حكم تعلم السحر وتعليمه
الحمد لله الكريم المنان، مبطل عمل السحرة، والمنجِّمين، والعرَّافين، والكهَّـان،
أعوان الشياطين، المفسدين لعقائد الجهلة من الرجال والنسوان، المخالفين لشريعة خير
الأنام، محمد بن عبد الله، الذي حذر من إتيان السحرة، والكهان، وتصديق أولياء
الشيطان، القائل: ( من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما
يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) 1. صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً. حكم تعلم حل وفك السحر عن المسحور. أما بعد:
فقد جاء الإسلام ليحفظ للناس دينهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم وعقولهم، وجعل هذه
الضرورات الخمس قواعد الخلق في رعاية مصالحهم ودفع مضارهم، فحرّم كل اعتداء عليها،
فحرم الكفر والردة لإخلالها بأصل الدين، وحرم قتل النفس بغير حق، وحرّم الاعتداء
على الأموال والأعراض والأنساب، وحرّم الاعتداء على العقول بكافة أنواع المسكرات
الحسية والمعنوية. والسحر لم يأت على قاعدة من هذه القواعد إلا وأفسدها، فالسحر والكفر قلما يفترقان،
والسحر سبيل لتبذير المال وتضييعه، وهو مفسد للذرية بتفريق رباط الأسرة، وهو مدخل
للزنا والاعتداء على الأعراض؛ وهو كذلك سبيل لاغتيال العقول وطمسها، فلا غرو حينئذ
أن يقف الإسلام من السحر وأهله موقفا صارماً فقد حرم تعلمه وتعليمه، وأوجب كف
الساحر عن سحره، وإقامة الحد عليه تطهيرا للمجتمع من شره ودجله، وحرم على الناس
الذهاب إلى السحرة والاستعانة بهم 2.
- حكم تعلم حل وفك السحر عن المسحور
حكم تعلم حل وفك السحر عن المسحور
(١) انظر: معارج القبول للعلاّمة حافظ الحكمي رحمه الله (٢/٦٩٥). (٢) انظر: أضواء البيان للعلاّمة الشنقيطي رحمه الله (٤/٤٩٤).
وقال أيضاً: "أما حل السحر عن المسحور بسحر مثله فيحرم فإنه معاونة للساحر وإقرار
له على عمله وتقرب إلى الشيطان بأنواع القرب ليبطل عمله عن المسحور" 12. وعلى كل حال -عباد الله- سواء قلنا بكفر الساحر وتعليمه السحر أو لم نقل فإنه يجب
قلته؛ كما يقول ابن عثيمين: "والحاصل: أنه يجب أن تقتل السحرة، سواء قلنا بكفرهم أم
لم نقل، لأنهم يمرضون ويقتلون، ويفرقون بين المرء وزوجه، وكذلك بالعكس، فقد يعطفون
فيؤلفون بين الأعداء، ويتوصلون إلى أغراضهم، فإن بعضهم قد يسحر أحداً ليعطفه إليه
وينال مأربه منه، كما لو سحر امرأة ليبغي بها، ولأنهم كانوا يسعون في الأرض فساداً،
فكان واجباً على ولي الأمر قتلهم بدون استتابة مادام أنه لدفع ضررهم وفظاعة أمرهم،
فإن الحد لا يستتاب صاحبه، متى قبض عليه وجب أن ينفذ فيه الحد". وقال أيضاً: "والقول بقتلهم موافق للقواعد الشرعية؛ لأنهم يسعون في الأرض فساداً،
وفسادهم من أعظم الفاسد، فقتلهم واجب على الإمام، ولا يجوز للإمام أن يتخلف عن
قتلهم، لأن مثل هؤلاء إذا تركوا وشأنهم انتشر فسادهم في أرضهم وفي أرض غيرهم، وإذا
قتلوا سلم الناس من شرهم، وارتدع الناس عن تعاطي السحر" 13. وخلاصة القول أن من اشتغل بتعليم وتعلم السحر فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله
عليه وسلم-، أي كفر بكتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- لما سبق من الأدلة
الصحيحة الصريحة في ذلك.