ففي القرن الخامس الهجري اتجه الصليبيون إلى ديار الإسلام، فاحتلوا أجزاء كثيرة من العالم الإسلامي، حتى سقط بيت المقدس في أيديهم سنة 492هـ. ثم جاء عهد عماد الدين زنكي أمير الموصل الذي تصدى للصليبيين، وبدأ بتوحيد صفوف المسلمين، ثم خلفه ابنه نور الدين محمود الذي اتسم عهده بالصلاح والاهتمام بالعلم، فسعى لتوحيد البلاد الإسلامية وجمع صفوفها ضد أعداء الإسلام، حتى توفي سنة 569هـ. فخلفه صلاح الدين الأيوبي الذي كان نائباً عنه في حكم مصر، فأسس الدولة الأيوبية، وبدأ في الإصلاح السياسي والعلمي والاجتماعي والعسكري، وسعى إلى توحيد الشام ومصر، ثم اتجه إلى محاربة الصليبيين، فاستطاع أن يسترد بيت المقدس سنة 583هـ، وتابع تحرير فلسطين وسائر بلاد الشام من الصليبيين حتى توفي سنة 589هـ.
العز بن عبدالسلام.. سلطان العلماء الذي باع أمراء المماليك | قل ودل
وشهد القرن السابع الهجري أعظم النكبات التي حلت بالثروة العلمية والتراث الإسلامي الضخم، فقُتل عدد كبير من العلماء، وحُرقت الكتب والمكتبتات، وهاجر كثير من العلماء من بلادهم إلى مكان آخر، يأمنون فيه على دينهم وعلمهم، ويمارسون نشاطهم ودروسهم، ويركنون فيه إلى البحث والتأليف. أضف إلى ذلك الفتن المذهبية التي كانت تعمل عملها في الداخل، فالصراع شديد بين الباطنية وأهل السنة، وبين أهل السنة مع بعضهم البعض، وبين المسلمين وأهل الذمة. وفي هذا العصر نفسه، ظهرت نهضة علمية كبيرة في الشام ومصر والأندلس، وأقبل كثير من الحكام والأمراء على العلم وتشجيع العلماء وبناء المساجد، والتنافس في بناء المدارس الشهيرة التي كانت بمثابة جامعات، كالمستنصرية التي بنيت في بغداد سنة 631هـ، والكاملية بالقاهرة (621هـ)، والصالحية بمصر (639هـ)، والظاهرية بدمشق (661هـ)، والمنصورية بالقاهرة (679هـ)، وامتاز العهد الأيوبي في مصر والشام بالاهتمام الشديد بالمدارس والعلماء وتدريس الفقه والحديث، وبناء المعاهد لكل ذلك.
صلاح الدين المنجد
الناشر: دار الكتاب الجديد - بيروت - لبنان
الطبعة: الأولى، ١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م
عدد الصفحات: ٣٨
أعده للشاملة: أبو إبراهيم حسانين
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ابن عبد السَّلام (٥٧٧ - ٦٦٠ هـ = ١١٨١ - ١٢٦٢ م) عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن السلمي الدمشقيّ، عز الدين الملقب بسلطان العلماء • فقيه شافعيّ بلغ رتبة الاجتهاد. ولد ونشأ في دمشق. وزار بغداد سنة ٥٩٩ هـ فأقام شهرا. وعاد إلى دمشق، فتولى الخطابة والتدريس بزاوية الغزالي، ثم الخطابة بالجامع الأموي. • ولما سلم الصالح إسماعيل ابن العادل قلعة «صفد» للفرنج اختيارا أنكر عليه ابن عبد السَّلام ولم يدع له في الخطبة، فغضب وحبسه. ثم أطلقه فخرج إلى مصر، فولاه صاحبها الصالح نجم الدين أيوب القضاء والخطابة ومكّنه من الأمر والنهي. ثم اعتزل ولزم بيته. ولما مرض أرسل إليه الملك الظاهر يقول: إن في أولادك من يصلح لوظائفك. فقال: لا. وتوفي بالقاهرة. [من كتبه] • التفسير الكبير • الإلمام في أدلة الاحكام • قواعد الشريعة - خ • الفوائد - خ [طُبع] • قواعد الأحكام في إصلاح الأنام - ط «فقه • ترغيب أهل الإسلام في سكن الشام • بداية السول في تفضيل الرسول - ط • الفتاوي - خ • الغاية في اختصار النهاية - خ» فقه [طُبع] • الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز - ط في مجاز القرآن، • مسائل الطريقة - ط تصوف • الفرق بين الإيمان والإسلام - خ رسالة • مقاصد الرعاية - خ في شستربتي (٣١٨٤) [طُبع] وغير ذلك.