﴿ تفسير الوسيط ﴾
قال الفخر الرازي: اعلم أن قوله- تعالى-: وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا هو الشبهة الرابعة لمنكري نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم وحاصلها: لماذا لم ينزل الله الملائكة حتى يشهدوا أن محمدا محق في دعواه، أو نرى ربنا حتى يخبرنا بأنه أرسله إلينا... والرجاء: الأمل والتوقع لما فيه خير ونفع. وفسره بعضهم بمجرد التوقع الذي يشمل ما يسر وما يسوء، وفسره بعضهم هنا بأن المراد به: الخوف. والمراد بلقائه- سبحانه-: الرجوع إليه يوم القيامة للحساب والجزاء. أى: وقال الكافرون الذين لا أمل عندهم في لقائنا يوم القيامة للحساب والجزاء لأنهم ينكرون ذلك، ولا يبالون به، ولا يخافون أهواله. قالوا- على سبيل التعنت والعناد-:هلا أنزل علينا الملائكة لكي يخبرونا بصدق محمد صلّى الله عليه وسلّم أو هلا نرى ربنا جهرة ومعاينة ليقول لنا إن محمدا صلّى الله عليه وسلّم رسول من عندي! وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-:... أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا. أى:ليشهدوا بصدقك، وقد رد الله- تعالى- عليهم بقوله: لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً. وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنـزل علينا الملائكة أو نرى ربنا . [ الفرقان: 21]. والعتو: تجاوز الحد في الظلم والعدوان.
- وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنـزل علينا الملائكة أو نرى ربنا . [ الفرقان: 21]
وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنـزل علينا الملائكة أو نرى ربنا . [ الفرقان: 21]
فالغفلة عن الآيات الإِلهية هي أساس البعد عن الله سبحانه، والابتعاد عن الله هو العلّة لعدم الإِحساس بالمسؤولية والتلوّث بالظلم والفساد والمعصية، وعاقبة ذلك لا تكون إلاّ النّار، فإِنّ هاتين الآيتين توكّدان هذه الحقيقة، وهي أنّ إِصلاح مجتمع ما ، وإِنقاذه من نار الظلم والفساد، يتطلب تقوية رُكني الإِيمان بالله والمعاد ،اللذين هما شرطان ضروريان وأساسيان، فإنّ عدم الإِيمان بالله سبحانه سيقتلع الإِحساس بالمسؤولية من وجود الإِنسان، والغفلة عن المعاد يذهب بالخوف من العقاب، وعلى هذا فإِنّ هذين الأساسين العقائديين هما أساس كل الإِصلاحات الاجتماعية.
نعم. نسأل الله العافية. المقدم: نسأل الله العافية، جزاكم الله خيرًا يا سماحة الشيخ. فتاوى ذات صلة