فكذلك هذا الغذاء الروحانىّ لا بدّ أن تكون أنت المتناول له بنفسك وحينئذ يعطيه اللّه لك فما أعمى أكثر الناس عن إقامة هذه النشأة الروحانيّة بهذا الغذاء الإلهيّ عن هذا العمل الشرعىّ وقد علمنا قطعا أنّ الجسم يحشر يوم القيمة على صورة عمله والنفس على صورة علمها فالسعيد من حسّن صورتيه وجمع بين كلمتيه فهذا هو الغذاء الّذي يحصل من جهة الأعمال. واعلم وفّقك اللّه وسدّدك أنّ كلّ محدث فلا بدّ له من غذاء يغتذي به فيه بقاؤه واعلم أنّ ميكائيل هو الأمين على الأرزاق والأغذية كلّها المحسوسة ويقابله منك الكبد فهو الّذي يعطى الغذاء الجميع البدن وكذلك إسرافيل يغذّى الأشباح بالأرواح وجبرائيل يغذّى الأرواح بالعلوم والمعارف. فكلّ موجود يكون بقاؤه مربوطا بأمر ما فذلك الأمر هو غذاؤه كالجوهر غذاؤه بالعرض فلا بقاء له دونه وكذلك الجسم بالتأليف وكذلك العقل ببعض العلوم الضروريّة وكذلك الهيولى بالصّور فلا يزال الروح القدسىّ متعطّشا لبقائه في وجوده وبقاؤه بالعلوم الإلهيّة فهي غذاؤه ولهذا قال اللّه تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم: "وقل ربّ زدني علما" ثمّ رآه في صورة الغذاء المحسوس على ما خرّجه البخارىّ في صحيحه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: رأيت كأنّى أتيت بقدح لبن فشربته حتّى خرج الرىّ من أظافيرى ثمّ أعطيت الفضل عمر قالوا: فما أوّلته يا رسول اللّه قال العلم وشربه ليلة إسرائه ".
قصيدة — في سحابة على متن التّمني .. شفت عمري خيالٍ في...
وتفكّر في حرّ القيمة وعطشها وطرد الناس عن الحوض وإلجام العرق فأمثال هذا ينبغي أن يكون غذاء نفسك في هذا الفصل فإنّه يلائمه للالتحاق بالعالم السعادىّ هذه حالة جيّدة. وأمّا زمان الخريف وهو الفصل الثالث فهو بارد يابس وهذا طبع الموت فينبغي أن يكون الغالب عليك في هذا الفصل في غذائك التفكّر في الموت وسكراته وغمراته وهل يختم لك بالتوحيد أو بالشرك ، وما تلقاه من خصميك ومن نزع الملك روحك الطيّبة أو الخبيثة وهل يفتح لك باب السماء أو لا وهل تكون عند موتك في علّيّين أو في سجّين وأنّ ذلك أوّل موطن من ولادة الآخرة وأنّ الدنيا اليوم حاملة بك وهذا الجسم كالمشيمة للمولود وبالموت تقع الولادة لهذا قال: " وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً". وكذلك أنت اليوم بالإضافة إلى ما يفتح لك من علوم الآخرة وما تعاينه وما أعدّ اللّه لعبيده من الوعد والوعيد فمثل هذا الفكر يكون الغالب عليك في زمان الخريف. وأمّا زمان الشتاء فإنّه بارد رطب وهو طبع البرزخ فينبغي أن يكون غذاؤك في هذا الزمان التفكّر في البرزخ بين المنزلتين هل أنت ممّن يعرض على النار غُدُوًّا وَعَشِيًّا كآل فرعون أو ممّن يعرض على الجنان تعلف من رياض الجنّة وتتبوّأ منها حيث شئت كالمؤمنين ، وتفكّر في الحسرة المستصحبة لك في البرزخ على ما ضيّعت من الأنفاس والأوقات إمّا في المخالفات أو في المباحات فتتمنّى في ذلك الوقت أن يردّك اللّه إلى الدنيا وليس ذلك التمنّى بنافع وليس اللّه برادّك فتكثر حسراتك وتتوالى عليك زفراتك.
في سحابة على متن التّمني..
شفت عمري خيالٍ في سحابه..
يا ذهابه تعّدى ما أرجهن..
كنّ عامه نهارٍ يا ذهابه..
