والآن قد تبيَّن الفريق الذي كان يُقاتل الحسين (عليه السلام) من الفريق الذي ينصره، بأدلَّةٍ من كتب القوم، وصار الأمر واضحًا وبيِّنًا أنَّ الشيعة هم من نصروا الحسين (عليه السلام) وأن بني أميَّة وأشياعهم هم من قتل الحسين (عليه السلام)، ولم يقف الأمر عند هذا الحد وإنَّما استمرَّ حتَّى بعد مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) عندما ثار المطالبون بثأره وكانوا ينادون يا لثارات الحسين، فيجيبهم أنصار بني أميَّة قائلين: يا لثارات عثمان([3]). وإلى هنا عزيزي القارئ قد تبيَّن القاتل الحقيقي للحسين (عليه السلام) بالنقل الحي لصورةٍ من صور المعركة، وكذلك الجهة التي ينتمي إليها ويُنادي بأحقيتها، على أنَّ نداءاته لم تكن عفويةً أو موجَّهة من لدن مجموعةٍ من الناس حتَّى يمكن الحكم عليهم بالجهل، وإنَّما كان على اعتقادٍ وإيمانٍ راسخ بأنَّهم على المهنج القويم المستند على دين عثمان وآل أبي سفيان، بحيث يُباهل ويدعو على الكاذب ثمَّ يبارز على أساس هذا المدَّعى، ولكنَّ الله تعالى خذله ناصرًا من يدعو إلى دين عليِّ بن أبي طالبٍ (عليه السلام). جعلنا الله تعالى وإيَّاكم من المتمسكين بنهج أمير المؤمنين عليٍّ وأولاده (عليهم السلام).
- من قتل الحسين بن علي مؤسسات المجتمع
- موسوعة تاريخ الخلفاء-تاريخ الخلفاء - نوبليس النيل
من قتل الحسين بن علي مؤسسات المجتمع
تلك الكتب التي تحكي وتبين لنا هوية القوم الذي غدروا بالحسين بن علي وقتلوه، كتب لم تسود صفحاتها بأيدي علماء السنة ليقول قائل إن ذلك ليس بحجة عليه ويجد بالتالي، بناء على ذلك، مدخلا للطعن فيها. استخراج الحقيقة من بطون كتب الشيعة الرافضة وأنا هنا سأعرض لمجموعة من النصوص من كتب الشيعة الجعفرية ومراجعهم تبين من المسئول حقيقة عن قتل الحسين بن علي ومن كان ضالعا في خيانة آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يقول السيد محسن الأمين، وهو أحد مراجع الشيعة الجعفرية المعتبرين، في كتابه أعيان الشيعة " بايع الحسين عشرون ألفاً من أهل العراق ، غدروا به وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهم وقتلوه " ( أعيان الشيعة 34:1). ما معنى هذا الكلام؟، معناه أن من دعا الحسين بن علي، وهو بمكة، ليبايعوه خليفة وإماما هم أهل العراق، حيث كان معقل أنصار علي بن أبي طالب وابنه الحسن رضي الله عنهم، ويتأكد لنا هذا عند السيد محسن الأمين، حينما يبين لنا حال العراق، وانه كان معقل التشيع لعلي وأبنائه في موضع آخر من كتابه صفحة 25 الجزء الأول: " ولما سكن علي ع العراق تشيع كثير من أهل الكوفة والبصرة وما حولهما ". من قتل الحسين بن علي مؤسسات المجتمع. بل إن السيد محسن الأمين يعترف في نفس كتابه( الصفحة 34، الجزء 1) أيضا، أن أهل العراق هم من خذل الحسن بن علي حتى دفعوه ليوادع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم جميعا ويقول: "… ولم يزل صاحب الأمر في صعود كؤود ( ويقصد هنا علي بن أبي طالب) حتى قتل فبويع الحسن ابنه وعوهد ثم غدر به وأسلم ووثب عليه أهل العراق حتى طعن بخنجر في جنبه وانتهب عسكره وعوجلت خلاخل أمهات أولاده فوادع معاوية وحقن دمه ودم أهل بيته… ".
الهوامش:
([1]) تاريخ الطبري - تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري: 5/435. ([2]) تاريخ الطبري - تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري: 5/431. ([3]) المصدر نفسه: 6/50.
