أجل -يا عباد الله-: من حُسنِ اسلامِ المرءِ عَدَمُ الاسترسالِ معَ ما لا يُفيدُ، وتَركُ الخوضِ فيما لا يَنفعُ، وعدمُ التكلُمِ فيمَا لا يُخصه.
" من حُسنِ إسلامِ المرءِ تَركُهُ ما لا يَعنِيهِ " هكذا يعلمنا دينُنا العظيم: أن نحرص على ما ينفعنا، وأن ندعَ ما يُريبنا إلى ما لا يُريبنا، وأن نحبَّ لإخواننا ما نحبه لأنفسنا. "من حُسن إسلام المرء" عدم تتبع العثرات والعورات، وترك الإلحاح بالسؤال، متى ذهب فلان؟ ومن أين جاء علان؟ بكم اشترى ومن أين ومتى؟ وكيف حصل ذلك؟ من أين لك هذا؟ وغيرها من أسئلة الفضول والتطفل التي لا طائلَ من ورائها سوى حرقِ الاوقات وفتح أبواب الشر، وجرُّ المرءِ للخوض فيما لا يُحسنه ولا يُتقنه ولا يعلمه، مما هو ليسَ داخلاً في تخصُّصهِ ولا مسؤوليته، والاستغراق في الحوادث وتفاصيلِ المستجِدات، بينما لو صَرفَ هذه الأوقات والجهود في أمورٍ أخرى لكان خيراً له عشرات ومئات المرات. ولا شك -يا عباد الله-: أن مِنْ طَبِيعَةِ النَّاسِ أَنَّهُمْ يَتَأَذَّوْنَ مِمَّنْ يَتَدَخَّلُ في شُؤُونَهُمُ الْخَاصَّةَ، ويتطفل على أخبارهم وتفاصِيلِ حياتهم، وَيَعْتَبِرُونَ ذَلِكَ تَعَدِّيًا وقحاً عَلَى خُصُوصِيَّاتِهِمْ؛ جاء في الحديث المُتَّفَقٌ عَلَيْهِ: " كُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ؛ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِك ".
من حسن اسلام المرء ترك
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم؛ إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله الداعي إلى جنته ورضوانه، صلى الله عليه وآله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد: فاتقوا الله -جل وعلا-، واعلموا أن اهتمام كل واحد منَّا وانشغاله بما يعنيه أنَّ ذلك خير له في العاجل والآجل، فالنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية، ومن اشتغل بغيره من الناس نسي أمر نفسه، وأوشك اشتغاله بالناس أن يوقعه في أعراضهم. كما أن انشغال المرء بنفسه مما يعينه على حفظ وقته الذي هو رأس ماله، فيبادر إلى فعل الخيرات، وترك المنكرات، والمسارعة في خدمة نفسه وأهله ومن حوله بما يثقل من موازين حسناته. وكلما كان حريصاً على أن يدع ما لا يعنيه وأن يترك اللغو والفضول؛ كان ذلك أحفظ لوقته، وأسلم لدينه، ودليلا على كمال إسلامه. خطبة من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه. وعلى كل واحد منا أن يشتغل بما يهمه وينفعه من أمور معاشه ومعاده، فإن العمر قصير، والناقد بصير، ومن نجح في استغلال وقته وأحسن تنظيمه؛ وجد لذلك من الثمرات ما لا يعد ولا يحصى، ولا يخفى على كل لبيب أن من العادات ما يكتسب بالتعود، فالعلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، وكم من عادة طيبة صارت طبعاً، وجنى الإنسان منها ثمرةً ونفعاً، فاتقوا الله وجاهدوا أنفسكم في الله -جل وعلا-، تفوزوا بنعيم الدنيا والآخرة.
خطبة من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه
نعم -يا عباد الله-: فكَمْ جَلَبَ الِاشْتِغَالُ بمَا لَا يَعْنِي مِنْ مَصَائِب! وكم تسبب في وقوعِ المشاكل والمَتَاعِب! وَكَمْ عَادَ عَلَى صَاحِبِهِ بالنَقْصِ والمعايب، وَمَا فَتَحَ الانسانُ عَلَى نفسه أَبْوَابًا الإثمِ، وَمَا ظَلَمَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ، بِمِثْلِ اشْتِغَالِهِ بِمَا لَا يَعْنِيهِ، وتَدخُلِه فيما لا يخصه، فكم من خُصُوصِيَّات أُشِيعَتْ، وَكم من صُدُورٍ أُوغِرَتْ، وَكم من ضَغَائِن حَلَّتْ، وَأُسَرٍ تَمَزَّقَتْ ثُمَّ تَفَرَّقَتْ، بسبب الِاشْتِغَالَ بمَا لَا يَعْنِي. الأربعون النووية , إعراب الحديث الثاني عشر الاشتغال بما يفيد. الْمُتَدَخِّلُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ مِنْ أَقَلِّ النَّاسِ تَوْفِيقًا، وَمِنْ أَضْعَفِ الْعِبَادِ مُحَاسَبَةً لِنَّفْسِه، مهموم مغموم، يُلَاحَقُ الْخُصُوصِيَّاتِ، وَيَتبعُ الْأَخْبَار، ويَحْرِصُ عَلَى مَعْرِفَةِ تفاصيل حياةِ الآخرين، وَالْبَحْثِ فِي أَدَقِّ شؤنهِم، وفي المثل المشهور: "من راقب الناس مات هماً". ثم إن الانشغال بشؤون الآخرين لا بد أن يفضي إلى المشاكسات والمُلاسَنات، والدخول في دائرة الظنون والتكهُّنات، فيسيء أكثرَ مما يحسن، ويهدمُ أكثرَ مما يبني، وفي الحديث الصحيح: " وهل يكبُّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم "، وفي صحيح البخاري: قال صلى الله عليه وسلم: " المسلم مَنْ سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر مَنْ هجر ما حرم الله " ، وفي الحديث الصحيح ايضاً: قال صلى الله عليه وسلم: " من تتبع عورة أخـيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيـته ".