خالد الفيصل
شعر
قصيدة
أبيات
محمد عبده
ابو نوره
السحاب
1 إجابة واحدة
مراتب الدين الثلاث هما:
المرتبة الاولي:الاسلام. المرتبةالثانية: الايمان. المرتبة الثالثة:الاحسان. تم الرد عليه
فبراير 2، 2020
بواسطة
Reham murad
( 480 نقاط)
report this ad
الإيمان
مقالات متعلقة
تاريخ الإضافة: 10/6/2020 ميلادي - 19/10/1441 هجري
الزيارات: 189954
مراتب الدين الثلاثة
(المحصول الجامع لشروح ثلاثة الأصول)
قال المصنف رحمه الله: (وَهو ثَلاثُ مَراتب: (الإسلام) و(الإيمان) و(الإحسان)). الشرح الإجمالي:
( وهو) أي: دين الإسلام الخاص الذي بُعِث به محمد صلى الله عليه وسلم ، له ( ثلاث مراتب)؛ أي: منازل ودرجات، بعضها أكمل وأعلى من بعض، وهي: مرتبة ( الإسلام)، ( و) مرتبة ( الإيمان)، ( و) مرتبة ( الإحسان)، وأهل دين الإسلام لا يخلو حالهم من إحدى هذه المراتب، وقد ينتقل المسلم من مرتبة إلى مرتبة أعلى منها، أو أدنى منها على قدر طاعته لله، وأول تلك المراتب الإسلام، وأوسطها الإيمان، وأعلاها الإحسان، ومن وصل إلى العليا فقد وصل إلى ما قبلها، فالمحسن مؤمنٌ، والمؤمن مسلم، وأما المسلم فلا يلزم أن يكون مؤمنًا [1]. الشرح التفصيلي:
ذكر المصنف فيما سبق تعريف دين الإسلام بمعناه العام، وأراد هنا بيان دين الإسلام الخاص، وهو المراد في قوله: (الأصل الثاني: معرفة دين الإسلام)؛ أي: معرفة دين الإسلام الخاص الذي بُعث به النبي محمد صلى الله عليه وسلم، المتضمن لجميع ما أَمر به، ونهى عنه، ودعا إليه، وهذا الدين له ثلاث مراتب، هي:
الأولى: مرتبة الأعمال الظاهرة، وتُسمى الإسلام.
مراتب الدين الثلاثة
فإن أردنا تعريف الإيمان تعريفًا عامًّا دون اقترانٍ بذكر الإسلام، فهو ما ذكره المصنف -رحمه الله تعالى - أنه بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان، فالإيمان الشرعي: قول وعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، ويزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فدخل فيه جميع المأمورات، من الواجبات والمستحبات، ودخل فيه ترك جميع المنهيات، سواء كان ذلك المنهي ينافي أصول الدين بالكلية أو لا، فإن تعريفه المذكور يشمل ذلك، فما من خصلة من خصال الطاعات إلا وهي من الإيمان، ولا ترك محرَّم من المحرمات إلا وهو من الإيمان [19]. فالإيمان يشمل أربعة أشياء:
الأول: التصديق بالقلب، وهذا الإقرار من الإيمان. الثاني: الإقرار باللسان، وهو التلفظ به. الثالث: أعمال القلوب، من الخشية والخوف والرغبة والرهبة والمحبة والرجاء. الرابع: أعمال الجوارح، مثل الصلاة والزكاة والصيام والزكاة والحج [20]. ماهي مراتب الدين الثلاثة - إسألنا. إذًا: الإيمان: قول وعمل، قول القلب وقول اللسان، وعمل القلب وعمل الجوارح، وعلى هذا تواطأت كلمات السلف، فمهما اختلف لفظها وتنوع تعبيرها، فإنها ترجع إلى أن الإيمان قول وعمل [21].
