وقد تكتب لها الحياة من جديد إذا اتحدت مع مجرة أخرى لديها مخزون كاف من الغبار والغاز السديمي. ولو لخصنا ما سبق (الملخص لا يغني عن الشرح المفصّل أعلاه) نجد الآيات الكريمة تدل على ما يلي:
{فلا أقسم بالخنس}: الخُنس هو الغيمة الكونية الهائلة المكونة من المادة المظلمة. {الجوارِ الكُنّس} تعبير عن وصف قدرة الخنس (الغيمة الكونية الهائلة) عندما تجاور مجرة فتجري فيها مجرى الريح على الأرض، على أن تكنس غازها عنها، فتخرج منها المجرة وقد فقدت كل غازها السديمي. {والليل إذا عسعس} يشير إلى واقعة إقتراب ودنو غيمة المادة المظلمة في خفة نحو مجرة. {والصبح إذا تنفس}: أن المجرة ستصبح سلبية حمراء (صبح) فتموت إذا تنفست أي خرج ما في جوفها من غاز سديمي. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة التكوير - الآية 15. ، نتيجة مرورها خلال غيمة المادة المظلمة. ويجب أن ننوه هنا أن هذا الإعلام جاء في سياق قسَّم لتأكيد صدق قول الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا جاءت هذه المعلومات في شكل عناوين (أو رؤوس أقلام) علينا الإستدلال منها لما تدل عليه كما ورد في الشرح أعلاه. وهذا الأسلوب في لغتنا العربية بلاغة يتميز بها هذا القرآن الكريم الذي تحتوى كلماته القليلة المحدودة أخبار وسعت عالمي الغيب والشهادة.
- موت مجرة – فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ [15] الْجَوَارِ الْكُنَّسِ [16] سورة التكوير – دراسات وأبحاث إسلامية معاصرة
- القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة التكوير - الآية 15
موت مجرة – فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ [15] الْجَوَارِ الْكُنَّسِ [16] سورة التكوير – دراسات وأبحاث إسلامية معاصرة
الحمد لله. أولا:
من الضروري في هذا الإطار التنبيه على أن القرآن الكريم نزل كتاب هداية للبشرية ،
يدلهم على طريق الصلاح ، ويحذرهم من الفساد والغواية ، ويدعوهم إلى كل خير ،
وينهاهم عن كل شر ، ولذلك فإن الإشارات الكونية في آيات القرآن الكريم لم تسق ليكون
كتاب معلومات فضائية أو كونية ، وإنما سيقت لغرض الدلالة على الغاية الأولى ، وهي
الهداية ، فلا ينبغي للمسلم أن ينسى المقصد ، ويركز على الوسيلة ، فيظن أن هذا
الكتاب العظيم إنما نزل وصفا دقيقا لمظاهر الكون وأجرام السماء ، وهذا ظن خاطئ أوقع
كثيرا من الناس في المبالغة ، وجر إلى كثير من الجدال العقيم الذي سببه التكلف
والتنطع في فهم آيات الله سبحانه. فلا أُقسم بالخنس الجواري الكنس. ثانيا:
ومع ذلك ، نحن لا نرى أنه يجوز لأحد أن ينفي اشتمال القرآن الكريم على أوصاف دقيقة
لمظاهر الكون وآيات السماء ، بل فيه من ذلك الكثير الطيب ، الذي يبهر العقول ،
ويحير الألباب ، ولا يزال يتكشف للناس منه ما يدل على أنه كلام العليم الخبير ،
الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ، وأن مثل هذا الكلام ، لا يقدر على
أن يأتي به أحد من البشر ، كائنا من كان. ولكن يبقى السؤال عن مدى انطباق الآية ، أو النص القرآني ، مع اسم محدد من تلك
المظاهر ، كالثقوب السوداء مثلا ، ومن الذي يملك حق الجزم بأن دلالة الآية تنطبق
عليها.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة التكوير - الآية 15
وجهه الإعجاز:
نفي القسم في أسلوب القران الكريم تأكيد له وكأنه تعالى يقول لا حاجة للقسم مع تلك الحجة البينة, وقد ورد القسم في معرض الاستدلال على أن القران وحي من عند الله, قال تعالى: "فلا أقسم بالخنس. الجوار الكنس. والليل إذا عسعس. والصبح إذا تنفس. إنه لقول رسول كريم" التكوير 15-19، وتنعكس عظمة القسم وأهميته في الاستدلال على المقسوم به وهو هنا مذكور بصفات تلتقي تماما مع صفات ما يسمى بالثقوب السوداء, فهي في الأصل نجوم تجري في مداراتها فيصدق عليها الوصف باللفظ (جوار), وأما اللفظ (خنس) فيتطابق معها بكل معانيه في اللغة ومنها: التواري والاحتجاب والاختفاء, والتراجع والاندثار بعد ظهور وازدهار, وهي بالفعل نجوم عملاقة هوت في نهاية أعمارها وانكمشت مادتها واستترت ولا يظهر منها أية ضوء والسبب شدة جاذبيتها التي تجعلها تكنس كل شيء يجاورها في طريقها وتبتلعه فتزداد كتلة وقوة؛ وهنا يتجلى وصفها بلفظ (الكنس) أو المكانس العظام. فلا اقسم بالخنس الجوار الكنس. والمعرفة بتلك الأوصاف حديثة لذا فإن ورودها في القران بألفاظ تدل عليها بدقة في معرض تأكيد الوحي به لدليل حاسم على أنه كلام الله الخالق.
لأنها تخنس في المغيب, أو لأنها تخنس نهارا. ويقال: هي الكواكب السيارة منها دون الثابتة. موت مجرة – فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ [15] الْجَوَارِ الْكُنَّسِ [16] سورة التكوير – دراسات وأبحاث إسلامية معاصرة. وقال الفراء في قوله تعالى: " فلا أقسم بالخنس. الجواري الكنس ": إنها النجوم الخمسة; زحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد; لأنها تخنس في مجراها, وتكنس, أي تستتر كما تكنس الظباء في المغار, وهو الكناس. ويقال: سميت خنسا لتأخرها, لأنها الكواكب المتحيرة التي ترجع وتستقيم, يقال: خنس عنه يخنس بالضم خنوسا: تأخر, وأخنسه غيره: إذا خلفه ومضى عنه
كلما ما تقدم يتحث عن النجوم وهو تفسير ظاهري ودون الاشارة الى ربط البقع السوداء بذلك
يفسر آل البيت عليهم الصلاة والسلام هذه الآية تفسيراُ باطنياً وذلك بمجموعة من الروايات وردت عنهم عليهم السلام
1. عن محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمر ابن يزيد ، عن الحسن بن الربيع الهمداني ، قال: حدثنا محمد بن إسحاق ، عن أسيد بن ثعلبة ، عن أم هانئ ، قالت: لقيت أبا جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) ، فسألته عن هذه الآية)فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ( ، قال: «الخنس: إمام يخنس في زمانه عند انقطاع من علمه عند الناس سنة ستين ومائتين ، ثم يبدو كالشهاب الثاقب في ظلمة الليل ، فإن أدركت ذلك قرت عينك» الكافي 276/ 23
2.