[١٦]
الحديث الموضوع هو الخبر الذي يختلقه الكذابون وينسبونه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - افتراء عليه، بلا إسناد حقيقي ولا سماع ولا رواية، وقد يعمد بعض المفترين إلى اصطناع إسناد مكذوب، لإيهام الناس بصحة الحديث، وهذا لا يعتبر اسنادًا يُبحث في اتصاله. [١٧]
من حيث ضبط الرواة
الضبط في علم مصطلح الحديث هو أن يكون الراوي متيقظا غير منفعل، متقناً للحفظ إن كان يحدث من ذاكرته، ضابطًا لكتابه إن كان يحدث قراءةً من كتابه، وأما إن كان يحدّث بالمعنى فإنه يشترط فيه بالإضافة لما سبق أن يكون متقناً للغة العربية وعالمًا بالفروق بين الألفاظ. [٥]
يشترط في جميع رواة الحديث الصحيح الضبط التام. [١٨]
يشترط في الحديث الحسن أن يتصف راويه بالقدر الكافي من الضبط لقبول حديثه، وليس بالقدر التام، وهذا يعني أنه أخف ضبطًا من رواة الحديث الصحيح. [١٩]
يحتمل أن يكون ضعفه ناتجًا عن اضطراب الضبط ويحتمل أن يكون لسبب آخر، وعلى ذلك فإن بعض أنواع الضعيف لا يتصف رواتها بالضبط، وذلك بسبب سوء الحفظ، أو الغفلة، أو كثرة الغلط والأوهام، أو الخرف بسبب الهرم. [٢٠]
الحديث الموضوع ليس له رواة في الواقع حتى يمكن وصفهم بالضبط، بل هو محض اختلاق وكذب.
تعريف الحديث الصحيح للاثقال
ويكون هكذا من فوقه ممن حدثه حتى ينتهي بالحديث موصولا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى من انتهى به إليه دونه " انتهى. فإذا اجتمعت هذه الشروط في الحديث فهو حديث صحيح باتفاق أهل العلم ، كما نقله ابن الصلاح رحمه الله. انظر: "المقدمة في علوم الحديث" (8) والذهبي في "الموقظة" (24). ثم إن من أهل العلم من نقص من هذه الشروط:
فقد قبل الإمام مالك وأبو حنيفة الحديث المرسل ، وهذا تنازل عن شرط الاتصال إلى منتهى الحديث. كما قبل بعض أهل العلم حديث المدلس ولو لم ينص على السماع. وقال الذهبي رحمه الله "الموقظة" (24): وزاد أهل الحديث سلامته من الشذوذ والعلة ، وفيه نظر على مقتضى أصول الفقهاء ، فإن كثيرا من العلل يأبونها. وانظر: "تدريب الراوي" (1/68-75، 155). والمقصود: أن اختلاف العلماء في تصحيح الأحاديث إنما يكون لسببين:
الأول: اختلافهم في بعض شروط الصحة ، وذلك أن من تنازل عن بعض هذه الشروط ، لا بد أنه سيصحح ما لا يصححه غيره. الثاني: اختلافهم في انطباق هذه الشروط على حديث معين. فقد يختلفون في عدالة بعض الرواة ، أو اتصال السند ونحو ذلك. واعلم أن ما سبق تقريره من شروط الحديث الصحيح ، قد اجتمع عليها أدلةٌ من الشرع ، وأدلةٌ من العقل ، وليست هذه الشروط تعبدية محضة ، بل معقولة المعنى ، ظاهرة المقصد ، وما هي إلا خلاصة لجهود آلاف العلماء ، وعصارة لأفكار أهل الحديث المتقدمين عبر سنوات التدوين الطويلة في القرون الثلاثة الأولى ومن بعدهم.
تعريف الحديث الصحيح لسنن
حجيّة الحديث الصحيح
اتفق الفُقهاء والمُحدثين والأُصوليين على حُجيّة الحديث الصحيح ووجوب العمل به، سواءً كان مُتواتراً أو رواه راوٍ واحد، وهذا من الأُمور البديهيّة الفطريّة، حيثُ يُعوِّل الإنسان في شؤونه على ما يصله من أخبار من إنسانٍ واحدٍ موثوق بصدقه، واتفق العُلماء على وُجوب العمل بالحديث الصحيح إن كان آحاداً في الحلال والحرام، وتعدّدت آراؤهم في العمل به في العقائد، والأصل العمل به؛ لأنّه حديثٌ صحيحٌ يُفيد العلم القطعيّ فيوجب الاعتقاد، وهو قول أهل السُّنة. [١٠]
ومما يدُلّ على وُجوب العمل به قوله -تعالى-: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) ، [١١] وكذلك قول النبيّ محمد -عليه الصلاةُ والسلام-: (عليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخلفاءِ الراشدِينَ الهادِينَ عَضُّوا عليها بالنواجِذِ) ، [١٢] [١٣] كما استدلّ العلماء بالآيات والأحاديث التي توجب طاعة النبيّ محمد -عليه الصلاةُ والسلام-، ووجوب اتّباع سُنته، والعمل بها، والأخذ بها. [١٤]
المراجع
↑ نور الدين عتر (1981)، منهج النقد في علوم الحديث (الطبعة الثالثة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 241-242. بتصرّف. ↑ محمد حسن عبد الغفار، شرح المنظومة البيقونية ، صفحة 2، جزء 3.
