وترتب على ذلك أن كثر أعداؤه وحاسدوه الذي كانوا يدسون عليه ويكيدون له. وقد كان - رحمه الله - كريمًا جوادًا. توفي بالقاهرة يوم الجمعة لتسعة أيام بقيت من صفر 702هـ، بعد أن عمّر 77 عامًا. وقد دُفن يوم السبت، وكان يومًا مشهودًا وقف فيه جيش مصر ينتظر الصلاة عليه. آثاره العلمية
ترك القاضي ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى - الكثير من المؤلفات العلمية في الحديث وعلوم الفقه، ما زالت تعتز بها المكتبة العربية حتى يومنا هذا. من هذه المؤلفات: كتاب الإلمام الجامع لأحاديث الأحكام، الإلمام في الأحكام في عشرين مجلدًا، وشرح لكتاب التبريزي في الفقه، وفقه التبريزي في أصوله. كما شرح مختصر ابن الحاجب في الفقه، ووضع في علوم الحديث كتاب الاقتراح في معرفة الاصطلاح. وله تصانيف في أصول الدين. كما كان ابن دقيق العيد خطيبًا بارعًا، وله ديوان شعر ونثر لا يخرج عن طريقة أهل عصره الذين عرفوا بالسجع والمحسنات البديعية. نقلا عن موقع قصة الإسلام (بتصرف). تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز
شرح مختصر ابن الحاجب لابن دقيق العيد
وقد ترتب على ذلك أن كثر أعداؤه وحاسدوه الذي كانوا يدسون عليه ويكيدون له، وقد أورد كثير من المؤرخين مواقف مشرفة، تشيد له بالنزاهة والأمانة في عدله بين الناس. وقد وضع الأستاذ عبد المتعال الصعيدي ابن دقيق العيد على رأس المجددين في الإسلام في القرن السابع الهجري، فيقول: "ولابن دقيق العيد لفتة عابرة قد تدل على أنه كان فيه شيء من نزعة التشديد، وذلك أنه لما جاءت التتار إلى الشام في سنة 680هـ/ 1281م، ورد مرسوم السلطان إلى القاهرة بعد خروجه منها للقائهم أن يجتمع العلماء ويقرءوا صحيح البخاري، فاجتمع العلماء وقرءوه إلى أن بقي شيء منه، وكان هذا في يوم خميس، فأخروا ما بقي إلى أن يتموه يوم الجمعة. فلما كان يوم الجمعة رأوا ابن دقيق العيد في الجامع، فقال لهم: ما فعلتم ببخاريكم؟ فقالوا: بقي ميعاد أخرناه لنختمه اليوم. فقال: انفصل الحال من أمس العصر، وبات المسلمون على كذا. فقالوا: نخبر عنك. فقال: نعم. فجاء الخبر بعد ذلك.. وكان النصر فيه للمسلمين. وقد عدّ السبكي هذا من كرامات ابن دقيق العيد". لكن قول ابن دقيق العيد: ماذا فعل بخاريكم.. يريد منه أن النصر قد تم بما أمر الله بإعداده من قوة ومن رباط الخيل، وليس بقراءة البخاري ونحوه، على عكس ما فهم الإمام السبكي؛ لأن المسلمين تركوا الاعتماد على العلوم التي تمكنهم من إعداد ما أمرهم الله به من القوة الحربيَّة.
