كانت فاطمة الزهراء (عليها السلام) أمام المحن التي مرت عليها وأمام الظروف الصعبة التي عاشتها محافظة على اتزانها واعتدالها وكانت صابرة ومحتسبة، وكانت في الحالات كلّها تحافظ على الغاية ولا تتيه في مشاكل الطريق أو صعوباتها أو في مغرياتها. هكذا هي فاطمة الزهراء (عليها السلام)، سيِّدة نساء العالمين، بضعة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبضعة من الإسلام، هي مجاهدة، وهي شهيدة في سبيل الحقّ، وقد بلغت هذا الشأن ليس لأنّها بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل لأنّها عملت وجاهدت وتحمّلت في سبيل الحقّ ما تحمّلت.
فاطمة الزهراء عليها ام
غضب الرسول(صلى الله عليه وآله) حقاً:
فقد غضب رسول الله(صلى الله عليه وآله) حينما كان يأتي المسلمون إليه ويحاولون أن يجابهوه بأقسى الألفاظ والأفعال التي تنم عن الجهل منهم. وبسندٍ عن أبي موسى الأشعري قال: سئل رسول الله(صلى الله عليه وآله) عن أشياء كرهها فلما أكثروا عليه المسألة غضب. فاطمة الزهراء عليها ام. وقال: سلوني. فقام رجل فقال: يا رسول الله مَنْ أبي؟ قال: أبوك حذافة، ثم قام آخر فقال: يا رسول الله مَنْ أبي؟ فقال(صلى الله عليه وآله): أبوك سالم مولى شيبة. فلما رأى عمر ما بوجه رسول الله(صلى الله عليه وآله) من الغضب قال: إنا نتوب إلى الله عزّ وجل(9). وبسندٍ عن أبي مسعود قال: قال رجل: يا رسول الله إني لأتأخر عن الصلاة في الفجر مما يطيل بنا فلان فيها، فغضب رسول الله(صلى الله عليه وآله) ما رأيته غضب في موضع كان أشد غضباً منه يومئذٍ، ثم قال: (يا أيها الناس إن منكم منفرين، فمن أمّ الناس فليتجوّز، فإنه خلفه الضعيف والكبير وذا الحاجة …)(10). إن هذين الحديثين يدلان على خوفه(صلى الله عليه وآله) ومحبته للمسلمين بحيث لم يرغب أن تتخذ تلك الأعمال مساراً لمشقة المسلمين، وهذا ما نبه عليه القرآن الكريم لما قال تعالى: (… يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ…).
« إنّما فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها ». بهذا اللفظ في: صحيح مسلم (4). « إنّما فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها وينصبني ما أنصبها ». بهذا اللفظ في: مسند أحمد وفي المستدرك وقال: صحيح علىٰ شرط الشيخين ، وفي صحيح الترمذي (5). « فاطمة بضعة منّي يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها ». بهذا اللفظ في: المسند ، وفي المستدرك وقال: صحيح الإسناد ، وفي مصادر أُخرىٰ (6). الحديث الثالث:
« إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضىٰ لرضاها ». هذا الحديث تجدونه في: المستدرك ، وفي الإصابة ، ويرويه صاحب كنز العمال عن أبي يعلىٰ والطبراني وأبي نعيم ، ورواه غيرهم (7). الحديث الرابع:
في أنّ النبي أسرّ إليها أنّها أوّل أهل بيته لحوقاً به. السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام المُعلِّمة - وكالة أنباء الحوزة. هذا كان عند وفاته صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فإنّه دعاها فسارّها فبكت ، ثمّ دعاها فسارّها فضحكت [ في بعض الألفاظ: فشقّ ذلك على عائشة أن يكون سارّها دونها] فلمّا قبض رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حلّفتها عائشة أنْ تخبرها ، فقالت: سارّني رسول الله أو سارّني النبي ، فأخبرني أنّه يقبض في وجعه هذا فبكيتُ ، ثمّ سارّني فأخبرني أنّي أوّل أهل بيته أتْبعه فضحكتُ. هذا الحديث في: الصحيحين ، وعند الترمذي والحاكم ، وغيرهما (8).
