قال فتنكث بيعتين لأمير المؤمنين وتفي بواحدة للحائك ابن الحائك؟ يا حرسي اضرب عنقه. قال: فضربت عنقه فبدر رأسه عليه لا طئة صغيرة بيضاء، وقد ذكر الواقدي نحو هذا، وقال له: أما أعطيتك مائة ألف؟ أما فعلت أما فعلت. قال ابن جرير: فحدثت عن أبي غسان مالك بن إسماعيل، قال: سمعت خلف بن خليفة، يذكر عن رجل قال لما قتل الحجاج سعيد بن جبير فندر رأسه هلل ثلاثا مرة يفصح بها، وفي الثنتين يقول: مثل ذلك لا يفصح بها. وذكر أبو بكر الباهلي قال: سمعت أنس بن أبي شيخ يقول: لما أتي الحجاج بسعيد بن جبير قال: لعن ابن النصرانية - يعني خالد القسري وكان هو الذي أرسل به من مكة - أما كنت أعرف مكانه، بلى والله والبيت الذي هو فيه بمكة، ثم أقبل عليه فقال: يا سعيد ما أخرجك علي؟ فقال: أصلح الله الأمير أنا امرؤ من المسلمين يخطئ مرة ويصيب أخرى، فطابت نفس الحجاج وانطلق وجهه، ورجا الحجاج أن يتخلص من أمره ثم عاوده في شيء، فقال سعيد: إنما كانت بيعة في عنقي، فغضب عند ذلك الحجاج فكان ما كان من قتله. وذكر عتاب بن بشر، عن سالم الأفطس، قال: أتي الحجاج بسعيد بن جبير وهو يريد الركوب وقد وضع إحدى رجليه في الغرز، فقال: والله لا أركب حتى تتبوأ مقعدك من النار، اضربوا عنقه، فضربت عنقه.
- سعيد بن جبير
- سعيد ابن جبير شيعي
سعيد بن جبير
مرقده
دفن سعيد وبأمر من الحجاج بظهر واسط في مدينة الحي، وقد أشار ياقوت الحموي إلي مرقده أثناء تعرضه للحديث عن قرية برجونية يقول: هي قرية من شرقي واسط وبها قبر يزعمون أنّه قبر سعيد بن جبير الذي قتله الحجاج. وقال حرز الدين: مرقدة اليوم في مدينة الحي معروف مشهور وعامر مشيد عليه قبة قديمة البناء وله حرم تزوره الناس. ويعود تشييد المرقد القديم إلى العهد الصفوي في القرن الحادي عشر، وأعيد بناؤه سنة 1378 ه بدعم من المرحوم آية الله السيد محسن الحكيم وأشراف ومتابعة من الشيخ عبد الأمير النجفي آل قسام وبمساعدة من الخيرين من أبناء المدينة. تشتمل العتبة السعيدية على صحن كبير وأربعة أبواب يقع الضريح في وسطها وتحيط الصحن مجموعة من الأيوانات المسقفة ويعلو الضريح قبة جميلة ومزينة. تشابه الاسماء
في الرجال العديد ممن عرف بهذا الاسم، وهم:
سعيد بن جبير بن وهب بن هلال بن أوس بن سعيد بن سنان الذي ينتهي نسبه الى يعرب بن قحطان. وهو جد الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام بن جابر بن النعمان بن سعيد بن جبير. سعيد بن جبير الأصبهاني، وولده أحمد الذي روي عن إبراهيم بن زيد التفليسي. سعيد بن جبير، ويكني بأبي البختري الطائي وكنية جبير أبو عمران.
سعيد ابن جبير شيعي
مذهبه
صرّح العلامة الحلي في الخلاصة والكشيّ في رجاله بتشيع الرجل وكونه من الموالين لأمير المؤمنين عليه السلام وأن سبب شهادته على يد الحجاج تكمن في ولائه له عليه السلام. وقال الكشي في ترجمة سعيد بن المسيب: قال الفضل بن شاذان:
ولم يكن في زمن علي بن الحسين عليه السلام في أول أمره إلا خمسة أنفس: سعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، ومحمد بن جبير بن مطعم، ويحيى بن أم الطويل، وأبو خالد الكابلي. وقال في ترجمته سعيد بن جبير: عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن سعيد بن جبير كان يأتم بعلي بن الحسين عليه السلام، وكان علي عليه السلام يثني عليه وما كان سبب قتل الحجاج له إلا على هذا الأمر وكان مستقيما. وقال الطوسي: كان من أصحاب السجاد عليه السلام. مكانته العلمية
بلغ من العلم مرتبة سامية يؤكدها ما رواه سفيان الثوري عن عمرو بن ميمون عن أبيه قال: لقد مات سعيد بن جبير وما على وجه الأرض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه. وكان سعيد بن جبير نفسه يقول: إن مما يهمني ما عندي من العلم، وددت أن الناس أخذوه. (البداية والنهاية، ج9، ص98) وعن أشعث بن إسحاق قال: كان يقال لسعيد بن جبير: جهبذ العلماء.
ابن جبير تابعي جليل من أصول حبشية التابعي الجليل الذي كان من أصول حبشية ، ادرك في بواكير عمره الأولي أن لا طريق قويم أمامه الإ ، وأن التقى إنما هي سبيله الممهدة التي تبلُغ بهِ الجنة ؛ فجعل التقى في يمينه والعلم في شماله ، وشد عليهما يديه كلتاهما. كان التابعي الجليل شغوفا بالعلم والمعرفة انطلق في تحصيله بكل قوة وبذل الغالي والنفيس ليحصل أكبر قدر من العلم الشرعي ، فمنذ صغره كان الناس يعلمون أنه إما معتكفًا على كتبه ينهل من بحر العلوم ، وإما أنه متواجد في محرابه للتعبد والوقوف بيت يدي الله تعالى. التابعي الجليل تتلمذ علي يد كبار الصحابة ونهل من علمهم الكثير ، ولكن كان أستاذه الأكبر ، ومعلمه الأعظم هو عبد الله بن عباس حبر أمة محمد صلَّ الله عليه وسلم ، وبحر علمها الزاخر. ابن جبير لازم حبر الأمة عبدالله بن عاس رضي الله عنه كظله نتبعه في حله وترحاله فأخذ ينهل منه من علوم القرآن وتفسيره ، وكذلك علوم الحديث ، فكان متابعته لعبد الله بن عباس لها مردودها ، فقد تفقه في الدين وأتقن اللغة أعظم تمكن ، ظل سعيد رضي الله عنه يطوف بين البلاد بحثًا عن العلم والمعرفة حتى إذا ما شعر أنه أخذ فيضًا من العلم ، انطلق إلى الكوفة فكان لأهلها معلمًا وإمامًا.