وليعلم أن مثقال ذرة من الخير
في هذه الدار، يقابله أضعاف أضعاف الدنيا، وما عليها في دار النعيم المقيم، من
اللذات والشهوات، وأن الخير والبر في هذه الدنيا، مادة الخير والبر في دار القرار،
وبذره وأصله وأساسه، فواأسفاه على أوقات مضت في الغفلات، وواحسرتاه على أزمان تقضت
بغير الأعمال الصالحات، وواغوثاه من قلوب لم يؤثر فيها وعظ بارئها، ولم ينجع فيها
تشويق من هو أرحم بها منها. تفسير سورة المزمل الآية 13 تفسير السعدي - القران للجميع. فلك اللهم الحمد، وإليك
المشتكى، وبك المستغاث، ولا حول ولا قوة إلا بك. وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) وفي
الأمر بالاستغفار بعد الحث على أفعال الطاعة والخير، فائدة كبيرة، وذلك أن العبد
ما يخلو من التقصير فيما أمر به، إما أن لا يفعله أصلا أو يفعله على وجه ناقص،
فأمر بترقيع ذلك بالاستغفار، فإن العبد يذنب آناء الليل والنهار، فمتى لم يتغمده
الله برحمته ومغفرته، فإنه هالك. تم تفسير سورة المزمل.
- تفسير سورة المزمل تفسير السعدي
- تفسير سورة المزمل الآية 13 تفسير السعدي - القران للجميع
- إسلام ويب - تفسير السعدي - تفسير سورة المزمل- الجزء رقم8
تفسير سورة المزمل تفسير السعدي
( رَبُّ
الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) وهذا اسم جنس يشمل المشارق
والمغارب [ كلها] ، فهو تعالى رب المشارق والمغارب، وما يكون فيها من الأنوار،
وما هي مصلحة له من العالم العلوي والسفلي، فهو رب كل شيء وخالقه ومدبره. إسلام ويب - تفسير السعدي - تفسير سورة المزمل- الجزء رقم8. ( لا
إِلَهَ إِلا هُوَ) أي: لا معبود إلا وجهه
الأعلى، الذي يستحق أن يخص بالمحبة والتعظيم، والإجلال والتكريم، ولهذا قال: (
فَاتَّخِذْهُ وَكِيلا) أي: حافظا ومدبرا لأمورك
كلها. فلما أمره الله بالصلاة خصوصا،
وبالذكر عموما، وذلك يحصل للعبد ملكة قوية في تحمل الأثقال، وفعل الثقيل من
الأعمال، أمره بالصبر على ما يقول فيه المعاندون له ويسبونه ويسبون ما جاء به، وأن
يمضي على أمر الله، لا يصده عنه صاد، ولا يرده راد، وأن يهجرهم هجرا جميلا وهو
الهجر حيث اقتضت المصلحة الهجر الذي لا أذية فيه، فيقابلهم بالهجر والإعراض عنهم
وعن أقوالهم التي تؤذيه، وأمره بجدالهم بالتي هي أحسن. (
وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ) أي: اتركني وإياهم، فسأنتقم
منهم، وإن أمهلتهم فلا أهملهم، وقوله: (
أُولِي النَّعْمَةِ) أي: أصحاب النعمة والغنى،
الذين طغوا حين وسع الله عليهم من رزقه، وأمدهم من فضله كما قال تعالى: كَلا إِنَّ
الإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى.
تفسير سورة المزمل الآية 13 تفسير السعدي - القران للجميع
فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ
كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ( 17)
السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولا ( 18). أي: فكيف يحصل لكم الفكاك
والنجاة من يوم القيامة، اليوم المهيل أمره، العظيم قدره ، الذي يشيب الولدان،
وتذوب له الجمادات العظام، فتتفطر به السماء وتنتثر به نجومها ( كَانَ
وَعْدُهُ مَفْعُولا) أي: لا بد من وقوعه، ولا حائل
دونه. إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ
فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا ( 19). تفسير سورة المزمل تفسير السعدي. [ أي:] إن هذه الموعظة التي نبأ الله بها من أحوال يوم
القيامة وأهواله ، تذكرة يتذكر بها المتقون، وينزجر بها المؤمنون، ( فَمَنْ
شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا) أي:
طريقا موصلا إليه، وذلك باتباع شرعه، فإنه قد أبانه كل البيان، وأوضحه غاية
الإيضاح، وفي هذا دليل على أن الله تعالى أقدر العباد على أفعالهم، ومكنهم منها،
لا كما يقوله الجبرية: إن أفعالهم تقع بغير مشيئتهم، فإن هذا خلاف النقل والعقل.