عقيدة ابن دقيق العيد
ت + ت - الحجم الطبيعي
بينما كان العالِم الفقيه علي بن وهب المعروف بمجد الدين القشيري يأخذ طريقه لأداء فريضة الحج في يوم السبت الخامس والعشرين من شهر شعبان سنة 625هـ على ظهر إحدى السفن، وبصحبته زوجته كريمة الشيخ الزاهد الورع مفرح الدماميني، وضعت زوجته غلامًا، فرفع مجد الدين القشيري يده إلى السماء شاكرًا حامدًا نعمة الله عليه. غلب عليه لقب ابن دقيق العيد، وهو لقب جده الأعلى الذي كان ذا صيت بعيد بين أهل الصعيد، وقد لقب كذلك؛ لأن هذا الجد كان يضع على رأسه يوم العيد طيلسانًا أبيض شديد البياض، فشبَّهه العامة من أبناء الصعيد لبياضه الشديد هذا بدقيق العيد. النشأة
نشأ ابن دقيق العيد في مدينة قوص التي كانت تشتهر في ذلك الوقت بمدارسها ونهضتها الثقافية، تحت رعاية والده مجد الدين القشيري، وعاش شبابه تقيًّا نقيًّا ورعًا طاهر الظاهر والباطن، فحفظ القرآن الكريم، وتفقه على مذهب الإمام مالك على أبيه، ثم تفقه على مذهب الإمام الشافعي على تلميذ أبيه البهاء القفطي. ودرس النحو وعلوم اللغة على الشيخ محمد أبي الفضل المرسي، وشمس الدين محمود الأصفهاني، ثم ارتحل إلى القاهرة التي كانت في ذلك الوقت مركز إشعاع فكري وثقافي، فالتف حول العلماء، وأخذ عنهم في كل علم وفن.
ابن دقيق العيد شرح الأربعين النووية
لقب ابن دقيق لُقب ابن دقيق العيد بهذا اللقب نسبة إلى لقب جده الأعلى الذي كان ذا مكانة مرموقة بين أهل الصعيد، وقد لقّب جدّه بهذا اللقب؛ لأنّه كان يضع على رأسه قلنسوة بيضاء في نهار العيد، فلقبه العامّة بدقيق العيد. مكانة ابن دقيق العلمية عُرف ابن دقيق العيد ببراعته العلمية، فقد كان جامعاً للعلوم، وبارعاً بالفنون، كما أنّه تميّز بنبوغه من في جميع العلوم الشرعية، وبخاصّة في علل الحديث، حيث انفرد بهذا العلم عن أقرانه، وقد برع في حسن استنباطه للأحكام والمعاني الختلفة من القرآن الكريم والسنة، كما أنّه برز في العلوم النقلية والعقلية، وقد جعله ذلك من أشهر العلماء في عصره. شيوخ ابن دقيق العيد تتلمذ ابن دقيق العيد على يد العديد من العلماء في عصره، فحفظ القرآن وسمع الحديث من والده الشيخ مجد الدين القشيري، والحافظ المنذري، وقاضي القضاة أبي الفضل يحيى ين محمد القرشي، والحافظ أبي الحسين العطار، وغيرهم، وقد أخذ علمه، وتفقّه على مذهب الأمام مالك، ثمّ تفقه في مذهب الإمام الشافعي، كما أنه درس اللغة العربية والنحو على يد ابن أبي الفضل المرسي. مؤلفات ابن دقيق العيد ألف ابن دقيق العيد العديد من المؤلفات في العلوم الدينيّة المختلفة، ومن أشهر هذه الكتب الإلمام لأحاديث الأحكام؛ وهو مصنّف يقع في عشرين مجلداً، وكتاب الاقتراح في معرفة الإصلاح؛ وهو كتاب في علوم الحديث؛ كما أنه قدم العديد من الشروح لبعض الكتب ومن أهمّها كتاب التبريزي في الفقه، ومختصر ابن حاجب، ومقدمة المطرزي في أصول الفقه، وغيرها.
وفي القاهرة درس الحديث النبوي في دار الحديث الكاملية، وهي المدرسة التي بناها صلاح الدين الأيوبي بجوار قبة الإمام الشافعي، ولما كان شيخًا قد تضلّع في الفقه وأحاط بمسائله في المذهبين المالكي والشافعي؛ فقد قام بتدريسهما في المدرسة الفاضلية.