احاديث عن فاطمة الزهراء عليها السلام
الهوامش
1. الخصائص للنسائي: ٣٤ ، الطبقات ٢ / ٤٠ ، مسند أحمد ٦ / ٢٨٢ حلية الأولياء ٢ / ٣٩ ، المستدرك ٣ / ١٥١. 2. صحيح البخاري ، كتاب بدء الخلق ، باب مناقب قرابة الرسول ومنقبة فاطمة عليها السلام. 3. مسند أحمد ٤ / ٣٢٨. 4. صحيح مسلم ، باب مناقب فاطمة عليها السلام. 5. مسند أحمد ٤ / ٥ ، المستدرك ٣ / ١٥٩. 6. المستدرك ٣ / ١٥٨ ، مسند أحمد ٤ / ٣٢٣. هذا هو سر فاطمة "عليها السلام ". 7. المستدرك علىٰ الصحيحين ٣ / ١٥٣ ، كنز العمال ١٣ / ٦٧٤ ، ١٢ / ١١١. 8. صحيح البخاري كتاب بدء الخلق ، صحيح مسلم فضائل فاطمة ، صحيح الترمذي ، المستدرك ٤ / ٢٧٢. 9. المستدرك علىٰ الصحيحين ٣ / ١٦٠ ، حلية الأولياء ٢ / ٤١ ، الاستيعاب ٤ / ١٨٩٦. 10. المستدرك علىٰ الصحيحين ٣ / ١٥٤. 11. مجمع الزوائد ٩ / ٢٠٢. 12. فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٤ / ٤٢١. مقتبس من كتاب: [ مظلوميّة الزهراء عليها السلام] / الصفحة: 11 ـ 18
قال أبو الحسن ( عليه السلام): ( إنّ فاطمة صدّيقة شهيدة). قال الإمام الصادق ( عليه السلام): ( وهي الصديقة الكبرى ، وعلى معرفتها دارت القرون الأُولى). 3ـ المباركة: البركة: النماء والسعادة والزيادة ، ولقد بارك الله في السيّدة فاطمة ( عليها السلام) أنواعاً من البركات ، وجعل الخير الكثير في ذرّية رسول الله ( صلى الله عليه وآله) من نسلها ، لظهور بركتها في الدنيا والآخرة. قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله): ( يا فاطمة ، ما بعث الله نبياً إلاّ جعل له ذرّية من صلبه ، وجعل ذرّيتي من صلب علي). وفي تفسير قوله تعالى: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) قيل: الكوثر هو كثرة النسل والذرّية ، وقد ظهرت الكثرة في نسله ( صلّى الله عليه وآله) من وُلد فاطمة حتّى لا يحصى عددهم ، واتصل إلى يوم القيامة مددهم. 4ـ الطاهرة: لقد طهرّها الله تعالى عن العادة الشهرية ، وعن كلّ دنس ورجس ، وعن كلّ رذيلة. مولد فاطمه الزهراء عليها السلام عليكم. 1ـ قال الإمام الصادق ( عليه السلام): ( إنّما سمّيت فاطمة بنت محمّد الطاهرة لطهارتها من كلّ دنس ، وطهارتها من كلّ رفث ، وما رأت قط يوماً حمرة ولا نفاساً). 2ـ قال الإمام الصادق ( عليه السلام): ( إنّ الله حرّم النساء على علي ما دامت فاطمة حية لأنّها طاهرة لا تحيض).
مولد فاطمه الزهراء عليها السلام عليكم
الحديث الخامس:
عن عائشة قالت: ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة منها غير أبيها. هذا الحديث تجدونه في: المستدرك وقال: صحيح على شرط الشيخين ، وأقرّه الذهبي ، وفي الاستيعاب ، وفي حلية الأولياء (9). الحديث السادس:
عن عائشة أيضاً: كانت إذا دخلت عليه ـ على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ قام إليها فقبّلها ورحّب بها وأخذ بيدها فأجلسها في مجلسه. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ، وأقرّه الذهبي أيضاً (10). الحديث السابع:
أخرج الطبراني أنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لعلي: « فاطمة أحبّ إليّ منك وأنت أعزّ عليّ منها ». قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح (11). هذه هي الأحاديث التي انتخبتها ، لتكون مقدمةً لبحوثنا الآتية ، وسنستنتج من هذه الأحاديث في المطالب اللاحقة ، وفي الحوادث الواقعة ، وهي أحاديث ـ كما رأيتم ـ في المصادر المهمّة بأسانيد صحيحة ، ودلالاتها أيضاً لا تقبل أيّ مناقشة. فاطمة الزهراء (عليها السلام).. كفاءة العقل والإيمان. ومن دلالات هذه الأحاديث: إنّ فاطمة سلام الله عليها معصومة ، بالإضافة إلىٰ دلالة آية التطهير وغيرها من الأدلّة. مضافاً إلىٰ أن غير واحد من حفّاظ القوم وكبار علمائهم قالوا بأفضليّة الزهراء سلام الله عليها من الشيخين ، بسبب هذه الأحاديث وحديث « فاطمة بضعة منّي » بالخصوص ، بل قال بعضهم بأفضليّتها من الخلفاء الأربعة كلّهم ، ولا مستند لهم إلّا الأحاديث التي ذكرتها.
تاریخ شهادتها(علیها السلام) ومكانها
3 جمادى الثانیة 11ﻫ، وقیل: 13 جمادى الأُولى، وقیل: 8 ربیع الثانی، المدینة المنوّرة. وصیّتها(علیها السلام). قد أوصت الإمام علي(علیه السلام) بعدّة وصایا، ومضمون الوصیة: أن یواری(علیه السلام) جثمانها(علیها السلام) المقدّس فی غلس اللیل البهیم، وأن لا یشیِّعها أحد من الذین هضموها؛ لأنّهم أَعداؤها(علیها السلام) وأعداء أبیها(صلى الله علیه وآله) على حدِّ تعبیرها. کما عهدت إلیه أن یتزوّج من بعدها بابنة أُختها أمامة؛ لأنّها تقوم برعایة ولدیها الحسن والحسین(علیهما السلام) اللذین هما أعزّ عندها من الحیاة. وعهدت إلیه أن یعفی موضع قبرها؛ لیکون رمزاً لغضبها غیر قابل للتأویل على مرّ الأجیال القادمة. یوم شهادتها(علیها السلام)
عمدت(علیها السلام) إلى ولدیها الحسن والحسین(علیهما السلام) فغسلتهما، وصنعت لهما من الطعام ما یکفیهم یومهم، وأمرت ولدیها بالخروج لزیارة قبر جدّهما، وهی تلقی علیهما نظرة الوداع، وقلبها یذوب من اللوعة والوجد. ثمّ التفتت(علیها السلام) إلى أسماء بنت عُمیس وکانت تتولّى تمریضها وخدمتها، فقالت(علیها السلام): «اسکبی لی غسلاً». فانبرت أسماء وأتتها بالماء فاغتسلت(علیها السلام) فیه، وقالت(علیها السلام) لها ثانیاً: «ائتینی بثیابی الجُدُد»، فناولتها أسماء ثیابها(علیها السلام).