إسلام ويب - تفسير السعدي - تفسير سورة المزمل- الجزء رقم8
أي: فكيف يحصل لكم الفكاك والنجاة من يوم القيامة، اليوم المهيل أمره، العظيم قدره ، الذي يشيب الولدان، وتذوب له الجمادات العظام.
عرض نص الآية
عرض الهامش
آية:
رقم الصفحة: 574
المزمل
من مقاصد السورة:
بيان الأسباب المعينة على القيام بأعباء الدعوة. يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ
يا أيها المُتَلَفِّف بثيابه (يعني: النبي صلى الله عليه وسلم). التفاسير العربية:
قُمِ ٱلَّيۡلَ إِلَّا قَلِيلٗا
صلِّ بالليل إلا قليلًا منه. نِّصۡفَهُۥٓ أَوِ ٱنقُصۡ مِنۡهُ قَلِيلًا
صلِّ نصفه إن شئت، أو صلِّ أقلّ من النصف قليلًا حتى تَصِلَ للثلث. أَوۡ زِدۡ عَلَيۡهِ وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِيلًا
أو زد عليه حتى تبلغ الثلثين، وبيّن القرآن إذا قرأته وتمهّل في قراءته. إِنَّا سَنُلۡقِي عَلَيۡكَ قَوۡلٗا ثَقِيلًا
إنا سنلقي عليك - أيها الرسول- القرآن، وهو قول ثقيل؛ لما فيه من الفرائض والحدود والأحكام والآداب وغيرها. إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ هِيَ أَشَدُّ وَطۡـٔٗا وَأَقۡوَمُ قِيلًا
إن ساعات الليل هي أشد موافقة للقلب مع القراءة وأصوب قولًا. إِنَّ لَكَ فِي ٱلنَّهَارِ سَبۡحٗا طَوِيلٗا
إن لك في النهار تصرّفًا في أعمالك، فتنشغل بها عن قراءة القرآن، فصلِّ بالليل. وَٱذۡكُرِ ٱسۡمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلۡ إِلَيۡهِ تَبۡتِيلٗا
واذكر الله بأنواع الذكر، وانقطع إليه سبحانه انقطاعًا بإخلاص العبادة له.
( أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) أي: على النصف، فيكون الثلثين ونحوها. ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا) فإن ترتيل القرآن به يحصل التدبر والتفكر، وتحريك القلوب به، والتعبد بآياته، والتهيؤ والاستعداد التام له، فإنه قال: ( إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا) أي: نوحي إليك هذا القرآن الثقيل، أي: العظيمة معانيه، الجليلة أوصافه، وما كان بهذا الوصف، حقيق أن يتهيأ له، ويرتل، ويتفكر فيما يشتمل عليه. ثم ذكر الحكمة في أمره بقيام الليل، فقال: ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ) أي: الصلاة فيه بعد النوم ( هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا) أي: أقرب إلى تحصيل مقصود القرآن، يتواطأ على القرآن القلب واللسان، وتقل الشواغل، ويفهم ما يقول، ويستقيم له أمره، وهذا بخلاف النهار، فإنه لا يحصل به هذا المقصود ، ولهذا قال: ( إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلا) أي: ترددا على حوائجك ومعاشك، يوجب اشتغال القلب وعدم تفرغه التفرغ التام. ( وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ) شامل لأنواع الذكر كلها ( وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلا) أي: انقطع إلى الله تعالى، فإن الانقطاع إلى الله والإنابة إليه، هو الانفصال بالقلب عن الخلائق، والاتصاف بمحبة الله، وكل ما يقرب إليه، ويدني من رضاه.