[شرح حديث (من دل على خير فله مثل أجر فاعله)] قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الدال على الخير: حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي عمرو الشيباني عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: يا رسول الله إني أبدع بي فاحملني، قال: لا أجد ما أحملك عليه، ولكن ائت فلاناً فلعله أن يحملك، فأتاه فحمله فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من دل على خير فله مثل أجر فاعله)]. شرح حديث من دلَّ على خير, فله مثلُ أجرِ فاعلِه. أورد أبو داود باباً في الدال على الخير. أي: أن الدال على الخير يحصل أجراً مثل أجر فاعله الذي أحسن إلى المدلول. أورد أبو داود حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه: (أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أبدع بي فاحملني) يعني أنه انقطع به السير أو السفر فلم يحصل ما يركبه، أو أن دابته كلت وحصل لها ضعف ولم يتمكن من استعمالها فاحتاج إلى غيرها، فجاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: (إني أبدع بي فاحملني، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا أجد ما أحملك عليه، ولكن ائت فلاناً فلعله أن يحملك).
- شرح حديث من دلَّ على خير, فله مثلُ أجرِ فاعلِه
- حل لغز ما أجر من دل على خير أو هُدى - سيد الجواب
- الدرر السنية
شرح حديث من دلَّ على خير, فله مثلُ أجرِ فاعلِه
حفلت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم بالحث على الدعوة إلى الخير كما في الحديث الشريف، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله" رواه مسلم. ما يرشد إليه حديث من دل على خير فله أجر فاعله من الواجب على كل مسلم أن يكون داعية إلى الله، حيث يتمثل فيم الإسلام السمحة في أفعاله وأقواله، وورد الأمر بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وتوحيده واتباع أوامره واجتناب نواهيه في مواطن كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة كالحديث المذكور سلفا. الدرر السنية. ذات صلة: بماذا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه في أول الدعوة؟ ومن هذا أيضا حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص من آثامهم شيئا" رواه مسلم. ويرسخ الإيمان في النفس بإبلاغ الآخرين وتعريفهم بما استقر لديك من إيمان، وتكون أفعالك مطابقة لأقوالك وأن يكون سلوكك وفق ما تؤمن به، أي تراقب الله تعالى في كل تصرفاتك وتوقن بأنه سبحانه مطلع عليك، وبهذا تكون مثالا وقدوة لغيرك وبذلك تكون داعيا إلى الله.
حل لغز ما أجر من دل على خير أو هُدى - سيد الجواب
و روى الطبرسي أنّ سائلاً قام على عهد النبي صلىاللهعليهوآله ، فسأل فسكت القوم. ثمّ إنّ رجلاً أعطاه فأعطاه القوم. فقال النبي صلىاللهعليهوآله: «من استنّ خيرا فاستنّ به ، فله أجره و مثل أجور من اتبع من غير منتقص من أجورهم ، ومن استنّ شرّا فاستنّ به ، فعليه وزره ومثل أوزار من اتبعه من غير منتقص من أوزارهم» (122). حل لغز ما أجر من دل على خير أو هُدى - سيد الجواب. إنّ المقصود من السنة في هذه الرواية إحدى هذه الأمور:
الأول: المبادرة إلى فعل الخير وتعليم الغير إيّاه ، وإجراء عادة حسنة شرعا وترويجها بين الناس ، وترغيبهم على ذلك ، كمثل إفشاء السلام والابتداء به ، وإنشاء المبرّات الجارية وما شابهه. وهذا المعنى مقبول ولكنه بعد إحراز مطلوبيته شرعا ، وإلاّ فإذا كان الأمر راجعا إلى العبادات الشرعية ، فبناءا على توقيفية العبادات ، لا يجوز لأحد أن يخترع شيئا ويضيفه إلى الشارع ، ويدخل في عنوان البدعة. قال النووي في شرح الخبر: «فيه الحثّ على الابتداء بالخيرات وسنّ السنن الحسنات ، والتحذير من اختراع الأباطيل والمستقبحات» (123). الثاني: المقصود هو إحياء السنة ، وهو في فرض ثبوت أصل السنة في أمر ، كمثل سنة الاعتكاف. وهذه السنة هي سنة رسول اللّه صلىاللهعليهوآله (124) ، ويؤيده ما رواه ابن ماجة باسناده عن كثير بن عبد اللّه بن عمرو بن عوف المزني ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآله أنه قال: «من أحيا سنة من سنّتي فعمل بها النّاس ، كان له مثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئا ، ومن ابتدع بدعة فعمل بها ، كان عليه أوزار من عمل بها لا ينقص من أوزار من عمل بها شيئا» (125).
الدرر السنية
» (112). أولاً: قد مضى عدم إمكان تقسيم البدعة في الشريعة إلى بدعة هدى وبدعة ضلال ، فلا نعيده ، وذلك لأن البدعة أمر قبيح غير قابل للتقسيم إلى الحسن والسيء ، فلا تتصف إلاّ بصفة واحدة وهي السيئة لا غيرها ، كما لا يمكن تقسيم الظلم إلى الظلم الحسن والقبيح. و ثانيا: ما ذكر من الأمور الثلاثة وإن كان لا بأس به في الجملة ، إلاّ أنّ التراويح تقع في القسم الأول منه! وذلك لورود النهي. و ثالثا: السنة (113) لغة هي الطريقة ، قال المناوي: السنن جمع سنة وهو لغة الطريقة. وقال الزمخشري: «سنّ سنة حسنة طرق طريقة حسنة ، واستنّ سنة وفلان مستسن: عامل بالسنة ، وعرفا قول المصطفى وفعله وتقريره» (114). فبناءا على المعنى اللغوي ، إذا أحرز حسن الطريقة ومشى عليها استن بالسنة الحسنة ، وإلاّ فلا ، حتى مع الشك ، وبناءا على المعنى العرفي لابد من إحراز قول النبي و فعله وتقريره والمفروض عدمه ، وإلاّ لما أطلق عليه عنوان البدعة. و أما اذا لم يسلك الطريقة الحسنة واختار ما يقابلها من السنة السيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ، وذلك لأجل استمرار العمل فيما بعده. سئل الشيخ المفيد عن قوله تعالى: علمت نفس ما قدمت وأخّرت (115) ، وعن قوله تعالى ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخّر (116) ، وقيل له: ما هو المقدّم هاهنا والمؤخّر؟
فقال: أمّا ما قدمه الإنسان فهو ما عمله في حياته مما لم يكن له أثر بعد وفاته ، و أما الّذي أخّره فهو ما سنّه في حياته فاقتدى به بعد وفاته ، وهذا مبيّن في قول النبي صلىاللهعليهوآله: «من سنّ سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سنّ سنّة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة» (117).
Jami' al-Tirmidhi Book: 41, Hadith: 2671
Arabic ► حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، أَنَّ رَجُلاً، أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَحْمِلُهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ أُبْدِعَ بِي . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " ائْتِ فُلاَنًا " . فَأَتَاهُ فَحَمَلَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ أَوْ قَالَ عَامِلِهِ " . قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ اسْمُهُ سَعْدُ بْنُ إِيَاسٍ وَأَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ اسْمُهُ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو .
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلاَّلُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ وَقَالَ " مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ " . وَلَمْ يَشُكَّ فِيهِ .