كذلك لا يتنجس لو تغير بلون المتنجس، وذلك بمثل الثوب الأحمر الذي يتحلل صباغُه في الماء عند تطهيره من الدم القليل الذي عليه، فإنَّ اصطباغ الماء بالحمرة من الثوب المتنجس لا تجعل الماء الكري نجساً، غير أنه يصير بذلك ماءً مضافاً ويزول اعتصامه حينئذ. حكم البول في الماء الراكد | شبكة بينونة للعلوم الشرعية. م ـ 105: إذا وقعت في الكر نجاسة توجب تغيره كالدم مثلاً، ولكن منع من ظهور ذلك التغيّر اصطباغ الماء بحمرة الوحل إذ لولاه لظهر لون الدم في الماء، فالحكم هو نجاسة الماء، أمّا إذا منع من ظهور التغيّر كون النجاسة بدون لون أو رائحة، أو منع من نتونة الماء بالجيفة كون الجوّ بارداً بحيث لو كان حاراً لتغيّر، ففي هاتين الحالتين يبقى الماء على طهارته. م ـ 106: لا يشترط في تنجس الكر بتغيّر لونه بلون النجاسة مساواة لون الماء للون عين النجاسة، فيكفي في مثل الدم الواقع في ماء الكر تغيّره إلى لون الصفرة ليحكم على الكر بالنجاسة، وكذا الأمر في الطعم والرائحة، فيكفي تغيرهما بسبب وقوع النجاسة ولو لم يكونا من نفس طعم ورائحة النجاسة. م ـ 107: ماء الكر الموجود في خزان، لو فرض تجمد بعضه فصار ثلجاً لم يحكم على الماء الباقي بالاعتصام ما دام دون الكر، بل حكمه حكم الماء القليل.
حكم الماء المشمّس والبول في الماء الراكد
م ـ 108: إذا علم كون الماء كراً ثُمَّ شك في بقائه كذلك يحكم عليه بالكرية، ولو علم كونه غير كرٍ فشك في صيرورته كراً بعد ذلك لم يحكم عليه بالكرية. حكم الماء المشمّس والبول في الماء الراكد. م ـ 109: الماء المجهول حالته السابقة إذا شك في كونه كراً محكوم بعدم الكرية وبعدم طهارة المتنجس الذي يوضع فيه، ولكنه ـ في الوقت نفسه ـ لا يَنجُس بمجرّد ملاقاة النجس أو المتنجس. م ـ 110: يكفي في تطهير الماء القليل المتنجس مجرّد اتصاله بماء الكر، ولا ضرورة لاستمرار الاتصال به فترة حتى يحصل الامتزاج بين الماء القليل وبين الماء الواصل إليه من ماء الكر، وكذا عند تطهيره بالماء الجاري والنابع وماء المطر، نعم إذا كان القليل متغيراً بالنجاسة فلا بُدَّ من استمرار الاتصال حتى يزول التغيّر وينقى الماء ليطهر. م ـ 111: الماء الجاري أو النابع إذا تغير ولو بعضه بالنجاسة ثُمَّ زال تغيّره من نفسه حكم عليه بالطهارة، وكذلك الحكم في الماء الراكد الذي تنجس بعضه، فإنه يطهر عند زوال تغيره بنفسه إذا كان القسم غير المتغيّر مقدار كر أو أكثر، وفيما عدا ذلك فإنَّ زوال التغيّر ذاتياً لا يوجب طهارة الماء، وخاصة في الماء القليل. م ـ 112: ماء الكر المتغيّر بالنجاسة يمكن تطهيره بوصله بالماء الجاري واستمرار ضخه فيه حتى يزول تغيره فيطهر، أو بإلقاء كر عليه، إما دفعة واحدة أو تدريجاً، من دون فرق بين أن يكون الطاهر أعلى أو النجس، نعم في فرض كون النجس أعلى فإنَّ الماء الذي فيه لا يعدّ طاهراً باتصاله بالكر الطاهر الأسفل، ولكن الماء المتنجس النازل من الكر المتنجس الأعلى إلى الكر الطاهر الأسفل محكوم بالطهارة عند نزوله في الكر الطاهر إذا ظلّ الكر الطاهر محتفظاً بخاصية النقاء وعدم التغيّر.
حكم البول في الماء الراكد | شبكة بينونة للعلوم الشرعية
م ـ 113: تثبت الكرية بكلّ ما أفاد العلم أو الاطمئنان، وبشهادة العدلين، بل تثبت بشهادة العدل الواحد والثقة الواحد، وبقول صاحب اليد وإن لم يكن عادلاً، ومثل الكرية في الإثبات الماء الجاري بأنواعه. م ـ 114: الماء المستعمل في الطهارة من الحدث الأكبر أو الأصغر طاهر في نفسه مطهر لغيره، فيجوز استعماله مرة ثانية في رفع الحدث الأكبر والأصغر وفي إزالة الخبث والتطهير منه، وكذلك الماء المستعمل في إزالة الخبث، وهو خصوص ماء الغُسالة التي يتعقبها طهارة المحل، فإنها طاهرة في نفسها ومطهرة لغيرها، فيجوز استعمالها في الطهارة من الحدث الأصغر أو الأكبر وفي الطهارة من الخبث، ما عدا ماء الاستنجاء الآتي ذكره. م ـ 115: المراد بماء الغُسالة الماء المنفصل عند التطهير من الخبث، وحكمها يختلف في حالات:
الأولى: إن لم يكن التعدّد واجباً وكانت عين النجاسة موجودة، فإنَّ غسالة الغسلة التي تزال بها عين النجاسة محكومة بالنجاسة إن فُصِلَ بينها وبين الغسلة التالية، بينما تعتبر غسالة الغسلة التالية طاهرة، ولما كنّا لا نرى لزوم الفصل بين الغسلة المزيلة للعين والغسلة التالية لها فإنه يمكن أن تكون نفس الغَسلة المزيلة للعين في بدايتها مطهرةً في نهايتها في حال استمرار الصب على المتنجس، وعليه فإنَّ ماء الغسالة في هذا الفرض محكوم بالطهارة.
ثم قال الإمام النووي رحمه الله: قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: والتغوط في الماء كالبول فيه وأقبح، وكذلك إذا بال في إناء ثم صبه في الماء، وكذلك إذا بال بقرب النهر بحيث يجري إليه البول فكله مذموم قبيح منهي عنه على التفصيل المذكور، ولم يخالف في هذا أحد من العلماء، إلا ما حكي عن داود بن علي الظاهري أن النهي مختص ببول الإنسان بنفسه وأن الغائط ليس كالبول، وكذا إذا بال في إناء ثم صبه في الماء أو بال بقرب الماء، وهذا الذي ذهب إليه خلاف إجماع العلماء، وهو أقبح ما نقل عنه في الجمود على الظاهر، والله أعلم. قال العلماء: ويكره البول والتغوط بقرب الماء وإن لم يصل إليه لعموم نهي النبي ﷺ عن البراز في الموارد ولما فيه إيذاء المارين بالماء، ولما يخاف من وصوله إلى الماء والله أعلم(6). المفتي: الشيخ الدكتور ياسر النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) رواه مسلم(281). (2) رواه البخاري (239) ومسلم(282). (3) حاشية ابن عابدين (1/555) وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح(1/35). (4) مواهب الجليل(1/276). (5) كشاف القناع(1/62). (6) شرح مسلم (3/156/157) وكشاف القناع (1/62) والمغني (1/210) والمجموع(2/112).