من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه
وهَدْي السَّلَف في الكَفِّ عمَّا لا يعنيهم، ومُحاسبةِ أنفسِهم في ذلك معروفٌ مَحْفوظ، وقد دخلوا على بعضِ الصحابة في مَرَضِه، ووجْهُه يتهَلَّل، فسألوه عن سبب تَهَلُّلِ وجهه؛ فقال: (ما من عملٍ أوثقُ عندي من خَصْلَتين: كنتُ لا أتكلَّم فيما لا يعنيني، وكان قلبي سليماً للمسلمين). وقال مورِّق العجلي - رحمه الله -: (أمُرٌ أنا في طلبِه منذُ كذا، وكذا سنةٍ، لم أقدرْ عليه، ولستُ بتاركٍ طلبه أبداً. قالوا: وما هو؟ قال: الكفُّ عمَّا لا يعنيني). وقال الحسنُ البصري - رحمه الله -: (علامةُ إعراضِ الله تعالى عن العبد؛ أنْ يجعلَ شُغْلَه فيما لا يَعْنيه). من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه. وقال الشافعي - رحمه الله -: (ثلاثةٌ تَزِيد في العقل؛ مجالسة العلماء ، ومجالسة الصالحين، وتركُ الكلامِ فيما لا يعني). وقيل: (مَنْ سأل عَمَّا لا يعنيه، سمع ما لا يُرضِيه). ودلَّ الحديث: على أنَّ الناس مُتفاوِتون في الإسلام والإيمان؛ وذلك بحسب ما يأتونه من الطاعات، وما يتركونه من المُحرَّمات، والمكروهات، وأنَّ مَنْ لم يتركما لا يعنيه؛ فإنه مُِسيءٌ فيإسلامه. والذي يُحدِّد مَجالَ العناية من عدمه: هوالشرع، وليس مطلق الهوى. والإسلام الكامل الممدوح يدخل فيه تركُ المُحَرَّمات؛ كما جاء عن أَبِي مُوسَى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ!
العزلة، للخطابي 48. وقد نهى الإسلام المسلم عن التكلم فيما لا يعنيه، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ (36) سورة الإسراء. لأن تكلم الإنسان فيما لا يعنيه يؤدي إلى عواقب وخيمة منها:
أ- أنه يتنافى مع حسن إسلام المرء. ب- أنه يؤدي بالإنسان إلى التجسس والغيبة:
ج- أنه يؤدي بالإنسان إلى قساوة القلب ووهن البدن وتعسير الرزق. د- أنه يُسمع الإنسان ما لا يرضيه. ه- يجعل المرء مبغضا من الناس ثقيلا عليهم
و- فيه مضيعة للوقت فيما لا يفيد. فوائد الحديث:
1- ترك ما لا يعنينا هذا عام في الأقوال والأفعال. 2- على المسلم أن يترك المحرمات ويعنيه ترك المحرمات حتى في فضول المباحات. 3- إن التوسع في الدنيا هو من الاشتغال فيما لا يعني، وإنما يأخذ منها ما يحتاج إليه مما يغنيه عن الناس، فلا يكون محتاجاً إليهم. من حسن اسلام المرء ترك. 4- الإنسان لا يتكلم إلا بما فيه مصلحه لنفسه ومصلحة لإخوانه بأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويعلم الجاهل ويذكر الغافل ويدعو إلى الله هذا فيما ينفع الناس. 5- محاسن الإسلام كلّها تجتمع في كلمتين: قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ ﴾ ( النحل: الآية90).