– عامر بن شراحيل الشعبي (ت 103 هـ). وهو محدث ثقة له كتاب المغازي. – عصام بن عمر بن قتادة (ت 119 هـ) وهو محدث ثقة. – محمد بن مسلم بن شهاب الزهري (ت124 هـ) وهو من كبار المحدثين في عصره. وغيرهم خلق كثيرون. كتاب موسى بن عقبة موسى بن عقبة (ت 140 هـ) وهو محدث ثقة من تلاميذ الزهري، وقد أثنى الإمام مالك على كتابه في المغازي وقال: إنه أصح المغازي. وقال يحي ابن معين: "كتاب موسى بن عقبة عن الزهري من أصح هذه الكتب". وقال الإمام الشافعي: "ليس في المغازي أصح من كتاب موسى بن عقبة مع صغره وخلوه من أكثر ما يذكر في كتب غيره". وقال الذهبي: "وأما مغازي موسى بن عقبة فهي في مجلد ليس بالكبير، سمعناها وغالبها صحيح ومرسل جيد، لكنها مختصرة تحتاج إلى زيادة بيان وتتمة". كتاب السيرة النبوية لابن إسحاق ومؤلفه هو محمد بن إسحق (ت151 هـ) من تلاميذ الزهري، إمام في المغازي لكن مروياته لا ترقي إلى درجة الصحيح بل الحسن بشرط أن يصرح بالتحديث لأنه مدلس، سيرته على الحسن والضعيف معاً. وقد قال ابن عدى "وقد فتشت أحاديث فلم أجد في أحاديثه ما يتهيأ أن يقطع عليه بالضعف، وربما أخطأ أو يهم، كما يخطئ غيره، ولم يتخلف في الرواية عنه الثقات والأئمة وهو لا بأس به" قال الدكتور أكرم ضياء: «وهذه الشهادة عظيمة الأهمية لا لمكانة ابن عدي ولتشدده في التوثيق فقط، بل لأنها مبنية على سبر الروايات وليس على نقل أقوال النقاد القدامى فقط والتي تدور حول اتهام ابن إسحق بالقدر وبالتشيع والتدليس وبالتصحيف»[4].
موسوعة تاريخ الخلفاء-تاريخ الخلفاء - نوبليس النيل
حب المؤمن لرسول الله صلى الله عليه وسلم جزء من الإيمان، وهو ينبع من اعترافنا بفضله ومن تقديرنا لرسالته التي أخرجنا الله بها من الظلمات إلى النور، ومن فهمنا العميق لقوله تعالى: { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}(التوبة:).. فيكون وزن الإيمان في قلب الإنسان مرتبطا بقدر حبه للرسول صلى الله عليه وسلم، فمن كان لله ورسوله أحب كان إيمانه أعمق وأعلى وكان أكثر تذوقا من غيره لحلاوة هذا الإيمان. وكل محب يسعد ويفرح بذكر محبوبه وسماع سيرته والحديث عنه، فكيف إذا كانت هذه السيرة في حد ذاتها عبادة واستعراضها سعادة، وقراءتها ومدارستها زيادة وريادة؟
وإذا كانت كل دراسة تشرف بشرف موضوعها، فإن دراسة السيرة النبوية تعد من أشرف العلوم حيث يكون موضوعها محمدا صلى الله عليه وسلم في قوله وفعله وتقريره وصفته.. بل وسلوكه في حياته من حركاته وسكناته ونومه ويقظته. وإذا كان لكل دراسة هدف وغاية، فهدف دراسة السيرة النبوية الأعظم والأهم هو التأسي بما كان عليه صلوات الله وسلامه في كل شأنه.. عملا بقوله تعالى: { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخ ر}(الأحزاب:).
• بَصره: ﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾ [النجم: 17]. • صَدره فقال: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ [الشرح: 1]. • طُهره فقال: ﴿ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ﴾ [الشرح: 2]. • صِدقه فقال: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾ [النجم: 3]. • خُلقه فقال: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]. • ذِكره فقال: ﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ [الشرح: 4] قال حسان شاعر النبي صلى الله عليه وسلم:
وضَمَّ الإلَه اسمُ النبي إلى اسمهِ
إذا قَال في الخمسِ المؤذن: أشهدُ
وشَقَّ لَه من اسْمه ليُجلَّه
فذُو العرشِ محمودٌ وهذا محمد [12]
وكما زكَّاه فيما سبق زكَّاه أيضًا في نسبه فقال صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ" [13]. المقصد الثاني: مقصدُ سدِّ ذريعة القدح في الرسول صلى الله عليه وسلم:
ولذلك سأل هرقل أبا سفيان عن نسب النبي صلى الله عليه وسلم فأجاب: "هو فينا ذو نسب" [14] ، فلم يجد أبو سفيان ذريعة للقدح فيه ولو وجدها لفعل لعزمه على القدح في النبي صلى الله عليه وسلم والكذب عليه كما صرح بنفسه، ثم قال هرقل: "وكذلك الرسل تبعث في أنساب قومها"، وقال أبو سفيان لمَّا خرج من عند هرقل: " لقد أُمِرَ أمْرُ ابن أبي كبشةَ" و ابن أبي كبشةَ هو الجد الأعلى لأم النبي صلى الله عليه وسلم فنسبه إلى جد غامضٍ تحقيرًا له.