ماهي مراتب الدين الثلاثة - إسألنا
ثم قال سبحانه وتعالى: (قَائِماً بِالْقِسْطِ) هذه من حيث الإعراب حال من الضمير في قوله: (إِلَّا هُوَ)، فيكون قد شهد الله سبحانه وتعالى لنفسه في هذه الآية بأمرين: شهد لنفسه بالإلهية، وشهد لنفسه بأنه سبحانه وتعالى قائمٌ بالقسط، وقيامه بالقسط أي: بالعدل. فهو سبحانه وتعالى القائم على كل نفس بما كسبت، القائم بنفسه المقيم لغيره جل وعلا، وهذا الإعراب أحسن من قولنا في قوله: (قَائِماً بِالْقِسْطِ): إنه حال من لفظ الجلالة (الله)؛ لأن هذا الإعراب الذي قدمناه أشمل في المعنى، فيكون: شهد الله، وشهدت الملائكة، وشهد أولو العلم لله بأمرين: بالإلهية، وأنه سبحانه وتعالى قائمٌ بالقسط. ثم كرر إفراده بالإلهية بقوله: (لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ)، والتكرار لتأكيد الشهادة المتقدمة، وليتلفظ بها القارئ انفراداً، فيكون من الشاهدين؛ لأن مقدم الآية خبر عن شهادة غيره: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ [آل عمران:18]، وهل قراءة هذه الشهادة تحصل بها الشهادة من القارئ؟ الجواب أنها لا تحصل ولذلك كررت كلمة التوحيد ليتلفظ بها القارئ حتى يدخل في زمرة أولي العلم، فقال: لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ سبحانه وتعالى، هو (عزيز) فيمتنع من أن يكون له شريك، و(حكيم) فلا يمكن أن يسوى غيره به سبحانه وتعالى في شيء مما يختص به.
ما هي مراتب الدين الثلاثة ترتيبا تصاعديا - إسألنا
الحقول الإلزامية مشار إليها بـ * التعليق الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
شاهد أيضاً
إغلاق
كتاب للتحميل (نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي – د. عبد الكريم بكار)
الأثنين 28 ربيع الثاني 1439ﻫ 15-1-2018م
[1] ينظر: حاشية ثلاثة الأصول، عبدالرحمن بن قاسم (47)، وتيسير الوصول شرح ثلاثة الأصول، د. عبدالمحسن القاسم (120). [2] ينظر: شرح ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ (130)، وتعليقات على ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالله العصيمي (32). مراتب الدين الثلاثة. [3] ينظر: مفتاح دار السعادة، لابن القيم (1/ 444) مطبوعات المجمع، وتعليقات على ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالله العصيمي (32). [4] الشرح الصوتي: (تعليقات على ثلاثة الأصول)، صالح بن عبدالله العصيمي، برنامج مهمات العلم السابع بالمسجد النبوي 1437هـ. مرحباً بالضيف
يعني: لا إله يقصد بشيء من العبادة وهو مستحق لها وأهل لتلك العبادة إلا الله، فإنه هو المستحق للعبادة دون غيره: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [الحج:62]. قال المؤلف رحمه الله: [ (لا إله) نافياً جميع ما يعبد من دون الله (إلا الله) مثبتاً العبادة لله وحده]، وهذا يفيدنا أن التوحيد لا يحصل ولا يتم إلا بركنين: إثبات ونفي. فالنفي هو في (لا إله)، نفي لجميع ما يعبد من دون الله تعالى، والإثبات في (إلا الله)، إثبات لإلهيته وحده لا شريك له، وتأمل وانظر فيما ذكره الله عز وجل في كتابه من آيات التوحيد، تجد أنها سائرة على هذا النسق، فلابد من ذكر نفي وإثبات؛ لأنه بذلك يحصل كمال التوحيد. قال المؤلف رحمه الله: [لا شريك له في عبادته، كما أنه لا شريك له في ملكه]. وهذا كالدليل لما تقدم ذكره من تقدير في قوله: (لا معبود بحق إلا الله)، فالشيخ رحمه الله يقول: وجه هذا التقدير أنه لا يستحق العبادة إلاّ الله، كما أنه ليس له شريك في ملكه، وهذا استدلال بتوحيد الربوبية على توحيد الإلهية. قال المؤلف رحمه الله: [وتفسيرها] -الضمير يعود إلى شهادة ألا إله إلا الله- الذي يوضحها -أي: يبينها ويجليها- قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ [الزخرف:26-27]، فـ(إِذْ) ظرف لما مضى من الزمان، ولابد له من متعلق، ومتعلقه في مثل هذا السياق (اذكر)، يعني: اذكر إذ قال إبراهيم لأبيه وقومه: (إِنَّنِي بَرَاءٌ) و(براء): مصدر يستوي فيه المفرد والجمع، والمراد من ذلك: إنني بريء.