وقد عُرف بغزارة علمه وسعة أفقه، فذاع صيته بين الناس، حتى إن والي قوص أسند إليه منصب القضاء على مذهب الإمام مالك. ثم اتجه بعد ذلك إلى القاهرة، وقام فيها بالتدريس بالمدرسة الفاضلية، والكاملية، والصالحية، والناصرية، وكان ثقة في كل ما يقول أو يشرح حتى بلغ في النفوس مكانة سامية مرموقة. وقد وصفه كثير من المؤرخين وكتّاب التراجم والطبقات كالسبكي وابن فضل الله العمري والأدفوي وغيرهم: بأنه لم يزل حافظًا للسانه، مقبلاً على شأنه.. وقف نفسه على العلوم وقصدها، فأوقاته كلها معمورة بالدرس والمطالعة، أو التحصيل والإملاء. قال الأدفوي في طالعه السعيد: "كان له قدرة على المطالعة، رأيت خزانة المدرسة النجيبية بقوص فيها جملة كتب من جملتها عيون الأدلة لابن القمار في نحو ثلاثين مجلدة وعليها علامات له، وكذلك رأيت في المدرسة السابقية السنن الكبير للبيهقي على كل مجلدة علامة له أيضًا. ويقال إنه طالع كتب المدرسة الفاضلية بالقاهرة عن آخرها. وقد كان دأبه أن يقضي الليل في المطالعة والعبادة، فكان يطالع في الليلة الواحدة المجلد أو المجلدين، وربما تلا آية واحدة من القرآن الكريم فكرَّرها حتى مطلع الفجر. استمع له بعض أصحابه ليلة وهو يقرأ فوصل إلى قوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: 101].
وشرا لا خير فيه هو جهنم. دروس وعبر من حادثة الإفك. فأما البلاء النازل على الأولياء فهو خير ؛ لأن ضرره من الألم قليل في الدنيا ، وخيره هو الثواب الكثير في الأخرى. فنبه الله تعالى عائشة وأهلها وصفوان ، إذ الخطاب لهم في قوله لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم ؛ لرجحان النفع والخير على جانب الشر. الثالثة: لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعائشة معه في غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع ، وقفل ودنا من المدينة آذن ليلة بالرحيل قامت حين آذنوا بالرحيل فمشت حتى جاوزت الجيش ، فلما فرغت من شأنها أقبلت إلى الرحل فلمست صدرها فإذا عقد من جزع ظفار قد انقطع ، فرجعت فالتمسته فحبسها ابتغاؤه ، فوجدته وانصرفت ، فلما لم تجد أحدا ، وكانت شابة قليلة اللحم ، فرفع الرجال هودجها ، ولم يشعروا بنزولها منه ؛ فلما لم تجد أحدا اضطجعت في مكانها رجاء أن تفتقد فيرجع إليها ، فنامت في الموضع ولم يوقظها إلا قول صفوان بن المعطل: إنا لله وإنا إليه راجعون ؛ وذلك أنه كان تخلف وراء الجيش لحفظ الساقة. وقيل: إنها استيقظت لاسترجاعه ، ونزل عن ناقته وتنحى عنها حتى ركبت عائشة ، وأخذ يقودها حتى بلغ بها الجيش في نحر الظهيرة ؛ فوقع أهل الإفك في مقالتهم ، وكان الذي يجتمع إليه فيه ، ويستوشيه ، ويشعله عبد الله بن أبي بن سلول المنافق ، وهو الذي رأى صفوان آخذا بزمام ناقة عائشة ، فقال: والله ما نجت منه ، ولا نجا منها ، وقال: امرأة نبيكم باتت مع رجل.
دروس وعبر من حادثة الإفك
وإنما حد هؤلاء المسلمون ليكفر عنهم إثم ما صدر عنهم من القذف حتى لا يبقى عليهم تبعة من ذلك في الآخرة ، وقد قال: صلى الله عليه وسلم - في الحدود إنها كفارة لمن أقيمت عليه ؛ كما في حديث عبادة بن الصامت. ويحتمل أن يقال: إنما ترك حد ابن أبي استئلافا لقومه ، واحتراما لابنه ، وإطفاء لثائرة الفتنة المتوقعة من ذلك ، وقد كان ظهر مبادئها من سعد بن عبادة ومن قومه ؛ كما في صحيح مسلم. والله أعلم.
بل يكفي أن نستحضر أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أهل الكوفة: "علموا نساءكم سورة النور"، وهي نفس الصيغة الواردة عن السيدة عائشة رضي الله عنها، وفي هذا دليل واضح على أن السورة التي استنجد بها الوزير للدفاع عن نفسه، تحمل دليل إدانة تصرفاته.. وأنا هنا أتحدث من موقع الباحث الذي قضى سنوات في دراسة هذه السورة الفريدة من نوعها في القرآن.