الحمد لله. قال صاحب لسان العرب: اللعن: الإبعاد والطرد من الخير ، وقيل الطرد والإبعاد من الله ، ومن الخَلْق السب والدعاء. واللعن يقع على وجهين:
الأول: أن يلعن الكفار وأصحاب المعاصي على سبيل العموم ، كما لو قال: لعن الله اليهود والنصارى. أو: لعنة الله على الكافرين والفاسقين والظالمين. أو: لعن الله شارب الخمر والسارق. فهذا اللعن جائز ولا بأس به. قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/203): ويجوز لعن الكفار عامة اهـ. الثاني: أن يكون اللعن على سبيل تعيين الشخص الملعون سواء كان كافراً أو فاسقاً ، كما لو قال: لعنة الله على فلان ويذكره بعينه ، فهذا على حالين:
1- أن يكون النص قد ورد بلعنه مثل إبليس ، أو يكون النص قد ورد بموته على الكفر كفرعون وأبي لهب ، وأبي جهل ، فلعن هذا جائز. قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/214): ويجوز لعن من ورد النص بلعنه ، ولا إثم عليه في تركه اهـ. 2- لعن الكافر أو الفاسق على سبيل التعيين ممن لم يرد النص بلعنه بعينه مثل: بائع الخمر – من ذبح لغير الله – من لعن والديه – من آوى محدثا - من غير منار الأرض – وغير ذلك.
" فهذا قد اختلف العلماء في جواز لعنه على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه لا يجوز بحال.
لعن الله من غير منار الأرض من الفضاء
وأنه قال: من أحدث فيها يعني: المدينة النبوية حدثًا، يعني: بدعة، أو نحو ذلك أو آوى محدثًا يعني: إنسان فعل جريمة منكرة، أو فعل بدعة فآواه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين [17]. وأنه قال: اللهم العن لحيان، ورعلا، وذكوان، وعصية عصت الله ورسوله [18] ، فهؤلاء قنت النبي ﷺ يدعو عليهم في الفروض الخمسة شهرًا كاملاً؛ لأنهم قتلوا أصحابه من القراء، في قصة بئر معونة، غدروا بهم، وهم من قبائل سليم، فقتلوا من قتلوا، ودفعوا لقريش من دفعوا، في قصة مشهورة معلومة، فدعًا عليهم النبي ﷺ وقنت شهرًا، يدعو عليهم -عليه الصلاة والسلام-، حتى ترك ذلك بعده اللهم العن رعلاً حي من أحياء العرب وذكوان وعصية عصوا الله ورسوله وهذه ثلاث قبائل من العرب. وأنه قال: لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد [19] ، وأنه لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال [20] ، سواء كان التشبه في المشية، أو في اللباس، أو في الشعر، أو كان بألوان الزينة والحلي، أو كان بطريقة الكلام، فالمرأة تتشبه بالرجل في لباسه، وفي كلامه، وحركاته، وقصة شعره، وما أشبه ذلك، أو تلبس لباس الرجل، أو الرجل يلبس لباس المرأة، كل هذا داخل فيه.
لعن الله من غير منار الأرض تسمى
وقلنا: إنّ المنع من لعن المعين هو قول عامة أهل العلم (الجمهور) وهو اختيار المصنف -رحمه الله، أعني: النووي-، وهو ظاهر كلامه في هذا الباب، وكذلك في شرحه على صحيح مسلم [1] ، وبه قال قبله جماعة، كالقاضي عياض [2] ، وهو ظاهر صنيع الإمام البخاري، وبه قال ابن العربي أيضًا من المالكية [3]. وكرهه الإمام أحمد -رحمه الله-، وكذلك أيضًا قال به من المتأخرين كثيرون، كالشوكاني [4] والصنعاني، وطائفة، وهو قول عامة أهل العلم، وخلف في ذلك من خالف، يعني: بالقول بالجواز، كما هو المشهور عن ابن الجوزي من الحنابلة، أنه يجوز لعن المعين إذا كان مستحقًا لذلك. وبعضهم يقول: يجوز لعن المعين قبل الحد، فإذا حد لم يجز لعنه، فإن الحدود تكون كفارة، وتطهر أهلها، فلا يجوز لعنه بهذا الاعتبار، ولكنه يلعن قبل ذلك، وهذا أيضًا فيه نظر. والأقرب -والله أعلم- المنع من لعن المعين، لكن يجوز على سبيل الجنس، أو الوصف، قال الله تعالى: أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود:18] فهذا في جنس الظالمين، فهل لأحد من الناس أن يقول: إن فلانًا من الظالمين فيجوز لعنه فيلعنه بعينه؟ الجواب: لا، وقد يتوب، وقد يختم له بخير، فلا يلعن، وهذا اللعن على سبيل العموم، لا إشكال فيه، وقد يقول قائل: وأينا لم يظلم نفسه؟ فهل نحن داخلون أيضًا بهذا الوصف؟ الجواب: لا، وإنما المقصود بذلك من كان ذلك وصفًا ظاهرًا فيه، يعني: أنه معروف بالظلم.
لعن الله من غير منار الأرض من
14- قوله: "منار الأرض": أي: علاماتها ومراسيمها التي تحدد بين الجيران، فمن غيرها ظلما، فهو ملعون، وما أكثر الذين يغيرون منار الأرض، لا سيما إذا زادت قيمتها، وما علموا أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: " من اقتطع شبرا من الأرض ظلما، طوقه من سبع أرضين. 15- قد يجتمع في الذبيحة محرمان وهما الذبح لغير الله والذبح على غير اسم الله وكلاهما مانع للأكل منها. 16- دل هذا الحديث على أن الذبح لغير الله من الأعمال التي خصصها الله لتعظيمه ومن ذبح لغير الله فقد أشرك. مناسبة الحديث للباب:
حيث دل الحديث على تحريم الذبح لغير الله فيكون عبادة، وصرف العبادة لغير الله شرك. وأن فيه دليلاً على غلظ تحريم الذبح لغير الله، حيث أن فاعله أول من يستحق لعنة الله. المناقشة: أخي المسلم اختبر نفسك لبيان مدى استفادتك من المطوية
أ- اشرح الكلمات الآتية: اللعن، ذبح لغير الله، والديه، آوى، محدثا، منار الأرض. ب- اشرح الحديث شرحا إجماليا. ت- استخرج خمس فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ. ث- وضح مناسبة الحديث لباب ما جاء في الذبح لغير الله. والله اعلم..... وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وفي كتاب العتق، باب تحريم تولي العتيق غير مواليه برقم (1370). أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة برقم (675). أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب مرض النبي -صلى الله عليه وسلم- ووفاته برقم (4441) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد... برقم (529) واللفظ للبخاري. أخرجه ابن ماجه في كتاب النكاح، باب في المخنثين برقم (1904) وصححه الألباني. رياض الصالحين ط الرسالة (ص: 443). أخرجه أحمد ط الرسالة برقم (7083) وقال محققو المسند: "إسناده ضعيف". أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق باب إذا قال: أحدكم آمين والملائكة في السماء، آمين فوافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه برقم (3237) ومسلم في النكاح، باب تحريم امتناعها من فراش زوجها برقم (1436).