الشيخ ابن سلطان مع الملك فيصل «رحمهما الله» وبعض الأطباء الزائرين للمستشفى الوطني
احتضنت مدينة حريملاء القريبة من العاصمة الرياض الشيخ محمد بن صالح بن سلطان الذي ولد يتيم الأب عام 1337 ه الموافق 1916 م إذ توفي والده في الهند قبل ولادته وتربى في بيت عمه الذي اقترن بوالدته وتعلم القراءة والكتابة وحفظ أجزاء من القرآن الكريم على يد أحد الشيوخ في بلدته حريملاء. وقد سافر إلى مدينة الرياض مع الشيخ حسن بن محمد بن دغيثر في سن مبكرة عام 1930 م والتحق مع المجاهدين في مدينة رنيه ، وقد عمل بعد ذلك في إمارة رنيه وتدرج في عدد من المناصب، حيث عمل كاتبا للبرقيات في إمارة نجران ثم كاتبا للبرقيات في ديوان الملك عبدالعزيز آل سعود في الرياض. انتقل بعد ذلك إلى وزارة الدفاع والطيران ليكون رئيسا لمكتب الوزير الأمير منصور بن عبدالعزيز آل سعود ، ثم عين بعد ذلك مديرا لوزارة الدفاع والطيران. تصميم عل (الذيب) لـ محمد سلطان بن مرخان الكتبي - YouTube. وفي عام 1955 م صدر الأمر الملكي القاضي بتعيينه وكيلا عاما لوزارة الدفاع والطيران والمفتشية العامة، واستمر في عمله إلى أن تم نقله إلى الديوان الملكي عام 1962 م رئيسا لمكتب الشؤون الإسلامية إلى أن تقاعد. وبعد التقاعد من العمل الحكومي شغل الشيخ محمد بن صالح منصب مدير عام لشركة اسمنت اليمامة السعودية المحدودة عام 1963 م وعمل فيها لمدة سنتين ، ثم شغل منصب مدير عام شركة كهرباء الرياض وضواحيها لمدة عامين أيضا ، بعدها استقال ليتفرغ لإدارة مشاريعه الخاصة.
محمد بن سلطان المقيمي
ولحبه لمسقط رأسه فقد أسهم في تطوير بلدة حريملاء، وذلك ببناء دار الجماعة للاحتفالات مع عدد من المساهمين من أهل القرية، إضافة إلى مقر نادي الشعيب الرياضي، وخلال تلك الفترة شغل -رحمه الله- عديدا من المناصب. المناصب التي شغلها
انتخب الشيخ محمد بن صالح بالإجماع كأول رئيس للمجلس البلدي لمدينة الرياض، وهي وظيفة فخرية استشارية بالانتخاب ومدتها ثلاث سنوات. وقد جددت دورتين متتاليتين من عام (1390 – 1396هـ). عمل عضواً في هيئة تطوير مدينة الرياض، وكان رئيسا للمجلس البلدي لمدينة الرياض، وهو منصب فخري لمدة ست سنوات. عمل عضواً في مجلس إدارة البنك الزراعي العربي السعودي، كما كان عضواً في مجلس إدارة شركة الغاز والتصنيع. عمل نائباً لرئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للطوب الرملي، كما كان عضوا فاعلا في مجلس إدارة جمعية البر بالرياض، وكان أيضا عضواً مؤسساً للجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بمنطقة الرياض "إنسان". عمل عضواً بمجلس إدارة بنك الجزيرة، ثم رئيساً لمجلس إدارة البنك لدورتي (1989م – 1994م)، أيضاً عمل كعضو مؤسس بشركة القصيم الزراعية. محمد بن سلطان القاسمي. كان -رحمه الله- من المؤسسين في مجلس إدارة مؤسسة اليمامة الصحافية، ثم انتخب رئيساً لمجلس الإدارة، حيث تكرر انتخابه كرئيس لمجلس الإدارة على مدى 20 عاماً حتى وفاته (1404هـ - 1424هـ).
شهادة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة في العلوم الإنسانية،وذلك تقديراً لجهوده المضنية في خدمة مجالات التعليم والبحث العلمي والفنون، القاهرة، مصر، 2009م. الدكتوراه الفخرية في الفلسفة جامعة توبنجن، اعترافاً بدعمه المستمر للبحوث في مجالات بحوث ما بين التاريخ والآثار وتاريخ الشعوب، توبنجن، ألمانيا، 2006م. الدكتوراه الفخرية في الآداب (الدراسات العربية الإسلامية) ، جامعة إكسيتير، إكسيتير، المملكة المتحدة، 1993م. الدكتوراه الفخرية من جامعة كانازاوا، تقديراً لإسهاماته الأكاديمية والتربوية، كانازاوا، اليابان، 2010م. الدكتوراه الفخرية في الفنون والآداب والفلسفة والدراسات الإنسانية من جامعة باريس ديدرو، باريس، فرنسا، 16 مارس 2012م. الدكتوراه الفخرية من أكاديمية العلوم القومية، يريفان، جمهورية أرمينيا،2005م. العضويات الفخرية
مرتبة الزمالة الشرفية من الكلية الملكية الإنجليزية للجراحيين، لندن، بريطانيا، 12 نوفمبر 2009 م. الرئيس الفخري للمؤسسة الدولية لتاريخ العلوم عند العرب والمسلمين، 2008 م. سلطان بن محمد. الرئيس الفخري للجمعية المصرية للدراسات التاريخية، 2001 م. الرئيس الفخري لاتحاد الجامعات العربية، 2009 م.