تعريف الحديث الصحيح +٦
[٩]
ومثالهُ: ما أخرجه عن الإمام أحمد -رحمه الله- قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن بهز بن حكيم حدثني أبي عن جدي -رضي الله عنهم أجمعين- قال: (قلتُ: يا رسولَ اللهِ من أبَرُّ؟ قالَ: أمَّكَ قالَ: قلتُ: ثمَّ مَن؟ قالَ: أمَّكَ قالَ: قلتُ: ثمَّ مَن؟ قالَ: أمَّكَ قالَ: قلتُ: ثمَّ مَن؟ قالَ: ثمَّ أباكَ ثمَّ الأقربَ فالأقربَ) ؛ [١٠] وهذا الحديث مُتَّصل السَّند، ولا يوجد فيه شذوذٌ ولا علَّةٍ، ولكن فيه بهز بن حكيم الذي قال عنه بعضُ العُلماء أنَّه خفيف الضَّبط. وبعض العُلماء جعل الحسن من أنواع الحديث الصَّحيح، وليس نوعاً مُنفرداً عنه، ولكن العمل عند أهل الحديث على أنَّه نوعٌ مُستقلٌّ؛ لأنَّه في مرتبةٍ أقل من الحديث الصَّحيح من حيث الاحتجاج به، [٩] وأمَّا تعريف الحديث الحسن عند المُتقدِّمين فهو: [١١]
الحديث الذي يكون أقل درجةً من الصَّحيح من حيث الإتقان والضَّبط في الرُّواة؛ كوجود الغلط والوهم، ولكن هذا الضَّبط لا يُسقِط الراوي من اعتبار روايته. الحديث الذي فيه نقصٌ من حيث الاتِّصال أو الضَّبط عند حدٍّ يُقبل عند ورود حديثٍ آخر يُؤيِّدُ معناه، ولا يُقبل به مُنفرداً، وهو ما يُسمَّى عند بعض المُحدِّيث بالحديث الحسن لغيره، أو الضَّعيف المُنجبر.
تعريف الحديث الصحيح الصف
ومن أراد الإطلاع على ذلك فليرجع إلى كتاب الخطيب البغدادي " الكفاية في علم الرواية ". والله أعلم.
بتصرّف. ↑ محمد العثيمين (2003)، شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث (الطبعة الثانية)، الرياض: دار الثريا للنشر، صفحة 44. بتصرّف. ↑ محمد المسند (1994)، فتاوى إسلامية (الطبعة الأولى)، الرياض: دار الوطن للنشر، صفحة 100، جزء 4. بتصرّف. ↑ صبحي إبراهيم (1984)، علوم الحديث ومصطلحه (الطبعة الخامسة عشر)، بيروت: دار العلم للملايين، صفحة 156، جزء 1. بتصرّف. ↑ نور الدين عتر (1981)، منهج النقد في علوم الحديث (الطبعة الثالثة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 244-247. بتصرّف. ^ أ ب عبد الله الجديع (2003)، تحرير علوم الحديث (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 893-895، جزء 2. بتصرّف. ↑ محمد الحلاق القاسمي، قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث ، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 106. بتصرّف. ↑ محمد أبو شُهبة، الوسيط في علوم ومصطلح الحديث ، مصر: دار الفكر العربي، صفحة 230. بتصرّف. ↑ مركز قطر للتعريف بالإسلام وزارة الأوقاف والشؤون الدينية - بقطر، التعريف بالإسلام ، صفحة 72. بتصرّف. ↑ نور الدين عتر (1981)، منهج النقد في علوم الحديث (الطبعة الثالثة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 266. بتصرّف. ↑ محمدأبو شُهبة، الوسيط في علوم ومصطلح الحديث ، مصر: دار الفكر العربي، صفحة 271-272.